ضجة كبيرة في اليمن أثارتها قضية تستر شركات الصرافة وشبكات تحويل الأموال في صنعاء على مبالغ “تائهة” في أرصدتها تقدر بـ 50 مليون دولار.
ويعاني القطاع المالي والمصرفي فوضى في اليمن منذ الانقلاب الحوثي، الأمر الذي أدى لتدهور أنظمة الرقابة على شبكات تحويل الأموالالتي “تكاثرت” في صنعاء.
واندلعت فضيحة الملايين التائهة على يد خبير الأمن السيبراني أحمد العليمي، والذي قام بتسريب ملف للحوالات غير المدفوعة لدى إحدىشركات الصرافة.
وكشف الملف الذي عود لشركة “الامتياز” وفقا لادعاء العليمي، أن تلك الشركة وحدها ترقد على 60 ألف حوالة غير مستلمة ومنسية منذسنوات، قيمتها 6 مليارات ريال يمني (10 ملايين دولار حسب سعر الصرف في صنعاء).
وقال العليمي في بث مباشر على صفحته في فيسبوك قبل أيام إنه أنجز دراسات وعمليات تقييم لأنظمة شبكات الصرافة في صنعاء قبل أنيهرب بسبب مِلاحقة المليشيات الحوثية له لرفضه العمل لصالح جهاز المخابرات التابع لها .
وهدد العليمي 4 شبكات تحويلات مالية بكشف قوائم حوالاتها غير المدفوعة، مؤكدا أن لديها حوالات تائهة تبلغ مليوني دولار و20 مليونريال سعودي واثنين مليار ريال يمني أي أن المبلغ يتجاوز 10 ملايين دولار .
فوضى شبكات التحويل
وتتواجد في اليمن شبكات تحويل مالية عديدة تكاثرت مع الانقلاب الحوثي وفوضى الحرب يقدر خبراء المبالغ التي تبقيها لديها كحوالاتمعمرة بأكثر من 50 مليون دولار أمريكي وأكبر هذه الشبكات شركة النجم للصرافة ومصرف الكريمي أكبر المصارف من حيث النشاط فيالتحويلات المالية داخل وخارج اليمن .
وقال الخبير المصرفي على التويتي والذي عمل سابقا في شركات صرافة محلية أن عدد الحوالات الصادرة كل يوم في جميع الشبكاتتقريبا بين 150 ألف إلى 250 ألف بالمتوسط 200 ألف حوالة يوميا بواقع 72 مليون حوالة كل عام و360 مليون حوالة لخمسة أعوامماضية وهي المدة القانونية للاحتفاظ بسندات الحوالات المستلمة بالأرشيف .
وأوضح التويتي أن 160 ألف حوالة غير مستلمة رقم عادي مقارنه بكمية الحوالات المرسلة عبر شبكات التحويل لأن الشعب بات يستخدم كلتعاملاته بالحوالات بما فيها الرواتب والتجارة والصرفيات والمساعدات وكذلك حوالات المغتربين وغيرها .
وأشار التويتي إلى أخطاء كثيرة تحدث بين المرسل والمستلم للحوالات منها عدم الإبلاغ وكذلك أخطاء موظفين بتكرار حوالات إضافة الى أنهناك تجار لا يجيدون تنظيم حساباتهم وطريقة تعاملهم مع شركات الصرافة والتحويلات ويتعاملون بعشوائية كبيرة.
وقال التويتي إن أغلب الحوالات الضائعة تكون عبر وكلاء الحوالات الخارجية من السعودية وغيرها حيث يتم إرسال الحوالة وإرسال إشعارالتحويل للمرسل بينما لا يصل رقم التحويل للمستفيد إضافة الى أخطاء كثيرة تحدث وتبقى هذه الحوالات معلقة في الشبكة .
عمليات احتيال
وكشف التويتي عن عملية احتيال ساهمت بها شبكات التحويل من خلال فتح حسابات في البنك المركزي “ التابع للمليشيات الحوثية “وإيداع الحوالات الضائعة في هذا الحساب بعد مضي فقط 30 يوما على إرسالها وبعد ذلك يصعب الحصول على المبالغ المحددة فيالحوالات بسبب تشتت المتابعة بين شركات الصرافة وبنك المليشيات .
