كتب / اصيل الحوشبي
في وقت يعاني فيه الشعب الجنوبي من تبعات الأزمات الاقتصادية والسياسية المستمرة، تجد الحكومة الشرعية نفسها في موقف محوري حاسم قد يؤثر على مصير المنطقة بأكملها. فعندما اختار الشعب الجنوبي أن يخرج في تظاهرات سلمية أمام مكتب الأمم المتحدة، مطالبًا بتحقيق مطالبه المشروعة، كان الرد الحكومي مفاجئًا، حيث قامت الحكومة برفع سعر صرف العملات المحلية، في خطوة قد يراها الكثيرون جزءًا من لعبة الشرعية المستمرة للضغط على الشعب الجنوبي وإخضاعه.
الضغط الاقتصادي كأداة للترهيب
رفع سعر صرف العملات هو في جوهره إجراء اقتصادي مؤلم يعكس الأزمة النقدية، ولكن استخدامه في سياق التظاهرات والاحتجاجات له دلالات أعمق. فهي رسالة مبطنة للمجتمع المحلي والدولي وللتحالفات السياسية بأن الحكومة الشرعية على استعداد لاستخدام الأدوات الاقتصادية كوسيلة للقمع، مما يعكس ممارسات سلطوية تسعى إلى فرض هيمنتها على الشعب الجنوبي. ومع تزايد معاناة المواطنين من ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع المعيشية، يزداد الوضع تفاقمًا ويزيد من الغضب الشعبي.
التحالفات والتحديات السياسية
من جانب آخر، فإن هذه الممارسات تشكل تحديًا للعديد من الأطراف المعنية، سواء كانت محلية أو دولية. فالمجتمع الدولي الذي يدعو إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، يرى أن مثل هذه السياسات ليست سوى إشعال للنار في فتيل الأزمات، في وقت يحتاج فيه الجميع إلى الحلول السريعة والواضحة. بينما يتساءل التحالف العربي عن قدرة الحكومة الشرعية على إدارة الوضع في الجنوب وفرض سياسات تتسم بالعدالة والشفافية.
لعبة الشرعية: هل هي حقيقة أم تلاعب؟
لقد أثبتت التجارب الماضية أن حكومة الشرعية قد تبنت سياسات لا تنحاز إلى مصالح الشعب الجنوبي ولا تساهم في تحقيق تطلعاته. بدلًا من اتخاذ خطوات حقيقية نحو حل الأزمات السياسية والاقتصادية، تواصل الحكومة إدامة الأوضاع الراهنة من خلال الممارسات الاقتصادية التي تؤدي إلى تدهور الأحوال المعيشية بشكل مستمر. لذا، فإن الخطوة الأخيرة في رفع سعر صرف العملات تعتبر حلقة جديدة في سلسلة من السياسات التي تهدف إلى خلق مزيد من الفوضى والاحتقان.
دعوة إلى الحلول العادلة والمستدامة
في ظل هذه الظروف، لا بد من أن يتدخل المجتمع الدولي وباقي الأطراف الفاعلة في المنطقة لتوجيه رسالة واضحة إلى حكومة الشرعية بضرورة التوقف عن هذه السياسات القمعية التي تزيد من معاناة الشعب الجنوبي. وفي الوقت نفسه، يجب أن يتم تسليط الضوء على ضرورة إيجاد حلول سلمية وشاملة للقضية الجنوبية، تضمن حقوق المواطنين وتحقق تطلعاتهم في الحرية والعدالة.
وفي النهاية، لا يمكن لأية حكومة أن تفرض سلطتها عبر الضغط الاقتصادي وحده. فالشعوب التي تواجه قسوة الواقع لا تستسلم أبدًا. بل إن تلك السياسات تساهم في تحفيز الإرادة الشعبية لتحقيق التغيير الجذري المنشود، وتحقيق تطلعات الشعب الجنوبي في الاستقلال والحرية.
زر الذهاب إلى الأعلى