كتب : اللواء علي حسن زكي
يوماً من الدهر لم تصنع أشعته شمس الضحى بل صنعناه -شعب الجنوب- بأيدينا:
تم إعلان الاستقلال الوطني والسيادة الوطنية في الجنوب وقيام دولته بتوحيد سلطنات وإمارات ومشيخات الجنوب والجزر والعاصمة عدن في كيان وطني واحد وبناء دولة مؤسسية دولة مهابة دولة مؤسسات ونظام وقانون وعدالة اجتماعية وقضاء وعدل ومواطنة متساوية ووظيفة عامة وتعليم وتطبيب مجاني وبناء مدارس أبناء البدو الرحّل وجيش وطني قوي مشهوداً له كثالث أقوى جيش من جيوش بلدان الشرق الأوسط ومؤسسة أمنية كفوءة ومقتدرة ضليعة -وبإسناد شعبي- في الحفاظ على الأمن والاستقرار والسكينة العامة وحماية وصيانة الأرواح والعرض والمال رغم حداثة التجربة، دولة أمن غذائي تمويني واستهلاكي من خلال شركة التجارة الداخلية وشبكة تعاونيات استهلاكية منتشرة في الريف والمدينة وبأسعار مدعومة من صندوق موازنة الأسعار لثبات استقرارها وبأسعار تتناسب ودخولات المواطن المستهلك وكذلك متطلبات الخضار والفواكه والأسماك واللحوم والدواجن والألبان والملابس من خلال المؤسسات التموينية والمزارع والتعاونيات الزراعية ذات العلاقة، ومصانع الطماطم وتعليب الأسماك والغزل والنسيج والألبان والغلال لإنتاج الدقيق وغيرها من المزارع والمصانع والتعاونيات الأخرى، كل شيء كان متوفراً ولا توجد أي إشكالية أو أزمات طالما كان ذلك تحت سيطرة الدولة ومؤسساتها، سعر الدولار كان مطأطأ الرأس أمام سعر الدينار الجنوبي الذي كان يساوي سعره ثلاثة دولارات وعشية الدخول إلى الوحدة كان سعر الدولار ٢٦ ريالاً شمالياً يساوي سعر الدولار ثمانية-إلى تسعة ريالات بتأثير سعر الدينار الجنوبي اليوم سعره تجاوز حاجز الـ٢٥٠ ريالاً، إن كل تلك الإنتصارات والمكاسب والإنجازات السالف استعراضها وهو غيض من فيض قد تحققت رغم تكالب قوى خارجية وقفت ضد استقلال الجنوب منذ لحظة إعلانه ورغم المقاطعة الاقتصادية التي فرضت على دولته الوليدة واعداد وتصدير فرق الموت وأدوات الدمار التي كانت محل ومتابعة الأجهزة تم ضبطها متلبسة وتقديمها للقضاء الذي قال فيه كلمته الفاصلة أن الدخول في وحدة عاطفية متسرعة وغير مدروسة تم سلقها على عجل وخارج نطاق الإرادة الشعبية للجنوب، في السياق جاء في الميثاق الوطني للجبهة القومية المقر في مؤتمرها الأول عام ١٩٦٥م تحقيق الوحدة على أسس شعبية وسليمة، إن وحدة شراكة وبالصورة التي تمت بها قد جاءت مخالفة للإرادة والأسس الشعبية السليمة وأنتجت الحرب والاحتلال وتدمير دولة الشريك الجنوبي وبناها التحتية والعبث ونهب الجمل بما حمل وفرض واقع غريب وغير مسبوق على شعب الجنوب لم يشهد له مثيلاً من قبل وإيصال الناس إلى حافة كارثة المجاعة التي غزت كل أسرة ودخلت كل حارة وبيت، فلتكن مناسبة الاستقلال الوطني حافزاً جديداً وملهماً لشعب الجنوب في الحفاظ على وحدته الوطنية التي تحققت وفي التمسك بتحقيق استقلاله الثاني واستعادة دولته التي دخلوا بها تلك الوحدة -الخطيئة- كاملة الحرية والسيادة والاستقلال بحدود ما قبل مايو ١٩٩٠م …
زر الذهاب إلى الأعلى