كتب / ماجد الطاهري
أولا وقبل كل شيء أرجوا أن تعي أخي القارئ أن ما سيطرح في هذا المقال ليس دفاعا مني عن دولة ايران أو إطراء في غير محلة بقدر ما هو قراءة واقعية لمشهد الصراع العربي الغربي الايراني في منطقة الشرق الأوسط.
منذ بداية تاريخ إعلان استقلالها عام 1978م الجمهورية الايرانية الاسلامية وهي في خضم معارك بمختلف الاتجاهات،معارك عسكرية واخرى سياسية ودبلوماسية وجميعها خرجت منها منتصرة لم يلحق بها الكثير من الأذى، حتى الحصار الاقتصادي الذي فرض عليها من الامم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة الامريكية لم يمنعها من الإستمرار في مساعيها بالتمدد النفوذ في محيطها الاقليمي،إذ عملت طهران على إرساء وبناء مجموعة قواعد من التحالفات مع بعض دول المنطقة والعالم،ولم تعجز من إنشاء كيانات وأحزاب تتقارب معها مذهبا في قعر ديار بعض الدول المعادية لطريقتها ومسارها السياسي.
فكان لها حزب الله بلبنان والجماعات الشيعية التي اصبحت حاكمة على دولة العراق والعلويين بقيادة بشار الأسد في سوريا،وأخيرا الحوثيين في اليمن جميعهم كانوا بذرة سقتها وتعاهدتها ايران بالرعاية حتى كبرت وقوية جذورها فأضحت شجرة باسقة في السماء،و لم يكن لنا ان نستظل بظلالها ولا لنأكل من ثمارها فأوراقها اشواك وثمارها سموم قاتلة لأعداء المشروع الإيراني.
لم ينتهي الأمر هنأ وحسب بل طال لـ يخطف من بين أيدي العرب القضية الفلسطينة التي كانت مجمع شتاتهم ومحل توحد كلماتهم ونقطة محورية لا يختلف عليها رئيس أو مرؤس، مع الأسف حتى هذه لم تتركها لهمايران ،بل سلبتها من بين أيديهم ، ففي حين تراجع حكام العرب الجدد عن اهتمامهم بدعم قضية القضايا العربية و ابتاع بعضهم واشترى، وخضع وطبّع، كانت ايران محافظة على الأقل في الظاهر على موقفها الثابتة من دعم ونصرة القضية الفلسطينية، وعدم اعترافها بدولة الاحتلال الصهيوني الغاصب.
ليس عيبا أن يعترف حكام العرب أن ايران انتصرت عليهم بالأمس وانتصرت عليهم اليوم وفي مختلف الاتجاهات.. وذلك بسبب تخاذلهم وتخليهم عن إرادة شعوبهم التواقة لتحرير القدس، المسجد الأقصى وأرض معراج النبوة، وبين ما زالت الأقلام ومواقع الإعلام الموجهة مستمرة وتكتب عن نظرية المؤامرة القبيحة الخفيه الدائرة بين ايران من جانب والصهاينة وامريكا ومعها دول الغرب من جانب آخر ضد العرب والمسلمين،مستمرون في تكذيب حقيقة مزاعم العداء التاريخي والتهديدات الامريكية الصهيونية لإيران،مع ذلك لستُ أدري هل فشلنا ولم تنجح كتابات التنوير المدعومة بالهالة الاعلامية الموجهة نحو تعرية و شيطنة دولة ايران وكشف حقيقة ما تخفيه من قبح،لستُ أدري هل بمقدورنا أن نقنع شخص بسيط وعادي من الناس أن صمت و تخاذل حكام العرب والمسلمين تجاه الشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية اليوم انما يصب في اتجاه نصرة الأمة!، بينما ما تقدمه أو تستعرضه دولة ايران وحلفائها في المنطقة من مواقف ظاهرة وداعمة لشعب فلسطين إنما تخفي بواطنها مؤامرة خبيثة على الامة العربية والاسلامية أتراه يصدق ما نقول؟
لم يعد بإمكاننا أن نضلل العوام ونمضي بإقناع عقولهم أن المواقف السياسية لدولة ايران و محورها الداعم لقضية فلسطين مجرد كذب أو أن الإمدادات اللوجستية لحركات المقاومة الفلسطينية لا تأتي من ايران بل من دولتي مصر والسعودية!، وأن الصواريخ والمدافع التي استهدفت الكيان الصهيوني من أرض لبنان لم تنطلق من الجنوب بل جاءت من بيروت بزعامة الحريري وميشال عون، كذالك الصواريخ التي قيل انها انطلقت من اليمن صوب تل ابيب لم تكن من الحوثي بل انطلق بعضها من قصر معاشيق والبعض الآخر من محافظة مأرب..
وفي الختام يبدو من المشهد ان أيران وحلفائها قد سبقوا حكام العرب بخطوات فهم كما قلنا تقدموا في معاركهم العسكرية والسياسية والدبلوماسية وها هم اليوم يتمكنون من الوصول الى النقطة الأهم ألآ وهي أن يحظوا بإلتفاف ومناصره جماهيرية واسعة لداء شعوب المنطقة والعالم الحر، إذ الملايين من الجماهير العربية وشعوب العالم التي تأثرت بما حصل ويحصل في غزة من قتل وإبادة جماعية و تابعت المشهد الدامي بحق الاطفال والنساء قد خاب ظنها بحكامها البؤساء الجبناء لعدم نصرة أخوة الدم والدين.. وفي أتون هذا الفراغ اللحظي المحزن لداء غالبية الشعوب العربية والاسلامية اقتنصت ايران وحلفائها الفرصة لتسد الفراغ ومن ثم تستميل رضاء ومحبة قلوب الجماهير العربية والاسلامية.
ومكمن الخطأ والعيب في حكامنا الجبناء وليس في شعوبنا المغلوب على أمرهم.
زر الذهاب إلى الأعلى