مقالات وتحليلات

انا والجندي اليمني وشهادته وجها لوجه .. عيدروس الزبيدي أسطورة نضالية متفردة.

صوت الضالع / صالح الضالعي

أن يصفك صديقك بأوصاف حسنة فهذا ليس بغريب كونه يعد من محبيك ،لكن أن يشهد لك عدوك فذلك شهادة يجب علينا أن نعتز بها وتجعلها أوسمة ونياشين في صدورنا .

نحن هنا نقصص وقع حدث حقيقي جاء صدفة – قصة  ليس من نسج خيالنا بنيناها أو استوحيناها  كاحرف في بنيان مرصوص– كلا والله انها قصة من واقع تحدث بها جندي يمني ، وعلى لسانه جازما أنه سيقراء ماكتبنا أن كان حيا واسال الله تعالى أن يرزقه السعادة ويمتعه بالصحة والعافية وأن يلبسه لباسا حسنا.

في عام (2010)م وكالمعتاد كانت صحوتنا من نومنا في الساعة السابعة ذلك لكي اتجهز للذهاب لعملنا اليومي– المكان الحصبة بصنعاء خلف وزارة الداخلية ، هناك حيث كنت مؤجرا منزلا بصحبة عدد من أبناء بلدتنا ( الضالع– الازارق) .. وفي تمام السابعة والنصف خرجت من منزلنا وترجلت السيارة – ثم بعد هذا ذهبت صوب مطعم عمنا ( صالح الريمي)  فطلبت منه إحضار وجبتنا – دقائق معدودة حتى تم تقديم متطلبات وجبة الإفطار ، سميت الله واكلت بيميني ، وكوننا كنا على شهرة بين أوساط الناس بصفتنا من مشاهير المذيعين في قناة السعيدة اليمنية المستقلة ، فكلما ولج شخصا رد سلامه لنا لنرد باحسن منه – شد انتباهنا شخصا يبلغ من العمر خمسين عاما ، إذ كان يرمقنا بسهام نظراته التي لم تفارقنا ومتخذا مقعدا مقابل مقعدنا ولا يفرق بيننا سوى مترين على أقل تقدير.

داهمنا الخوف ورتعدت فرائصنا نتاج لتكرار نظراته نحونا – ظننت وان بعض الظن إثما أنه من عسس النظام الذي كلفه بمراقبتنا – فما كان منا إلا توجيه له الدعوة بمشاركتنا افطارنا ،  إلا أنه وبلطف وابتسامة  شكرنا ثم قال عفوا منك ممكن سؤال إن لم يكن لديك مانع؟ – أجبته بكل سرور هات مامعك – قال اشكرك على تواضعك ولكن هل انت المذيع ( صالح الضالعي) رديت عليه “نعم” انا صالح الضالعي – فكان رد الجندي اليمني ، تشرفت بمعرفتك عن قرب ، ولكن هل انت ضالعي حقا ام لقبا – بدورنا أكدت له بأننا ضالعيا اباعن جد وجد وجد – الجندي اليمني – من اين ياترى ؟  كان حديثنا عن بعد ووجدت أن أمامنا مقاعد كثيرة خالية ،فطلبت منه أن أجلس أمامنا – فاستجاب لطلبنا – فرديت على سؤاله بأننا من مديرية الازارق م/ الضالع – الجندي اليمني– ونعم الرجال انتم ياابناء الازارق ،توجست منه خيفة لقوله هذا – فوجهنا إليه سؤالا بعد أن شكرناه لثناءه علينا ولكننا سألناه من اين انت ؟ الجندي اليمني– نحن من وصاب السافل – كررت عليه سؤالا اخرا مفاده وهل تعرف أبناء الازارق ؟. الجندي اليمني– نعم اعرف الكثير منهم واعرف أيضا الازارق وجحاف والحصين وزبيد وكثير من مناطق الضالع – تعجبت من أمر هذا الجندي وبذلك حاولت بقدر الإمكان أن أكون غامضا في اجاباتنا  ظنا منا بأنه استدراج لنا ، مع أنه لم يلج في فصول السياسة – وفي سؤالا لنا موجه من قبل الجندي اليمني يقول فيه استاذ ( صالح ) هل تعرف ( عيدروس الزبيدي) وهنا مربط الفرس ، السؤال الذي جعلنا في تردد عن الإجابة عنه وجعلنا حيرانا من أمر سؤاله ،اما إجابة حقيقية تنجونا من تأويلات الجندي حال إنكارنا في عدم المعرفة بالقائد ابو ( قاسم ) ليس عن قرب وانما حتى سماعا عنه بحسب سؤاله – قررت أن أكون صريحا وصادقا في اجاباتنا – إذ كان ردنا (نعم) اسمع عنه كثيرا كونه قائد حركة( حتم) ولكننا لم نتشرف بمعرفته عن قرب.. وواصلت حديثنا معه في سؤالنا إليه ماالاسباب التي جعلتك تسال عن القائد ( عيدروس ) ؟ – الجندي اليمني – عفوا استاذنا لاتنزعج منا كوننا لسنا من أولئك الذي تظن فيهم سؤ – مواصلا:  أن كنت ضالعيا فوالله أنني سافاخر بهذا الرجل – متابعا : انا كنت أحد الجنود المنتسبين للواء(35) مدرع بقيادة (محمد عبدالله حيدر) السنحاني الظالم – رأيت بأن هناك تذمرا بدت على ملامح وجهه– فما كان منا إلا أن وجهت سؤالا إليه  : حسنا فهمت الان ولكن اجبنا عن كيف تعرفت على القائد ( عيدروس ) وهل انت من جنود الموقع المطل على منطقته (زبيد) . الجندي اليمني – القصة طويلة استاذنا وانت يبدو بانك على عجالة – أجبته احكي لنا ونحن سماعون لك وبالتفاصيل واتمنى ان تقول الحقائق دون مجاملة أو غير ذلك.

الجندي اليمني – القصة فيما قلت آنفا عن انتسابنا للواء (35) مدرع بالضالع – لافتا بأن القيادة كلفت سرية من سرايا اللواء لتعزيز نقطة امنية مستحدثة من قبل النجدة والواقعة بالقرب من محطة الوداد وتحديدا في نهاية عام (2010)م – وقال : تحركنا بناء على توجيهات القيادة لتعزيز النقطة فمكثنا فيها بضع أسابيع وحينها بدأت فصول قصتنا مع القائد ( عيدروس) .. منوها بأنه في منتصف ليلة ظلماء فوجئنا بهجوم مباغت علينا فوقع جميعنا أسرى لدى المقاومة – وكان عددنا حوالي (20) جنديا شهدنا وكبرنا واعتبرنا أنفسنا في عداد القتلى – كان هناك قائدا طويلا متميزا على الآخرين من حيث الهيبة والرصانة والأخلاق فقام بتوجيه أسئلته حتى انتهى من اخرنا ومن ثم قال لنا : انتم جنود مغلوب على امركم ولستم مستفيدين مما تسمى الوحدة – نحن نقاتلكم كون لدينا قضيتنا الجنوبية ولن نهداء حتى يتم استعادتها كون قيادتكم قتلتنا وشردتنا وهمشتنا واقصتنا واستولت على ثرواتنا وجعلتنا كعبيد، لاكرامة للمواطن الجنوبي ولا عزة ولا حرية في   وطنه، هكذا تتعاملون معنا.. واضاف الجندي بأن القائد ( عيدروس) قال لهم : لاتخافوا لن يمسكم أذى منا فنحن دعاة حرية وعدالة لوطن محتل ، سامنحكم فرصة ولكنها مشروطة بعودتكم إلى اهلكم وأنني ناصحا لكم عدم العودة إلى المعسكر وعلموا أن وجدناكم مرة أخرى لن نرحمكم فأمر أحد المقاتلين بصرف لنا من الفين ريال كمواصلات لنا ومع اسلحتنا، وأمرا لمرافقتنا آلى الفرزة .

