كتبَ / هيثم بن سبعه اليافعي
إن الثورات التحررية ليست انتهاكاً للمجرى الطبيعي لتطور المجتمع التأريخي؛ كما يزعمُ أعداء الحياةِ الحرة والكريمة الخاليةِ من كل أشكال الإستغلال والإستعباد والإذلالِ والمُهانة؛ بل هي الشكل الضروري والاداة الفعالة للقوى الإجتماعية الخيرة التي تشقُ بها تلك القوى المضطهدة طريقها للخلاص من الظلم والاضطهاد والإنتقالِ من تشكيلةٍ إقتصاديةٍ إجتماعيةٍ رجعيةٍ إلى تشكيلة إجتماعيةٍ إقتصاديةٍ تقدميةٍ وهنا تكمن قيمة أي ثورة أو حركة إنقلابية في سياق تطور المجتمع المعني.
إن الثورات لاتقوم وتنجح حسب رغبات مختلف الأفراد والجماعات وحتى الأحزاب والطبقات. بل تتحقق عندما تنضج الظروف الموضوعية، والذاتيةِ ألملائمة وهذا قانون مهم من قوانين الثورات التحررية.
ولكل ثورة مضمون إجتماعي إقتصادي معين، بصرف النظر عن إرادةِ الإنسان وادراكه.
إن قيمة الثورة تكمن في الأهداف التي تسعى قوى الثورة إلى تحقيقها في قيام نظام إجتماعي جديد تقدمي يسود فيه الأمن والإيمان والاستقرار والعدالة الإجتماعية وتلتقي فيه الحقوق والمصالح المشروعة الخاصة والعامة على صعيد التعايش السلمي دون تصادمٍ أو تعطيل ويعيش الناس في إخاءٍ وارفٍ بكلِ خيرٍ ورخاء.
إن القوى الثوريةِ التقدمية، ومنها قوى الثورة الوطنية التحرريةِ الجنوبيةِ، لاتستطيع أن تحقق إنتصار الجديد التقدمي على القديم الرجعي المتخلف، إلأ باستلام أو الاستيلاء على سلطة الدولة السياسية وهي الحلقة المركزية في إنتصار الثورة، اي إنتقال السلطة من يد عصابات ماتُسمى بالشرعية واحزابها الإرهابية إلى أيادي قيادات الثورة الجنوبية ممثلة بالإنتقالي الجنوبي واي قوى ثورية جنوبية تلتحق أو تتحد مع الإنتقالي على اساس وحدة هدف التحرير والاستقلال الذي هو الشرط الموضوعي لوحدة القيادة ووحدة القيادة هي الشرط الذاتي لتحقيق الهدف.
فالثورة بمعنى هذه الكلمة الأصلي، إنما هي إنتقال سلطة الدولة من طبقةٍ أو فئةٍ إجتماعيةٍ إلى يدِ أخرى. وهنا نؤكد على عدم التقاء أو وحدة الضدين : (الإنتقالي الجنوبي صاحب الأرض والشرعية الثوريةِ والشعبية، مع شرعية الإحتلال الشمالي للجنوب، لسبب الإختلاف في الأهداف المرحلية والاستراتيجية.
يحصل هناك مايُسمى بتحالف الضرورة عندما تكون هناك قواسم مشتركة تقتضي الضرورة إقامة تحالفات مرحلية إلى أن يتم تحقيق تلك القواسم المشتركة ويعود كل طرف إلى وضعه فكل طرف له اراداته وأهدافه وكلٌ يسعى إلى تحقيق أكبر قدر منها ويمكنني أن أورد مثل حي من واقع ماحصل في الجنوب من تحالف بين ماتُسمى بالشرعية واحزابها الإرهابية، وقوى الثورة الجنوبية وعدد من الفصائل الأخرى، إلى أن تم دحر الحوثي من أراضي الجنوب وعاد الصراع بين قوى الإحتلال اليمني وقوى الثورة الوطنيةِ التحررية الجنوبية.
إن الثورات هي ذروة الصراع بين الحق والباطل والظلم والعدل وهي قاطرات التأريخ.
إن بعض ثورات الشتاء العربي وليس الربيع العربي احتوت على تناقض جذريٍّ ثورات أو حركات جماهيرية احتجاجية واسعة ولكنها ترتبت عليهانتائج ضد الاغلبيةِ المُستثمرة وفي صالح الاقلية الاستثمارية. مثال على ذلك ما سموها ثورة الشباب في اليمن وفي العراق وفي ليبيا، اما في مصر وتونس فقد حُسمَ لصالح أغلبية القوى الخيرة في الشعبين بعد إن كان قد وصل حزب الشيطان إلى سدة الحكم.
إن الثورة الوطنيةِ الجنوبيةِ التحررية هي تمتلك الصفة القانونية وفقاً للقوانين والمواثيق والعهود الدولية والشرائع السماوية في مواجهة الظلم والقهر والفساد وإغتيال الأنفس البشرية بغير الحق ونهب الثروات.
إن العنف والنضال الثوري المتفاني والبطولات الحقة الفائقة والتضحيات الجسيمة لشعبنا الجنوبي وقواه الثورية بقيادة الإنتقالي قد حققت نجاحات إيجابية بإتجاه الهدف الاستراتيجي..ولولا التآمرت الداخلية والخارجية على الثورة الجنوبيةِ التي هي ثورة الأغلبية في صالح الأغلبية من الشعب، لكان قد تحرر الجنوب.
إن من بين العوامل الضرورية أو القوانين لنجاح الثورة هي وحدة الظروف الموضوعية والذاتيةِ.
إن مجمل الظروف الإجتماعية والسياسية التي يمكن أن يحدث ويزداد الإنفجار الثوري في ظلها، يُسمى الوضع الثوري الذي بدونه لايمكن نجاح الثورة وعلائمة هي : 1.ازمة سياسة الطبقة أو الفئة الإجتماعية السائدة، التي تتجلى في إستحالةِ الحفاظ على سيادتها بشكلها السابق، في إستحالةِ العيش والحكم حسب الطريقه القديمة. وهذا الظرف يضعف الحكومة ويجعلُ سياستها غير واثقة وغير صلبة، الأمر الذي يسهل إسقاطها.
2. تأزم بؤس ومصائب أغلبية قوى الشعب الخيرة أكثر من المعتاد فلا ترغبُ بالتالي أن تعيش على هذا النمط.
3. اشتداد نشاط الجماهير اشتداداً كبيراً واستعدادها للعمل الثوري المستقل السافر بكل أشكاله.
إن نسبة 90٪ من الظروف الذاتية من حيث وحدة شعب الجنوب وقيادته متوفرة،حيث يؤكدُ علم الإجتماع إن نسبة النشطاء في أي مجتمع=5%من إجمالي عدد السكان ، فيهم الصالح وفيهم الطالح ، وشعبنا تجاوز هذا الرقم بالعشرات وكانت المسيرات والتظاهرات الإحتجاجية بالمليون في محافظات الجنوب. غير إن العوامل الموضوعية لم تكن في المستوى المطلوب بسبب التآمرت الداخلية والإقليمة والدولية وهذاما يؤكدُ إن هناك شركات إقليميةٍ ودوليةٍ متورطة في قضايا فساد جسيمة في مجال النفط ونهب الثروات الأخرى من الجنوب ذلك إن الحروب الدائرةُ اليوم في المنطقة هي حروب شركات. ويمكننا ان نلخص بعض تلك العوامل والتآمرات على الثورة الجنوبية بما يلي :
* تمسك دول الإقليم والدول الكبرى بالمرجعيات الثلاث التي كانت سبباً للحروب في اليمن وليس لإحلال السلام.
” محاولة إلزام الإنتقالي بتلك المرجعيات الثلاث ، وهو غير ملزم بها قانونياً لإنهُ لم يكن طرفاً فيها .
* منح الشرعية لمن لا شرعيةً له، اقصد ماسميت بالحكومة الشرعية،بعد إن كانت على وشك السقوط بعدعام 2015م، والسماح لها بارتكاب جرائم جسيمة بحق الجنوبيين منها نهب الثروات وايداع عائداتها في البنك الأهلي في الرياض.
التفجيرات والاغتيالات ودعم القاعدة وداعش وجلبهم إلى الجنوب.
*. حرب الخدمات وقطع المرتبات على الجيش والأمن الجنوبي وهذه الأعمال ترتقي إلى مصاف جرائم إبادة جماعية.
*. قبول الرياض للفكرة الغبية التي جائت بها ماتُسمى بالشرعية واحزابها الإرهابية وهي تقاسم السلطة على الأحزاب السياسية ونحن الجنوبيون قضيتنا ليست قضية سلطة ومعارضة، بل قضية وطن وهوية وتأريخ سياسي تم طمسهما.
*. نود التنبيه إلى عدم الخلط بين مهام الثورة ومهام وواجبات الدولة حيث يتعمد البعض بإن ينحي أللائمة على الإنتقالي ويطلب منه ماليس بمقدوره القيام فيه بل هو من مهام وصلاحيات واختصاصات وواجبات الحكومة مثل المرتبات والتسويات والخدمات والمشاريع… الخ.
وأخيراً وليس بآخر نؤكد إن وحدة شعبنا والتفافه حول قيادته (الإنتقالي) والقوى المؤمنه بالهدف هي أقوى وأمضى سلاح لتحقيق استقلال الجنوب وبناء دولته المدنيةِ الفيدرالية الحديثة على ترابهِ الوطني بحدودهِ المعترف بها دولياً ما قبل 22/ مايو / 1990م.
بقلم هيثم بن سبعه اليافعي
زر الذهاب إلى الأعلى