صوت الضالع : نثر: عمر محمد العمودي
سأكتبُ، لأنني عندما أستمع لنقاش عابر وجريء،
بين شخصين غريبين، تنبتُ فيّ وجهة نظر ما بين مؤيدة أو مختلفة أو بعيدة ..
لكنّها تبقى وجهة نظر لم تقل ..
لأنه عندما يطرأ لي رأي، ويموت رأي
تبقى كلها آراء وحسب.. آراء مؤودة ومكبوحة
لأني أعيشُ مواقف لا تنتهي كما أريد، وأقف ثابتًا في أُخرى، لا أستطيع من خلالها توضيح نفسي كما أنا..
سأكتب لإفراغ تلك الكلمات المتوارية، تلك اللعنات والشتائم المتكدسة، حتى أعيد إحيائها بالكتابة.
لأنها لا يجب أن تتعفن، ولا يليق بي أن أموت حقودًا
لأن في داخلي ساخرٌ خجول.. يهزأ بالموقف، ويخلق النكتة في الظل، ويلوّن السواد بالضحك، أقوله هنا وأحكيه هناك أدسّه في قصّة، وأطلق له العنان في أُخرى..
سأكتبه من أجل تلك المشاعر المجهولة والمعروفة
ما فاض منها، وما هو قيد الولادة، تلك التي أهدرتها عبثًا أو التي لم يكن بمقدوري إطلاقها..
كلها سأكتبها؛ ما خجلت منها، وما ترفعت عنها، وما حسبت لأجلها الحسابات البعيدة، غير الممكنة، والممكنة جدًّا.
كل تلك الخيالات أنا، ما عشته يملؤني، وما لم أعشه تشرّبت شعوره.
من يحب أنا، ومن يبتعد أنا، ومن يشعر بالفقد للباقين قبل الراحلين أنا، ومن يوزّع حصّته من الحياة على الكائنات حوله أنا..
حتى الرجل المشرّد الواقف على باب المقهى هو أنا
عدا أن المقهى هو الحياة، والشاي هو الحُلم والطقس هو العرق الذي أبذله في هذه البلاد سدى
أكونُ جزءًا من المشهد فأنسحب منه
أختبئ خلف الكواليس، وأتوارى في الظل
لكن من هذا الباب الشاسع أخرج ..
على هذه السماء الفسيحة أتمدّد ..
ولا أفعل شيئًا، فقط أرى الحياة، وأكتبني
زر الذهاب إلى الأعلى