– الجندي اليمني– تم ايصالنا إلى الفرزة وحجزنا اثنين باصات وتوجهنا إلى محافظاتنا ومكثنا فيها وتحديدا شهرا كاملا وبعد ذلك تم الاتصال بناء من قبل قيادة اللواء للعودة أو الفصل في انتظارنا ان لم نعود – نفذنا أوامر قيادتنا وعدنا إلى المعسكر ، وبعد ذلك تم إرسالنا إلى نفس النقطة التي تم أسرنا فيها– ثم كان الهجوم الثاني وفي وقت قرب الفجر ومرة أخرى وقعنا في الأسر – نفس القائد الذي قابلناه في الهجوم الاول يقول لنا اسمك ومن اي محافظة وهل لديكم اولاد حتى وصل إلى عندنا وقبل توجيه لاسئلتنا قال لنا انت بالذات كنت أسيرا في هجومنا الاول فلماذا عدت رغم تحذيراتنا لكم ، ويصف الجندي اليمني الموقف بأنه كان مفزعا بالنسبة له ، وقال بالحقيقة ارتجفت وارتعشت ورأيت أنني مقتولا لاسيما وأن القائد قد تعرف علينا .

واردف الجندي اليمني بقوله: اخي القائد نحن فعلا لم نكن لنرغب في العودة إلى المعسكر ولكن القيادة وقفت رواتبنا وتريد استبدالنا باخرين ونحن خدمتنا تجاوزت العشرين عاما.. مؤكدا بأن القائد ( عيدروس) الذي عرفنا مؤخرا بأنه هوحيث قال ويقصد القائد “عيدروس” : ساعفو عنكم وساعطيكم فرصة ثانية ولكننا انصحكم اتركوا بلادنا والرزق على الرزاق الكريم اذهبوا فأنتم الطلقاء وساصرف لكم حق المواصلات وسيتم مرافقتكم إلى الفرزة والله معاكم.

–الجندي اليمني– تم صرف لنا من الفين ريال وتمت مرافقتنا إلى الفرزة وتحركنا إلى محافظاتنا– مشيرا بأنه حال وصوله إلى أهله سألته أمه عن سر عودته مبكرا ، فقال لها : تم الهجوم علينا من قبل (عيدروس) وجماعته يوم امس وللمرة ثانية وعرفنا شخصيا بأننا وقعنا أسرى في الهجوم السابق  ولكنه كان إنسانا كريما ومتسامحا وشجاعا والدليل عن عفوه علينا ودون أن يعاقبنا أو يهيننا ، فبكت والدة الجندي اليمني الوصابي وقالت لابنها : ياولدي استمع لكلام صاحب الضالع وأحمد الله انك وقعت في يدي أناس يخافون الله فلم يؤذوكم وأما الأرزاق ياولدي فإنها بيد الرزاق.

–الجندي اليمني – بعد شهر سمعنا بأن القيادة فصلتنا واستبدلت غيرنا ، مواصلا حديثه : حين سماعنا للخبر  حزنت حزنا شديدا على ماقضينا من سنوات خدمة ذهبت بجرت قلم واخبرت والدتي بهذا فما كان منها إلا دعاء الله للقائد( عيدروس الزبيدي ) بالنصر ، بقولها اللهم انصر عبدك ابن عبدك القائد ( عيدروس ) نصرا عزيزا على هؤلاء الظلمة .

اخذنا حديث الجندي اليمني (الوصابي) إلى ماهو ابعد في مواجهة الاحتلال وتفاعلت معه وفي نفس الوقت شعرت بأن الجندي في أمس الحاجة إلى مساعدته فأخذت ماكان في حوزتنا من مبلغ مالي الا انه في البداية كان رافضا رفضا قاطعا حتى أنه اجبرنا على القسم بالله بأن يأخذه ، فاستجاب لحلفاننا بالله ، وقبل انصرافنا طلب منا رقم هاتفنا ، وبكل سرور لبينا طلبه ، وبهكذا كانت آخر كلماته  : والله ثم والله لو هناك مائة رجل في الجنوب كمثل القائد ( عيدروس الزبيدي ) لحررتم الجنوب منا خلال شهر.

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى