مقالات وتحليلات

الوطنية المزيفة

كتب / ماهر العبادي

في الآونة الأخيرة يبدو أن الوطنية أصبحت مفتاحاً للاستيلاء على المال العام وأن النزاهة والشفافية أصبحتا معارضتين لمصلحة الشعب لقد كنت أعتبر بعض الشخصيات الوطنية كأعمدة صامتة وموثوقة في عيني، ولكن اكتشفت أن بعضهم ليسوا سوى أكياس فارغة، مخصصة لجمع أموال الشعب
الوطنية هي قيمة هامة وجوهرية في بناء أي مجتمع إنها الشعور بالانتماء والمسؤولية تجاه وطنك وشعبك ومن المفترض أن يكون الوطنيون هم الحاملون لراية النزاهة والاستقامة وأن يعملوا بجد لخدمة المصلحة العامة وحماية مصالح الشعب
ولكن ما نشهده الآن هو عكس ذلك تماماً بدلاً من أن تكون الوطنية سبباً للتقدم والازدهار أصبحت بعض الشخصيات الوطنية تستغلها لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب المال العام يتم استغلال السلطة والمناصب الحكومية لتحقيق مكاسب شخصية ويتم تهميش مصالح الشعب وتجاهلها تماماً
وما يزيد الأمر سوءاً هو أن النزاهة والشفافية التي يفترض أن تكون منارة لمكافحة الفساد وحماية المال العام أصبحت تعتبر عراقيل في طريق هؤلاء الذين يهدفون إلى استغلال الوطنية لأغراضهم الشخصية يتم استخدام السلطة والنفوذ لتجنب المساءلة وتغطية الفساد وبذلك يتم إلحاق الضرر بالمصالح العامة ومستقبل الشعب.
إن مثل هذا التصرف يهدد بشكل خطير النسيج الاجتماعي والاقتصادي للدولة فعندما يفقد الشعب ثقته في قادته ويرون أن الوطنية تستخدم كأداة للتخاذل عن القيم والمبادئ يتراجع الاستقرار ويزداد الانقسام والاحتقان في المجتمع.
لذا، فإن تصحيح المسار يصبح ضرورة ملحة يجب أن تعود الوطنية إلى معناها الحقيقي وأن يقوم القادة والمسؤولون بتحمل مسؤولياتهم تجاه الشعب والمجتمع يجب أن تكون النزاهة والشفافية ضمن المبادئ الأساسية للحكم وأن يتم تطبيقها بكل جدية وصرامة ويجب أن يتم تعزيز نظام المساءلة والعدالة حتى يتمكن الفاسدون من العقاب على أفعالهم وتحمل عواقب تصرفاتهم.
بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون هناك دعم وتعزيز للمؤسسات المستقلة والمنظمات المدنية التي تعمل على مراقبة الحكومة ومكافحة الفساد يجب تعزيز ثقافة الشفافية ونشر المعرفة والوعي بأهمية حماية المال العام ومصالح الشعب.
علاوة على ذلك يجب تشجيع المشاركة المجتمعية وتعزيز دور المواطنين في صنع القرار ومراقبة السلطةويجب أن يكون هناك نظام قوي للإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه حتى يشعر المواطنون بالثقة في الإبلاغ عن أية ممارسات غير قانونية أو فاسدة.
في النهاية يجب أن نعيد النظر في تعريف الوطنية ونزاهة القادة وأن نعمل بجد لبناء مجتمع يستند إلى القيم والمبادئ يجب أن يكون لدينا قادة يتمتعون بالشجاعة والنزاهة والرؤية الواضحة وأن يكونوا على استعداد للعمل من أجل مصلحة الشعب وتحقيق التقدم والازدهار للبلاد.

ماهر العبادي أبو رحيل

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى