تقـــارير

تقرير غربي: استمرار اليمن الموحد يطيل الحرب.. والتقسيم خيار لإنقاذ المدنيين

تقرير غربي: استمرار اليمن الموحد يطيل الحرب.. والتقسيم خيار لإنقاذ المدنيين

صوت الضالع | وكالات    

حذّر موقع “ذا ناشيونال إنترست” الأميركي من أن التمسك بوحدة اليمن بصيغتها الحالية يطيل أمد الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد، معتبرًا أن خيار تقسيم البلاد إلى شطرين شمالي وجنوبي قد يكون المسار الأكثر واقعية للحد من الانهيار الإنساني والسياسي الذي يعيشه اليمن منذ 2014.

وقال الموقع، في تقرير، إن الأزمة اليمنية لم تعد مجرد صراع داخلي مسلح، بل نتيجة وحدة سياسية “مصطنعة” بين شطري اليمن عام 1990، لم تُبنَ على توازن سياسي أو اجتماعي، الأمر الذي جعلها عرضة للانهيار منذ اليوم الأول، ثم الانفجار مجددًا عام 2014 مع سيطرة الحوثيين على صنعاء.

وحدة غير متوازنة منذ 1990

يشير التقرير إلى أن مشروع توحيد اليمنين الشمالي والجنوبي قبل 35 عامًا كان قائمًا على هيمنة مركزية شمالية لا تعكس الوزن السياسي والاجتماعي للجنوب. وقد ظهرت تلك الاختلالات سريعًا في حرب 1994، التي كسرت أول محاولة لتقاسم السلطة بين الطرفين، قبل أن تعود التوترات لتتصاعد تدريجيًا حتى الانفجار الواسع في العقد الأخير.

ويرى التحليل أن اليمن اليوم منقسم فعليًا: “شمال يخضع لإدارة الحوثيين، وجنوب وشريط شرقي تسيطر عليه الحكومة المعترف بها دوليًا، ومناطق واسعة تحت نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يسعى علنًا لاستعادة دولة الجنوب السابقة”.

ويمثل الهجوم الأخير الذي نفذه المجلس الانتقالي في حضرموت مثالًا على حجم الشرخ بين مكونات اليمن، ما يجعل فكرة إعادة البلاد إلى “وحدة 1990” شبه مستحيلة، بحسب التقرير.

الحرب تُفاقم أزمة إنسانية غير مسبوقة

ينبّه التقرير إلى أن استمرار اليمن كوحدة سياسية واحدة لم ينجح في تحسين حياة المدنيين، بل أدى إلى تراكم الأزمات. وتشير الأرقام الحديثة إلى أن أكثر من 19.5 مليون يمني يحتاجون مساعدات إنسانية، بينما يعاني الاقتصاد من انهيار شامل: “تراجع حاد لقيمة العملة، اتساع رقعة الفقر، انعدام الأمن الغذائي، وتراجع قدرة الحكومة على تقديم أبسط الخدمات”.

هذا الواقع، وفق التقرير، دليل على أن الحرب ليست مجرد مواجهة عسكرية، بل نتيجة مباشرة لهيكل سياسي هش لا يملك القدرة على إدارة دولة موحدة أو حل أزماتها.

التقسيم.. خيار “عملي” وليس مجرد طرح سياسي

في خطوة جريئة، يرى “ذا ناشيونال إنترست” أن إعادة تقسيم اليمن قد يكون الطريق الأكثر واقعية لإنقاذ ملايين المدنيين، خصوصًا في ظل عدم وجود أي مسار جاد لعملية سلام شاملة.

ويصف التقرير هذا الطرح بأنه “انفصال منظم” قد يفرز دولتين: “دولة في الشمال تحت قيادة الحوثيين أو سلطة جديدة منبثقة عن تسوية سياسية، ودولة في الجنوب تستند إلى القوى المحلية وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي”.

ويؤكد التقرير أن نموذج الدولتين ليس ظاهرة استثنائية؛ فقد شهد العالم تجارب مماثلة في السودان ويوغوسلافيا، وكانت نتائجها أكثر استقرارًا مقارنة بمحاولات الإبقاء على وحدة سياسية مفروضة بالقوة.

إطار إقليمي ودولي مطلوب

ويرى التقرير أن نجاح أي سيناريو تقسيم يحتاج إلى تنسيق دولي وإقليمي واسع تشارك فيه: “السعودية، الإمارات، عُمان، إضافة إلى الأمم المتحدة والولايات المتحدة”.

ويجب، وفق الرؤية الأميركية، وضع ترتيبات دقيقة تضمن: “إدارة موارد النفط في حضرموت، حماية الأقليات، تأمين الحدود، ومنع نشوء صراعات جديدة بين الكيانين المستقلين”.

خلاصة التقرير

يخلص التحليل إلى أن الاستمرار في التمسك بشعار “اليمن الموحد” يعني استمرار الحرب بلا نهاية. أما الاعتراف بالواقع الجديد — وتفضيل تقسيم منظم يضع أمن المدنيين فوق الاعتبارات السياسية — فقد يكون الحل الأكثر إنسانية وواقعية لإنهاء واحدة من أطول الحروب في المنطقة.

ويختتم التقرير بالقول إن “العالم يجب ألا يخشى الاعتراف بأن اليمن كما كان قبل 1990 لم يعد موجودًا”، وأن الحل الحقيقي يبدأ من التعامل مع الواقع كما هو، لا كما كان يجب أن يكون

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى