كتب : ثائر احمد المقرعي
يكتب الجميع في هذا اليوم عن جمال لغتنا العربية وأهمية التمسك بها ونشرها. وأنا، كغيري، أشارك في الاحتفال بهذا اليوم العظيم. إلا أنني سأتناول هذا الموضوع من زاوية مختلفة،هذه المرّه وهي: نظرة المثقفات العربيات إلى لغتنا الأم، وكيف انتقدنها رغم حبهن الشديد لها.
سأركز هنا على مقال للكاتبة الصحفية سماح عملاق نشرته قبل عام ونيف في صفحتها على الفيس بوك بعنوان “لغتي أنثى، أعيدوها لطبيعتها”. تبدأ الكاتبة مقالها بالإعراب عن حبها العميق للغة العربية، وتنتقد بشدة من يسيئون إليها. ومع ذلك، فهي تنتقد اللغة نفسها، معتبرة أنها تهمش المرأة.
تستشهد الكاتبة بأمثلة مثل “النائب والنائبة، والقاضي والقاضية”، مؤكدة أن هذه الكلمات قد أصبحت مستهلكة. لكنها تنتقل إلى نقطة أعمق، وهي أن اللغة العربية تربط بين المناصب الرفيعة والذكور فقط. فتقول: “الوزير والسفير والرئيس، كلها كلمات لا يمكن أن تتصل بأنثى.”
تستخدم الكاتبة لغة بليغة وواضحة لشرح كيف أن اللغة العربية، برغم كونها أنثى الاسم، تظلم المرأة في مضمونها. فهي تشير إلى أن أفعال اللغة العربية مبنية على نمط ذكوري، وأن التاء المربوطة لا تعبر عن الفاعلية النسائية بنفس قوة الفاعل الذكوري.
تضرب الكاتبة مثلاً باللغة الإنجليزية، التي ترى أنها أكثر عدالة في التعامل مع الجنسين. فالضمير في الإنجليزية يشمل الجميع، والفعل واحد للذكر والأنثى.
لا يهمني هنا الحكم على وجهة نظر الكاتبة بقدر ما يهمني الأسلوب البلاغي الرصين الذي استخدمته. هذا الأسلوب يدعونا إلى التفكير النقدي في لغتنا، والتساؤل عن مدى عدالتها وشموليتها.
في النهاية، تطرح الكاتبة سؤالًا مهمًا حول أسباب ذكورية اللغة العربية، وهل يعود ذلك إلى كون علماء اللغة غالبًا ما يكونون من الرجال؟
أنا لا أهتم بقدر ما أهتم بكيفية استخدام الكاتبة للغة بطريقة مبتكرة وجميلة للتعبير عن وجهة نظرها. هذا هو ما يجب أن نتعلمه من كتابات المثقفين، فالنص الأدبي هو عالم بحد ذاته، يجب أن نتعامل معه بكل احترام وتقدير.
زر الذهاب إلى الأعلى