مقالات وتحليلات

حضرموت ترفع صوتها: إرادة شعب تفرض مسارها نحو الأمن والاستقرار

حضرموت ترفع صوتها: إرادة شعب تفرض مسارها نحو الأمن والاستقرار

كتب : اصيل هاشم 

يشهد وادي حضرموت مرحلة غير مسبوقة من الوعي الشعبي، حيث خرجت الجماهير لتعلن موقفها بوضوح إزاء الأوضاع الأمنية التي باتت تمس حياة الناس واستقرارهم بشكل مباشر. الاعتصام القائم في شارع الستين بسيئون لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة تراكم سنوات من التوتر والقلق الشعبي تجاه ما يعتبره المواطنون خللًا أمنيًا وهيكليًا في المنطقة العسكرية الأولى، وانعكاسًا مباشرًا لشعور السكان بأن أمنهم وحقهم في الاستقرار يجب أن يكون أولوية فوق كل الاعتبارات.

ما يشهده الوادي اليوم هو أوسع حالة حراك سلمي تعبّر عن إرادة المجتمع في أن يكون شريكًا في صياغة مستقبله. الجماهير التي احتشدت ليست موجة مؤقتة، بل صوت واعٍ يبحث عن حلول واقعية تنهي حالة الاضطراب وتعيد للأرض طمأنينتها. فالمطالبة بتغيير المنظومة العسكرية والأمنية في الوادي تعبّر عن رغبة الناس في بناء بيئة آمنة خالية من التهديدات التي عاشها المواطنون خلال السنوات الماضية.

الرسائل المتتابعة التي تؤكدها الجماهير في الوادي تعكس حقيقة واحدة: الناس يريدون أمنًا مستقرًا، ونظامًا واضحًا، ووضعًا لا يُستغل فيه الوادي أو يُستخدم كمساحة لتمرير أو تغذية أي نشاط يهدد حياة المواطنين أو مستقبلهم. الشعور العام الذي يتردد في الشارع هو أن الأمن يجب أن يكون مسؤولية تُدار بكفاءة وبما يخدم المجتمع أولًا.

المخيم القائم في الستين أصبح منصة مفتوحة يعبّر من خلالها المواطنون عن مواقفهم بشكل حضاري وسلمي، ويثبتون أن التغيير الحقيقي يبدأ من الإرادة الشعبية. حضور الناس من مختلف المديريات يرسل رسالة قوية بأن المجتمع الحضرمي موحّد في رؤيته للمستقبل، وأنه لا يقبل أن يكون جزءًا من صراعات أو محاور لا تخدم استقراره.

إن تفاعل المجتمع الحضرمي بهذا الحجم يعكس إدراكًا متناميًا بأن حماية الأرض والناس مسؤولية جماعية، وأن الوقوف بوعي هو السبيل لإيصال المطالب المشروعة. كما أنه يثبت أن السلمية هي أقوى أدوات الشعوب، وأن التعبير السلمي هو الطريق الذي يحفظ الحقوق ويمنع الانزلاق إلى الفوضى.

الحشود التي تتوافد يوميًا تعبّر عن موقف واضح: الناس يريدون معالجة حقيقية للمشكلات، ويريدون منظومة أمنية فعّالة، ويطالبون بأن تُحترم إرادتهم في كل ما يتعلق بمستقبل حضرموت والجنوب. وما يجري اليوم ليس مجرد فعالية، بل نقطة تحوّل تؤكد أن المجتمع أصبح أكثر وعيًا وأكثر استعدادًا للدفاع عن استقراره بالطرق السلمية والقانونية.

إن هذا الزخم الشعبي هو دعوة مسؤولة لإعادة النظر في المنظومة الأمنية بوادي حضرموت بما يتوافق مع تطلعات الناس وحقهم في العيش بأمان، وبما يضمن الحفاظ على السلم الاجتماعي، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة يسودها التعاون والاستقرار والتنمية.

ما يحدث في حضرموت اليوم يشبه لحظة وعي جماعي يعلن فيها الناس أنهم جزء من القرار وأن صوتهم يجب أن يكون حاضرًا ومحترمًا. هي لحظة تؤكد أن المستقبل يُصنع بالإرادة الشعبية، وأن مطالب الناس بالأمن والاستقرار ليست ترفًا، بل أساسًا لحياة كريمة لكل مواطن.

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى