كتب/ العمرو حسان
حظيت الولايات المتحدة في دورتين رئاسيتين متتاليتين برئيسين مصابين بالزهايمر، الأول_ ترانب الذي عمل خلال فترة رئاسته على تنفيذ كل ما يتوهمه متجاوزا كثيرا من البرتكولات الدبلماسية، ولم يتورع أن يظهر كمهرج في سوق حراج أو كمراب جشع في طاولة قمار، ولا يهمه إلا جمع المال، بغرور مفرط، يدل عليه ترديده لعبارة (*من أراد أن يكسب ود أمريكا فليدفع*)، التي كررها في كثير من المواقف في فترة رئاسته، ويكررها اليوم بقوله إنه سيترك روسيا تدمر أي دولة من دول حلف الناتو لا تدفع.
ومن يدري ربما في فترة لاحقة سيقول إنه سيترك إيران تدمر أي دولة عربية لا تدفع ولا تسارع في التطبيع مع إسرائيل، طبعا هذا إذا استتب له الأمر في الانتخابات، ولم تحصل ردود أفعال زهايمرية أخرى من الطرف المنافس له تربك المشهد وتعقد الحسابات، وأظنها كذلك.
وكانت كل توجهاته السياسية تنم عن كبت شخصي ظهرت جلية في كثير من المواقف، فمثلا موقفه من حدود المكسيك ينبع من خيبات أمله الشخصية في فترات سابقة بسبب علاقاته التجارية في المكسيك التي منيت بخسائر في فترات سابقة من حياته فتكونت لديه عقدة انتقام غير محدودة، هذا بالضبط ما يعكسه تصرفه وليس الشعور بالمسؤولية نحو بلده، أو تخوفه مما يترتب عن الهجرة من مساوئ.
ناهيك عن غطرسته الاستبدادية وعدم احترامه للقوانين الدولية وقد تمثل ذلك بإعلانه القدس عاصمة لإسرائيل بشكل مفاجئ دون أي مقدمات، والإسراع بتحويل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتشجيعه لإسرائيل لتوسيع الاستيطان بعنجهية دون أي اعتبار للشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وما يمكن أن يترتب على ذلك من تداعيات، وكل هذا بدافع شخصي غير مدروس كان من أهم آثاره المدمرة طوفان 7 أكتوبر.
إعلانه التمرد وعدم تقبله لخسارة المنصب وتحريضه لأتباعة على اقتحام الكبتول، وهذا أمر لم يسبقه إليه أحد في الولايات المتحدة.
هوسه غير العادي لدخول الانتخابات لدورة ثانية، وإحساسه بأحقية المنصب دون سواه من كبارات الحزب الجمهوري، الذي سيترتب عليه في حال خسارته تصرفات قد تودي بالولايات المتحدة إلى الهاوية، أما في حالة فوزه فسيعمل على تكريس الانتقام من كل خصومه ومنافسيه، متخليا عن كل الضوابط والقوانين والأعراف.
أما الزهايمر الآخر فيتمثل بالرئيس بايدن الذي يبدو أكثر حصافة ودبلماسية لولا أن حالة الزهايمر جعلته موضع سخرية في كثير من أعماله وتصرفاته من أشهرها ما جاء على لسانه في قمة السبع أنه التقى بزعيمي فرنساء وألمانيا الراحلين واتفق معهما حول بعض القضايا التي تناقشها القمة.
وفلتاته الزهايمرية كثيرة كان منها قوله: “إن رئيس المكسيك السيسي لا يرغب بفتح معابر التفتيش في رفح لعبور المساعدات إلى غزة” وهو بهذا الخرف يريد التحريض على مصر، والواقع أن من منع المساعدات عن غزه هو رئيس وزراء إسرائيل. وهناك الكثير والكثير من الفلتات الزهايمرية التي تثير الضحك والشفقة والاستياء معا من قبل أتباعه ومناصريه، ناهيك عن أعدائه ومعارضيه.
ومع كل هذا الزهايمر يطمح إلى خوض الانتخابات والحصول على كرسي الرئاسة لدورة ثانية، في ظل أوضاع متردية شهدها العالم في فترة رئاسته تمثلت بحربين كبيرين الحرب الروسية الأوكرانية، التي قد تتسع وتشمل كل أوربا. وحرب الإبادة الإسرائيلية للشعب الفلسطيني في غزة التي قد تتسع وتشمل الشرق الأوسط كله. كل هذا بسبب السياسة الزهايمرية المضطربة التي تدعو إلى عدم توسيع دائرة الحرب والصراع وتعمل على توسيعه وتمديده في الوقت نفسه.
ووجود مثل هذين الرئيسين في أمريكا ومع ما يعملانه بدوافع في أكثرها شخصية زهايمرية_ يشير إلى انهيار دوائر الضبط المسيطرة على الحزبين الجمهوري والدمقراطي على حد سواء، وهذا يعني أن خللا جوهريا يتسرب في المنظومة السياسية وتصدعا في البنى العميقة للسياسة الأمريكية يتسع يوما عن يوم وقد يؤدي إلى السقوط المدوي.
*إن الولايات المتحدة والعالم ابتليا بهذين العجوزين الخرفين، كان من الأولى لتجنب هذا، أن يودعا في مصحة عقلية أو في دار للمسنين، لكن الظاهر أن العالم يتجه إلى الفوضى والجنون*.
زر الذهاب إلى الأعلى