المليشيات وعبر البنك المركزي التابع لها في صنعاء دخلت على خط الأزمة بين شبكات الصرافة والمستفيدين من خلال توجيه أصدرته يُلزمشركات الصرافة بموافاتها بكشوفات تفصيلية لكافة بيانات الحوالات “غير المدفوعة” حتى تاريخ 31-1-2023.
إضافة إلى تقديم ما يؤكد قيام الشركات بإرسال رسائل لكافة أطراف الحوالات غير المدفوعة وذلك في توجه يكشف نوايا المليشيات بنهب هذهالمبالغ الكبيرة التي حاولت شركات الصرافة الاحتيال ونهبها من خلال عدم إشعار أِطرافها ببقائها معلقة.
تهرب “الصرافة”
شركات الصرافة هي الأخرى تحاول الهروب من طلب المليشيات بكشف قوائم الحوالات غير المدفوعة وذلك من خلال بيان لأصدرته جمعيةالصرافين في صنعاء وبررت بقاء هذه المبالغ لدى شبكات التحويل بعدم حضور المستفيدين لاستلامها وعدم حضور المرسلين لاسترجاعها.
وأوضحت جمعية الصرافين أن جميع أرصدة الحوالات غير المدفوعة مودعة من قبل شبكات التحويل المالية في حسابات طرف البنوك المحليةومخصصة لهذا الشأن وذلك وفق تعليمات سابقة .
ووضعت مليشيات الحوثي شروطا تعجيزية على مرسلي ومستلمي الحوالات غير المدفوعة لكي يتم إعاقة تسليم الكثير من هذه المبالغ وذلكمن خلال إلزام من قام بالتحويل بإحضار وثيقة الإرسال والتي يصعب الاحتفاظ بها عند الغالبية لسنوات كونها تتحول إلى رسالة عبرالواتساب لدى الغالبية العظمى من المتعاملين بالتحويلات .
ونشر نشطاء صورا لرسائل sms بعثتها شبكات تحويل محلية ومصارف إلى مستفيدين تبلغهم بوجود حوالات بأسمائهم غير مستلمة فيإجراء يحدث للمرة الأولى منذ بدأت شركات التحويل المحلية ممارسة نشاطها المصرفي قبل نحو ربع قرن أي منذ عام 1995.
واعتبر مراقبون هذا التوجه لدى بعض شبكات التحويل بأنه محاولة من شركات الصرافة لتجنب حملات لاحقة حال سربت قوائم حوالاتها غيرالمدفوعة إضافة إلى التهرب من تسليم مبالغ الحوالات لمليشيات الحوثي التي تسعى لنهبها أو تقاسمها مع شركات الصرافة .
وقال مسؤول في إحدى شركات الصرافة لـ”العين الإخبارية” إن الفوضى التي تدور داخل شبكات تحويل الأموال وعمليات تمويل الإرهابوتمويل أنشطة المليشيات الحوثية سببها غياب الرقابة من قبل السلطات الحكومية ودخول قيادات عسكرية ومسؤولين في شراكات بنسب منالأرباح مع شركات الصرافة .
وأضاف أن شركات الصرافة أصبحت تمارس دور البنوك من خلال فتح حسابات للتجار وتمويل أنشطة تجارية وتقديم تسهيلات للعاملين فيالقطاع التجاري وكذلك فتح حسابات إيداع للمواطنين بشكل مخالف للقوانين الأمر الذي سهل كل هذه الفوضى في العمل المصرفي وجعلالريال اليمني هدفا للمضاربين بأموال التحويلات.
وأشار إلى أن شركات صرافة تدخل في استثمارات مع تجار ومع مستوردين بأموال المودعين لديها وهذا هو ما يرفع الطلب على العملاتالأجنبية ويضعف قيمة الريال اليمني ويسهم في ظهور تحالفات تجارية انتهازية على حساب المواطن البسيط.
زر الذهاب إلى الأعلى