صوت الضالع / متابعات
على أنقاض دولة محطمة، يصدح اليمنيون بـ”الأغاني” لصناعة الفرح والبهجة، ولمواجهة آلة الموت الذي يرسخها الحوثيون في الشمال.
وأبت مليشيات الحوثي إلا أن تغتال آخر مصدر لفرحة اليمنيين وذلك عقب تحريمها للغناء في الأعراس والمناسبات وتحريم العزف بالأدوات الموسيقية كافة واستهداف الفن ورموزه على غرار تنظيم “داعش” الإرهابي.
وتمثلت آخر خطوات مليشيات الحوثي بتلفيق تهمة “جريمة الغناء” لـ4 فنانين شعبيين بعد اعتقالهم وزجهم في معتقلاتها في محافظة عمران، والتي تبعد عن صنعاء بمسافة حوالي 50 كيلومترا تقريبا.
وجرى اختطاف 3 فنانين يوم الجمعة الماضي عقب اقتحام إحدى صالات الأعراس بمدينة عمران وذلك بعد أسبوع من مداهمة مماثلة طالت صالة أفراح أخرى بذات المدينة واعتقال أحد الفنانين بتهمة الغناء أو “الحرب الناعمة” كما تصفها مليشيات الحوثي المتشددة.
مصادر إعلامية ومحلية أكدت لـ”العين الإخبارية”، أن اقتحام صالات الأعراس واختطاف الفنانين نفذتها ما يسمى “شرطة الأخلاق” بأمر من ما يسمى مدير شرطة عمران القيادي المتطرف نائف أبو خرفشة، نجل شقيقة زعيم المليشيات الحوثية.
وبحسب المصادر فإن عناصر مليشيات الحوثي اقتادت الفنان الشعبي هاشم الشرفي والفنان محمد الدحيمي والموزع الموسيقي مبروك الدحيمي، وقبلها الفنان الشعبي بسام محسن إلى أحد معتقلاتها بمدينة عمران.
الزامل بديل عن الأغاني
هجمات مليشيات الحوثي على صالات الأفراح واعتقال الفنانين ليست هي الأولى ولن تكون الأخيرة، وتأتي في سياق حرب واسعة للمليشيات لتكريس ثقافة الموت في المجتمع اليمني.
كما تسعى مليشيات الحوثي لاستبدال أغاني الحياة بـ”زوامل” الحرب، وهو تراث يمني يستغله الحوثيون على نطاق واسع في التحشيد والتعبئة.
وكانت مليشيات الحوثي عقب اقتحام صالات الأفراح واختطاف الفنانين في عمران، هددت جميع أصحاب ومُلاك صالات الأفراح بإغلاق الصالات في حال تم تشغيل الأغاني، وأمرتهم بتشغيل “الزوامل” الحوثية.
يأتي ذلك بعد أيام من اجتماع عقده القيادي الحوثي المتشدد عبدالعزيز أبوخرفشة الذي يشغل منصب وكيل أول محافظة عمران الخاضعة للحوثيين مع مالكي قاعات الأفراح وأبلغهم بوجوب توجيه الفنانين والمنشدين خلال مشاركهم في إقامة الأعراس وسائر المناسبات الاجتماعية نحو أداء ما يعرف محليا بـ”الزامل” باعتباره نوع من الدعاية للحرب.
وسبق ذلك إصدار القيادي الحوثي نائف أبو خرفشة تعميما نص على “تحريم الأغاني” في الأعراس والمناسبات، واستبدالها بـ”الزوامل” وفرض غرامة مالية وحبس كل من يخالف هذه التوجيهات المتشددة.
لا غناء إلا بتصريح
وشهدت عمران الأعوام الماضية، سلسلة طويلة من الهجمات الحوثية على صالات الأفراح، منها منتصف عام 2021, عندما اقتحمت المليشيات بقوة السلاح حفلي زواج أحدهما ببلدة “حمدة” في مديرية ريدة والآخر بمديرية جبل يزيد ببلدة “بيت ذانب” واعتقلت 10 أشخاص ونقلتهم إلى معتقل ريدة بتهمة “تشغيل آلة الأورج والموسيقى”.
وقال فنانون في صنعاء والحديدة شمال وغرب اليمن لـ”العين الإخبارية”، إن مليشيات الحوثي منعتهم من إحياء أي حفلات زفاف أو مناسبات إلا بتصريح مسبق من الجهات الخاضعة للمليشيات.
ما يؤكد ذلك، ما حدث للفنان الشعبي في محافظة حجة علي خربي الذي اعتقله الحوثيون العام الماضي قبل أن يتم إطلاق سراحه بعد توقيعه وتعهده بعدم الغناء مجددا في الأعراس، كما امتدت حملات الاعتقالات الأعوام الماضية للفنان أصيل أبوبكر، والفنان يوسف البدجي فيما فر آخرون خارج اليمن.
وفي صنعاء، فرضت مليشيات الحوثي عام 2023 فرمانا يقضي يقضي بعدم السماح بإقامة أي احتفالات أو مناسبات إلا بتصريح من مكتب الثقافة بأمانة العاصمة، في خطوة تعكس سعيا حوثيا حثيثا نحو فرض مزيد من القيود والتضييق على المجتمع اليمني وتكريس ثقافة التطرف.
زر الذهاب إلى الأعلى