تقـــارير

تحليل | الدور الإقليمي في حضرموت يعزز إرادة شعب الجنوب أم يقوضها؟

تحليل | الدور الإقليمي في حضرموت يعزز إرادة شعب الجنوب أم يقوضها؟

صوت الضالع / تقرير / عين الجنوب 

تصدر اجتماع صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلمان آل سعود، وزير الدفاع السعودي، مع الشيخ عمرو بن حبريش، رئيس حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع، المشهد السياسي، مثيراً تساؤلات حول طبيعة هذا اللقاء وأبعاده وتأثيره على مستقبل حضرموت والجنوب بشكل عام.

الاجتماع يأتي بعد زيارة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي الى حضرموت حيث لاقت زيارته ترحيب شعبي كبير، وتأثيراً في حلحلة الأزمة في حضرموت، حيث تعيش حضرموت مرحلة حساسة في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تواجهها. فبين تطلعات أبناء المحافظة نحو الاستقرار والتنمية، وبين محاولات بعض القوى الخارجية والمحلية إعادة ترتيب الأوراق وفق مصالحها، تبقى حضرموت محوراً رئيسياً في المعادلة الجنوبية، نظراً للتاريخ والمصير المشترك.

لا شك أن المملكة العربية السعودية الشقيقة تُولي اهتماماً خاصاً بحضرموت، كونها المحافظة الجنوبية الكبرى التي تربطها حدود مباشرة مع المملكة الشقيقة، فضلاً عن ثرواتها الطبيعية وموقعها الاستراتيجي. وعلى مدى السنوات الماضية، لعبت المملكة الشقيقة أدواراً متباينة في المحافظة، تراوحت بين الدعم الإنساني والتنموي، وبين التأثير السياسي عبر بعض الأدوات المحلية، ومنها حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع، الذي كان في مراحل معينة ولا يزال مرتبطاً بتوجهات قوى سياسية، في مقدمتها حزب الإصلاح، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين المصنفة على قوائم الإرهاب.

ما يثير الاهتمام في هذا الاجتماع هو هوية الممثل الذي اختارته المملكة الشقيقة للحديث عن حضرموت. فحلف قبائل حضرموت، رغم أنه يمثل إحدى المكونات القبلية في المحافظة، إلا أنه لا يمكن اعتباره الممثل الوحيد أو الأوسع نفوذاً، حيث أن حضرموت تتميز بتعددها القبلي والاجتماعي والسياسي، ما يجعل أي خطوة تجاه مستقبلها بحاجة إلى رؤية أوسع تشمل كافة الأطراف الفاعلة في المحافظة، وليس الاكتفاء بمحور واحد قد يكون منحازاً لأجندات معينة مثل الإخوان العدو الاول للجنوبيين.

في ظل هذه المعطيات، يبقى التساؤل مطروحاً حول مدى جدية هذا الاهتمام السعودي، وما إذا كان سيتحول إلى خطوات عملية تخدم فعلياً أبناء حضرموت، أم أنه مجرد محطة أخرى في سياق إعادة تدوير الأدوات القديمة لخدمة مصالح معينة. فابناء حضرموت، الذين لطالما طالبوا بإدارة شؤونهم بعيداً عن الوصاية اليمنية، لن يقبلوا بأن تتحول قضاياهم إلى مجرد ورقة تُستخدم في معادلات سياسية لا تخدم مصالحهم المباشرة.

شعب الجنوب، الذي يخوض معركة استعادة حقوقه وسيادته وبناء دولته الفيدرالية، ينظر إلى حضرموت كجزء لا يتجزأ من هذه المعركة. وبالتالي، فإن أي تحركات دولية أو إقليمية تجاه المحافظة يجب أن تأخذ في الاعتبار الإرادة الشعبية الجنوبية، وأن تكون في إطار مشروع يعزز الاستقرار، وليس يعيد إنتاج قوى فقدت مشروعيتها وفشلت في إدارة المرحلة السابقة.

التطلعات الجنوبية تتركز على ترجمة هذا الاهتمام السعودي إلى مشاريع تنموية حقيقية، وإجراءات عملية تعيد لحضرموت مكانتها الاقتصادية، بعيداً عن أي حسابات سياسية قصيرة المدى. فلا يمكن الحديث عن الاستقرار في حضرموت دون معالجة القضايا الجوهرية، مثل إدارة الموارد، وتوفير الخدمات، وتعزيز الأمن، وضمان استقلال قرار ابناء حضرموت ضمن إطار الدولة الجنوبية الفيدرالية.

على المدى القريب، سيكون من المهم مراقبة نتائج هذا الاجتماع، وما إذا كان خطوة فعلية نحو سياسات جديدة في حضرموت. وبقدر ما يترقب الشعب الجنوبي مخرجات هذا اللقاء، فإن الرهان الحقيقي سيكون على مدى توافق أي خطوات مستقبلية مع الإرادة الشعبية لأبناء حضرموت والجنوب الذين حسموا قرارهم، بعيداً عن أي محاولات لإعادة إنتاج تجارب لم تحقق شيئاً سوى مزيد من التعقيد وعدم الإستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في حضرموت بشكل خاص.

إن مستقبل حضرموت لا يمكن أن يُرسم من خلال اجتماعات مغلقة أو تحركات غير مدروسة، بل يحتاج إلى حوار يشارك فيه الجامع والحلف والمجلس الإنتقالي الجنوبي الذي يمتلك شعبية في حضرموت أكثر من الاول والثاني مجتمعين، ويجب أن يستند إلى رؤية وطنية تعكس تطلعات الشعب الجنوبي في بناء دولة عادلة ومستقرة من المهرة الى باب المندب. فالتحدي الأكبر ليس في عقد الاجتماعات، بل في القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة التي تنسجم مع حقائق الواقع، وتخدم تطلعات أبناء حضرموت والجنوب في مستقبل مستقر ومزدهر، يراعي حقوق الجوار وينشد السلام والأمن والإستقرار الإقليمي والعالمي.

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى