حوار … صفاء عمر باعكابة
السفير قاسم عسكر : انسحاب الرئيس من اجتماع الرياض يعلق شراكتنا مع الحكومة اليمنية
مع تدهور البنى التحتية الاقتصادية منها والمعيشية في الأراضي المحررة من دولة الجنوب العربي وانشغال كل جنوبي بقوت يومه بدا وكأنه سئم من وعود مجلسه المتكررة بتحسين الأوضاع والعيش بكرامة منذ ما يقارب الثمان سنوات أي منذ تحريرها من براثن الحوثيين وكان للحكومة اليد الطولى في تدمير كل ما يمكن تدميره بما في ذلك إحداث فجوة بين المجلس الانتقالي وجماهيره ولهذا تحرك فريق التواصل والوعي السياسي إلى كل محافظات الجنوب والتوجه إلى أنصاره في لقاءات موسعة للاستماع إليهم وإصلاح ما افسدته ماتسمى الشرعية على ساحة الجنوب خلال هذا العام كحد أقصى .
وبدورنا استغلينا الفرصة وجلسنا إلى سيادة السفير قاسم عسكر جبران ممثل الشؤون الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي في إثيوبيا والاتحاد الإفريقي و أحد أعضاء فريق التواصل والوعي السياسي وكان لنا هذا اللقاء
س / لا يخفى على أحد الأهمية البالغة بما يقوم به فريق التواصل والوعي السياسي بالمجلس الانتقالي الجنوبي وتنقلاته بين محافظة وأخرى و لماذا هذا التوقيت وهل تعتقد وفي ظل الوضع المعيشي والاقتصادي المزري لأكثر من ثمان سنوات أن يكترث المواطن لمثل هذه اللقاءات وهل يجدي هذه المرة؟
نعم يجدي بعد ان صبر شعبنا طويلا وحاولت قيادتنا العمل بإخلاص خلال هذه الفترة وفقا للوعود التي قدمتها للمجتمع الدولي والتحالف العربي و كما نعلم أنه وحين أسند إلى ما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي وحكومته معالجة الملفات الأمنية والاقتصادية فشلا فشلا ذريعا بعد تجاوزهما المدة الزمنية المحددة دون تحقيق أي تقدم يذكر واكتشفنا لاحقا أنهما يتآمران على شعب الجنوب .
ولهذا السبب تم تكليف فريق التواصل والوعي السياسي بالنزول إلى المحافظات واستطلاع رأي الشعب وطرح همومه على أن تتبع تلك الجهود بخطوات عملية وميدانية تستند إلى الدعم الشعبي والجماهيري ليكون الشعب شريكا حقيقيا في اتخاذ القرارات المصيرية ، وفي بداية هذا العام سنبدأ تنفيذ الخطوات والبرامج التي تضمن إيقاف هذا العبث ضد شعبنا .
س / ربما الشعب الآن بحاجة لمعرفة أسباب تنقلات الرئيس عيدروس الزبيدي و نتائج مخرجات تحركاته ؟
ج / زيارات الرئيس عيدروس الزبيدي إلى الدول تعد جزءا من جهود دبلوماسية وسياسية تهدف إلى تحقيق اهداف استراتيجية تخدم قضية شعب الجنوب وتطلعات الشعب الجنوبي كما يسعى الرئيس الزبيدي من خلال هذه الزيارات إلى تعزيز حضور قضية شعب الجنوب على الساحة الدولية وكسب التأييد الدولي لحقوق ومطالب الشعب الجنوبي من خلال إيصال رسائل واضحة عن أهمية القضية ودورها في تحقيق الاستقرار في المنطقة ، كما أنها تتمثل في تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول المؤثرة وبما يخدم المصالح المشتركة بين الجنوب وهذه الدول إلى جانب ذلك تعتبر هذه اللقاءات جزءا من مساعيه لتوحيد الصف الجنوبي وإيجاد حامل سياسي موحد يعبر عن تطلعات شعبنا كما تهدف إلى التنسيق لمواجهة التحديات الأمنية لا سيما تلك الناجمة عن ممارسات جماعة الحوثي والمخاطر التي تهدد استقرار المنطقة ، ويتجلى ذلك بوضوح من خلال إلقاء السيد الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي كلمته في مجلس الأمن الدولي الذي يمثل أعلى هيئة في الأمم المتحدة هذا الحدث يمثل اعترافا ضمنيا بشخصه ورمزيته ويعد خطوة كبيرة تعكس ثقل قضيتنا وتطلعات شعبنا ، ومع ذلك نواجه ضغوطا وممارسات تفرض علينا لا نرضى عنها بالكامل إلا أننا نتعامل معها بحذر ونمضي فيها بطريقة مدروسة بضمان الحفاظ على المكاسب التي حققناها .
إذ ندرك أن بعض هذه التنازلات قد تضعنا في مواقف صعبة أو تحمل في طياتها مخاطر لكننا نعتبرها تحديات لا بد من تجاوزها في طريقنا نحو بر الأمان .
س / سيادة السفير دعني أسألك لماذا نجحت سوريا في عملية الإسراع في بناء الدولة أو ترميمها وتحقيق نهضة سياسية واقتصادية ومجتمعية بما أن سوريا والجنوب العربي تتشابهان إلى حد ما بالصراع القائم ؟
جيواستراتيجيا لا يمكن مقارنة وضع جنوبنا العربي بسوريا فالوضع في سوريا مختلف تماما إذ تركها بشار دولة قائمة ومع ذلك فإن الشبه يكمن في أساليب تجويع الشعب وإذلاله وقمعه وإسكات صوته وعلى الرغم من ذلك فإننا نأخذ تطورات المشهد السوري كدرس وعبرة ونحن عازمون على المضي قدما في استعادة دولتنا وانتزاع حقوق شعبنا وقضيتنا العادلة ، نحن كمجلس منحنا المجتمع الدولي والتحالف العربي والشرعية اليمنية فرصا عديدة لإيجاد حلول جذرية للوضع المعيشي الصعب الذي يعاني منه أبناء شعبنا ولكن لم نر منهم سوى المماطلة والتسويف وبناء على ذلك فقد اتخذنا قرارات وخطوات مهمة تعكس شراكتنا الحقيقية مع شعبنا و بما يضمن لهم سبل العيش الكريم وحرية التعبير .
الآن نقوم بجولات ميدانية بين المحافظات للاستماع إلى هموم ومعاناة المواطنين وسوف نرفع ملفات القضايا المختلفة إلى رئاسة المجلس واعتقد أن بعضها ستصل إلى النيابة العامة ،وللتوضيح سبق وان اجتمعنا مع الحكومة في (حقات) ووقعنا اتفاقات نصت على تقاسم المهام بحيث تتحمل الحكومة مسئولية تلبية احتياجات الشعب وتوفير الخدمات الاساسيه للمواطنين وبدعم سخي من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية إلا أن الحكومة انتهكت هذه الاتفاقات وضربت بها عرض الحائط بل وتجاوزت إلى ممارسات أكثر سوءا من خلال استنزاف مقدرات الشعب وإثقال كاهله وعدم تمرير ملفات فساد متعددة ، لكن من الآن وصاعدا نعلنها وبكل وضوح أن تلك الفرص قد انتهت ونحن من يتولى زمام المبادرة لاتخاذ الاجراءات والقرارات لحماية شعبنا ، وسنعمل على تسيير وادارة الاوضاع سواء رضيت هذه الحكومة بذلك أم لم ترض وما يهمنا الآن هو تلبية احتياجات شعبنا وضمان كرامته ورفاهيته مهما كانت التحديات .
س / دخول المجلس الانتقالي الجنوبي في شراكة وزارية مع الشرعية اليمنية و خروجه بحقائب وزارية غير سيادية مالذي يجبر المجلس على الاستمرار بهذه الشراكة الهشة ؟
ج / نحن هنا اليوم للحديث عن هذه الشراكة وما أفرزته من مشاكل جمة كما تابعتم انسحاب الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي من الاجتماع الرئاسي في الرياض قائلا بوضوح ” كفاية كذب” وبدورنا نؤكد سعينا الحثيث على إنهاء هذه الشراكة الفاشلة والعمل على تغيير مجلس القيادة الرئاسي والحكومه الذان أثبتا عجزهما ، ونعتبر انسحاب الرئيس من الاجتماع خطوة جريئة تمثل بداية فض الشراكة فعليا أو تعليقا لها ، ويجب أن يكون واضحا للجميع أننا لم نعد معنيين بالقرارات الصادرة عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي د.رشاد العليمي لأنه استغل المجلس كأداة للتآمر على الجنوب وشعبه بل وعمل على استهداف المجلس الانتقالي الجنوبي بطرق ممنهجة تحت غطاء القوى اليمنية .
وخلال المشاورات الأخيرة بين أعضاء المجلس الانتقالي أجرينا تقييما صريحا لوضع المجلس وخلصنا إلى وجود فجوة بين المجلس وشعبه الذي فوضه ، وأدركنا أن المرحلة تتطلب الكف عن الاكتفاء بالاجتماعات وإصدار البيانات والإدانات والمناشدات والانتقال إلى مرحلة أكثر عملية تمكننا من استعادة زمام الأمور وإعادة ماتسمى الشرعية إلى حجمها الطبيعي كما كانت وبما يحقق تطلعات المواطنين ويحمي مكتسباته .
س / جميعنا على علم بأن المجلس قد وقع وسط أزمة الحوثي من جهة وماتسمى الشرعية من جهة أخرى هل يستطيع المجلس الثبات أمام هؤلاء خصوصا وأن الحوثي قد وضع رأسه برأس الدول الكبرى ؟
ج / بالتأكيد لسنا الحلقة الأضعف والملف العسكري يمثل جزءا لا يتجزأ عن ملفات عديدة نعمل عليها ،نحن فقط نسير وفق مبدأ “السلام بالسلام والحرب بمثلها” حتى ولو كان هذا السلام الذي نتحدث عنه ينطوي على مخاطر إلا أننا نؤكد لشعبنا أننا نمتلك الأدوات اللازمة لتحريك الوضع العسكري عندما يتطلب الامر ولدينا أسلحة تمكننا من تحرير كامل أراضينا وتلك التي لا تزال تحت سيطرة الحوثي ، وبما أننا تحت طائلة البند السابع نطمئن شعبنا بأنه لا داعي للقلق من العودة إلى نقطة الصفر في مسار الثورة والانتفاضة وللعلم ان الثورة والانتفاضات السابقة هي من أدت إلى إسقاط نظام الرئيس السابق على عبدالله صالح في صنعاء ودفعت ببعض الأحزاب لادعاء أنها من أسقطته إلا أن تلك الأحداث كانت مجرد تحصيل حاصل ، فمن أسقط النظام البائد بالأمس من السهل عليه أن يسقط حكم الحوثي أيضا .
س / هل تناقشتم مع التحالف العربي توقيت مغادرة دول التحالف بشكل نهائي وتسلم القيادة الجنوبية للأراضي المحررة رسميا؟
بالتأكيد ناقشنا هذا الموضوع مرارا وتكرارا ولا شك أن للتحالف فضلا كبيرا فيما وصلنا إليه ولكن يبقى سيناريو الفصل الأخير غامضا وكل الخيارات واردة لا أحد يعلم بشكل دقيق ما الذي يريده التحالف منا في نهاية المطاف فمثلا عندما نتحدث عن تحرير الأراضي الجنوبية كاملة نجد ان التحالف يربط هذا الأمر مباشرة بتحرير صنعاء أولا وتسوية وضعها وكان ذلك يمثل أولى أولوياتها وبالمقابل نوكد أن اولوياتنا مختلفة تماما ونرفض بشكل قاطع خلط الأوراق او المساومة على قضيتنا التي نعتبرها اساس فشل الوحدة اليمنية بين دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية وما اتى بعدها هي نتائج لهذه الازمة من حرب وعدوان واحتلال الجنوب عام 1994م ، أما فيما يتعلق بالتوقيت فلم نأت على ذكره لأن ذلك يتوقف علينا وحدنا وبإرادتنا نحن من يفرض الأمر الواقع ضمن الإطار الزمني الذي نحدده ، وتحرير صنعاء ليس من أولوياتنا أو مسؤولياتنا فاولوياتنا هي قضية شعب الجنوب تحريراراضيه من الاحتلال اليمني واعادة بناء دولته المستقله فشعبنا لم يعد قادرا على تحمل المزيد من الأعباء التي أرهقته طوال هذه السنوات المليئة بالمعاناة ، وأعيد التأكيد أن عام 2025م سيكون عاما حاسما ومصيريا على كافة الأصعدة ، من يدري ؟ ربما يكون هذا العام هو عام استعادة دولتنا حرة أبية بإرادة شعبه وبتصميمه الذي لا ينكسر .
س / اما آن الأوان لمحاسبة الفاسدين ومحاكمة قتلة الشهداء ؟
ج / بالتأكيد فمن أولويات مهامنا محاسبة كل من تورط في ملفات فساد بدءا من المنتسبين للمجلس الانتقالي وانتهاء بالاحتلال اليمني وأفراده الذين عاثوا في أرض الجنوب فسادا إذ ارتكبوا ( 59 ) مجزرة جماعية قبل تآمرهم مع عناصر تنظيم القاعدة والتعاون مع كل القوى التي يمكنها ان تلحق الأذى بشعبنا حيث قدم شعب الجنوب حتى 2023م اكثر من (97 ) الف شهيد ، واكثر من( 203 )الف جريح والذين دخلوا إلى زنازين وسجون نظام الاحتلال اليمني بلغ عددهم ب ( 158 )الفا ، أيضا قام الاحتلال بنهب 680 مليار دولار من عوائد النفط والذهب والثروة السمكية ، ودمروا ممتلكات عامة وخاصة تقدر بـ 447 مليار دولار من البنى التحتية للمصانع والشركات الاقتصادية وشركات الطائرات والسفن والدفاعات الجوية والصواريخ والدبابات والبحرية السابقة للقوات المسلحة الجنوبية و دمروا 3487 مبنى حكومي بما في ذلك الأندية الرياضية والفنادق ودور السينما والمسارح ومنازل المواطنين .
كما شهدت فترة الاحتلال اليمني (687) الف حالة طرد من الوظائف للجنوبيين و(347) الف حالة نفي من الجنوب الى دول العالم مازال اعداد واسعة منهم في الخارج حتى الان ، وقاموا بتدمير ( 2306 ) من التعاونيات الأهلية كما نهبوا ودمروا 63 مزرعة حكومية .
أما محاكمة قتلة الشهداء فنحن لا نسعى فقط إلى محاسبتهم فحسب بل والسير على نهج الشهداء وتحقيق الأهداف التي بذلوا أرواحهم فداء لهذا الوطن ونحن عقدنا العزم لتحقيق هذه الأهداف الكبرى التي نعتبرها انتصارا لدمائهم الطاهرة والزكية وانتصارا لهذه الأرض التي سفكت بها ولأجلها الدماء العزيزة على قلوبنا .
زر الذهاب إلى الأعلى