مقالات وتحليلات

معركة الحسم في أبين: بين صَولَةُ انتصارات قواتنا المسلحة، وهزائم التنظيمات الإرهابية

معركة الحسم في أبين: بين صَولَةُ انتصارات قواتنا المسلحة، وهزائم التنظيمات الإرهابية

بقلم: د. أمين العلياني

في قلب الجغرافيا الطاهرة على تراب جنوبنا الحبيب حيث شهدت وما زالت تشهد عبر مراحل مسيرتنا النضالية والكفاحية في الجنوب معارك ضارية بين قواتنا الجنوبية وقيادتها وبين قوى الإرهاب والظلام والاحتلال اليمني الغازية، بهدف التحرير والتطهير لشأفة الأرهاب وأدواته التخريبية، تنهض اليوم معركة جديدة تقودها قواتنا الجنوبية التي لا تهاب الموت تحت شعار “معركة عملية الحسم” في محافظة أبين، لا كمجرد حملة عسكرية عابرة، بل كفصلٍ مصيري من فصول الصراع الوجودي الذي تخوضه قواتنا الجنوبية الباسلة. إنها المعركة التي تُعيد صياغة خريطة الأمن والاستقرار لجنوبنا ومحافظاتنا وأمننا وأمن منطقتنا العربية بأكملها، وتُجسد الإرادة الفولاذية لقواتٍ صُقلت تجاربها في ميادين القتال وجبهات الفداء وأوكار تلك التظيمات المتطرفة والمجرمة، حتى أروت تراب جنوبنا بدماء شهدائنا الأبرار.

فـ “عملية الحسم” في قاموس المسرح العسكري والأمني الذي تديره وتشرف على أجراءاته غرفة عملياتنا الجنوبية، تعني ذروة الجاهزية، وذِروةَ التخطيط، وذِروةَ العزيمة بعد أن رفعٌت سقف الاستعداد القتالي، وتركيزٌ جهود مقاتلي قواتنا الجنوبية الباسلة تحت مظلة تلك غرفة العمليات المركزية الجنوبية، تعمل كـعقل جمعي ينسق بين مختلف الأذرع العسكرية والأمنية، على وفق خطط محكمة، تهدف إلى اجتثاث جذور الإرهاب وتنظيماته وأنواع أشكاله القاعدي والداعشي وانصار الشريعة من أعماق تربتها، وتطهير الأرض من أوكار التطرف والأرهاب الدخيل على جنوبينا الحبيب، حتى تتنفس أبين – وجنوبنا كله – هواء الأمان، وتستعيد ألقها المستقر.

إنها معركة ذات شقين متلازمين: شق تطهيري داخلي، يستأصل شأفة تنظيمات القاعدة وداعش وأنصار الشريعة، ويحطم بنيتها التمويلية واللوجستية، وشق دفاعي وجودي، يصدُّ ويُدمر محاولات قوى العدوان الخارجي – من مليشيات حوثية مدعومة إيرانيًّا، وأذرع إخوانية متطرفة تتخادم معًا – لجرِّ الجنوب العربي إلى مستنقع الحروب الجانبية، وتعطيل مسيرته البطولية نحو البناء والأمن والاستقرار.

لقد صارت قواتنا الجنوبية المسلحة العسكرية والأمنية، بفضل بسالتها وتضحياتها النادرة وبقائدها العظيم الرئيس المناضل عيدروس الزبيدي، في عيون المجتمع الإقليمي والدولي، القوة الشرعية الفعلية، والدرع الوفي والحصن المنيع الذي يحمي المنجزات ويبني المكتسبات، ويحارب الإرهاب بمختلف أشكاله وأنواعه والتهريب بكل أصنافه، حتى تحوَّلت هذه الثقة الدولية والإقليمية للرئيس القائد عيدروس الزبيدي، مقرونةً بالثقة الشعبية الجارفة من “الحواضن الشعبية والجماهير المحتشدة يوميًا في ” – الذين هم السند الأول والدرع الشعبي لها – هذه القوات إلى جيشٍ عصريٍ مهمته لا تقتصر على الحرب، بل تمتد إلى حماية مستقبل شعب كبير بجغرافيته وعظيم بنضاله وسياسيٍ مؤمن بثقة قيادته فكان نعم الشعب والقوات في تفويضهم لرئيسهم وكان نعم الرئيس الذي عاهدهم بالسير قدمًا نحو الأهداف المتمثلة في استعادة دولتهم الجنوبية العربية الفيدرالية كاملة السيادة حتى كان نعم العهد الذي لا ينقض والوعد الذي لا يخون.

والتاريخ خير شاهدٍ على ما قدمه رئيسنا العظيم في هذه المسيرة الملحمية دفاعًا للأرض؛ فمن عدن الملتهبة بدماء الشهداء، إلى أطراف لحج، ثم إلى أودية أبين وجبالها، وصولاً إلى شبوة الباسلة وصحاريها، حيث رسمت قوافل الشهداء من قواتنا الجنوبية بدمائها الزكية خريطةً للنصر وتحرير الأرض وتطهيرها من براثن المحتل وتنظيماته القاتلة حتى طُردت التنظيمات الإرهابية، وتمت مطاردتها في الصحاري والثغور، فقُتلت شرَّ قِتلة، وهرب من هرب مكسور الجناح إلى معاقلها في مأرب والجوف والبيضاء، تبحث عن دعمٍ خفيٍ من أطراف تتخادم مع المشروع الإيراني الحوثي.

وجاء الانتصار المدوي الأخير في صحاري حضرموت وواديها، وفي ربوع المهرة وحدودها، ليؤكد أن قواتنا المسلحة الجنوبية ودفاعاتها ونخبها قادرة على تحويل الجغرافيا الصعبة إلى ساحاتٍ للانتصار بعد أن تم اقتلاع مليشيات الإرهاب والتمويل والتهريب التي كانت تشكل شريانًا ماليًّا وعسكريًّا للمليشيات الحوثية، وتُدير شبكاتٍ معقدةً لتهريب السلاح والمخدرات، مما قطع شريان إمدادٍ حيويًّا عن أعداء الجنوب والمنطقة.

وبعد أن نجحت القوات الجنوبية الباسلة، تحت القيادة الحكيمة الممثلة بالرئيس القائد – حفظهوالله- عيدروس بن قاسم الزبيدي، في تأمين محافظات الجنوب من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا، بعد أن جاءت الأنباء الاستخباراتية؛ لتكشف عن مؤامرة جديدة تنسج خيوطها أيادٍ حوثية إخوانية خبيثة تحاول إغراق محافظاتنا الجنوبية بالإرهاب بأشكاله المختلفة حسدًا وانتقامًا من الانتصارات التي تحققت مؤخرًا بفضل قيادة الرئيس وقواتنا الجنوبية المسلحة بمختلف تشيكلاتها.

ونقولها لكل القوى السياسية المعادية لمشروعنا الجنوبي التحرري وكل التنظيمات الإرهابية بمختلف أشكالها من أن أي محاولة يائسة لنشر بؤر تطرفية جديدة من تنظيمي القاعدة وداعش وأنصار الشرعية، انطلاقًا من البيضاء أو الجوف أو مأرب أو من تحاولون استئجارهم من القرن الأفريقي، لإغراق أبين– مجددًا – وأطراف شبوة ومحافظات جنوبنا الحبيب في الفوضى، وإشعال جبهاتٍ متعددةٍ، لتفريق جهد قواتنا الجنوبية، حسدًا وغمطًا لانتصاراتها المتتالية.

الهدف واضحٌ وجليٌّ: فتحويل بوصلة الحرب من تحرير صنعاء ومواجهة المليشيات الحوثية – وهو الهدف الأساس للتحالف العربي – إلى خلق حروب جانبية تخدم الحوثي أولًا، وتُنكِّر جهود التحالف ثانيًا. ونقول لكم دون استحياء إن نواياكم باتت مكشوفة، عرفتها قيادتنا الجنوبية الحكيمة وجنود قواتنا المسلحة الأبطال منذ معارك لحج وعدن وأبين وشبوة. من أنكم تريدون أن تكون معركتكم مع الجنوب، لا مع من يستبعد أرضه من المليشيات الحوثية حتى أصبحتم مثل تلك المليشيات الظلامية الرافضية بامتياز بعد أن قطعان الرواتب وأنهيتم الخدمات وعطلتم كل مقومات الدولة.

من هنا، تأتي معركة عملية الحسم في أبين كردٍّ استباقيٍ حاسم، وهي معركة أعلنت عنها قيادتنا الجنوبية لقواتنا المسلحة؛ لتجفيف منابع التمويل الخفي، ودك الأوكار الإرهابية قبل أن تنتشر، وكشف المآرب الخبيثة التي تحاول الأضرار بالمصالح الإقليمية والدولية. وبهذا فمعركة الحسم هي معركة لحفظ البوصلة متجهة صوب الهدف الأسمى: استعادة الدولة، وإقرار الأمن، وحراسة المنجز.

إنها رسالةٌ إلى العالم والإقليم بأن الجنوب العربي، بقواته وقيادته وشعبه، قد انتزع قراره من براثن الفوضى وقيادات المنفى، وأنه سيظل حارسًا أمينًا لأمنه ومستقبله والمنطقة العربية بأكملها، مهما تعاقبت المؤامرات، وتنوعت التحديات؛ ففي ساحات أبين، تُكتب اليوم بمداد من نورٍ وبسالة، إحدى ملاحم التاريخ الجنوبي الحديث، ملحمة الحسم، التي ستُفضي – بعون الله وتأييده – إلى فجرٍ جديدٍ من الاستقرار والأمان ليس على الجنوب فحسب بل على أمن المنطقة بأكملها.

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى