تقـــارير

الاعتراف بدولة الجنوب: مدخل واقعي لسلام مستدام في المنطقة والاقليم

الاعتراف بدولة الجنوب: مدخل واقعي لسلام مستدام في المنطقة والاقليم

صوت الضالع / عين الجنوب :

تسلّط إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الضوء مجدداً على إشكالية جوهرية في مسار السلام في اليمن والجنوب تتمثل في الفجوة بين الحلول المطروحة دولياً والواقع السياسي والاجتماعي القائم على الأرض. فالتأكيد الأممي المتكرر على أن السلام المستدام يجب أن يقوم على تسوية تفاوضية تلبي تطلعات الشعوب، يعيد طرح سؤال جوهري ظل مؤجلاً لسنوات: هل يمكن تحقيق سلام حقيقي دون الاعتراف بالجنوب كدولة قائمة بإرادة شعبها؟

من توصيف الأزمة إلى جوهر الحل

يرى محللون أن الخطاب الأممي، يجب ان يوجه انطاره الى مطالب شعب الجنوب وتعبيره السلمي في ضروره الاستجابه لمطالب الجنوبيين ورغم ان التقرير الاممي يوكد هذه الحقيقه ،و يضع إطاراً سياسياً واضحاً يستحيل تجاوزه، يتمثل في أن أي تسوية لا تعترف بالوقائع السياسية والاجتماعية القائمة ستبقى تسوية هشة. وفي هذا السياق، يبرز الجنوب بوصفه واقعاً سياسياً متماسكاً، عبّر شعبه بصورة سلمية ومتواصلة عن تطلعه لاستعادة دولته، وهو ما يجعل مسألة الاعتراف بدولة الجنوب مدخلاً منطقياً لمعالجة جذور الصراع، لا خطوة تصعيدية كما يصوّرها البعض.

الاعتراف بدولة الجنوب كمدخل للاستقرار لا تهديد له

تشير قراءات سياسية إلى أن تجاهل حق الجنوب في استعادة دولته لم يؤدِّ إلى الاستقرار، بل أسهم في إطالة أمد الصراع وإعادة تدويره. وعلى العكس، فإن الاعتراف بدولة الجنوب يُنظر إليه كخطوة تنظيمية للصراع، تنقل القضية من حالة النزاع المفتوح إلى إطار سياسي تفاوضي واضح المعالم، قابل للمعالجة ضمن المرجعيات الدولية.

ويؤكد مراقبون أن الاستقرار الإقليمي لا يتحقق عبر إنكار الحقوق السياسية، بل عبر الاعتراف بها وتنظيمها. ومن هذا المنطلق، فإن دولة جنوبية معترف بها وقادرة على إدارة شؤونها، تمثل عامل توازن واستقرار، لا مصدر تهديد، سواء لليمن أو للمنطقة.

فشل الحلول الجزئية وإعادة إنتاج الصراع

التجارب السابقة، وفق محللين، أثبتت أن الحلول التي تعاملت مع الجنوب كملف ثانوي أو قضية مؤجلة، فشلت في إنتاج سلام قابل للاستمرار. فكل تسوية تجاوزت مطلب استعادة الدولة الجنوبية، عادت لتنهار عند أول اختبار ميداني، لأن جذور الأزمة ظلت دون معالجة.

ويشير هؤلاء إلى أن التحذيرات الأممية من التصعيد تُفهم على أنها تحذير من الاستمرار في النهج ذاته، أي إدارة الأزمة بدلاً من حلّها، مؤكدين أن الاعتراف بدولة الجنوب يشكّل خطوة أساسية لوقف دوامة الانفجارات السياسية والأمنية المتكررة.

الحوار السياسي والاعتراف المتبادل

يشدد الأمين العام على أن الحوار السياسي هو الطريق الوحيد لمعالجة القضايا الجوهرية، غير أن هذا الحوار، بحسب مراقبين، لا يمكن أن يكون مثمراً ما لم ينطلق من الاعتراف المتبادل بالحقوق والكيانات السياسية القائمة. وفي هذا الإطار، فإن الاعتراف بدولة الجنوب لا يُغلق باب الحوار، بل يفتحه على أسس واقعية ومتوازنة، تتيح مناقشة شكل العلاقات المستقبلية بين دولتين، بدلاً من صراع مفتوح داخل كيان واحد أثبت فشله.

الاعتراف كخطوة أممية ضرورية

تتزايد الدعوات داخل الأوساط السياسية إلى أن تنتقل الأمم المتحدة من مرحلة توصيف الأزمة إلى مرحلة التعامل مع مخرجاتها الواقعية، وفي مقدمتها وجود شعب جنوبي يمتلك إرادة سياسية واضحة في استعادة دولته. ويرى متابعون أن أي مقاربة أممية جادة للسلام يجب أن تضع الاعتراف بدولة الجنوب ضمن خيارات الحل، باعتباره مدخلاً لمعالجة الجذور، وليس تجاوزاً لها.

خلاصة التقرير

يخلص التقرير إلى أن السلام المستدام في اليمن لن يتحقق عبر حلول مؤقتة أو تسويات تلتف على تطلعات الشعوب، بل من خلال الاعتراف الصريح بالحقوق السياسية القائمة على الأرض. وفي مقدمة هذه الحقوق، يأتي حق شعب الجنوب في استعادة دولته، باعتباره مدخلاً ضرورياً لبناء سلام حقيقي، ينهي الصراع بدلاً من إعادة تدويره، ويؤسس لاستقرار طويل الأمد في اليمن والمنطقة.

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى