مقالات وتحليلات

عن دعوة المجلس الانتقالي الجنوبي للحوار الجنوبي 

 

صوت الضالع / صلاح السقلدي

  

    يصعقني تيار الدهشة والأسى من رفض البعض لفكرة الحوار الجنوبي بصورة غليظة وصادمة تفتقر للكياسة والسياسة ….فدعوة المجلس الانتقالي الجنوبي للحوار برغم ما يعتريها من تباينات وتحفظات قصور تظل دعوة محمودة ومطلوبة في هذا الوقت خصوصا وانها اتت متسقة مع إعلان المجلس عزمه على اطلاق عملية هيكلة بشكله التنظيمي ومراجعة لوثائقه واستيعاب الكل باعتباره مظلة سياسية جامعة وليس حزبا سياسيا من المعيب تجاهلها أعني (دعوة الانتقالي) او اعتبارها استهداف لأحد..

    

     فالحوار -اي حوار- يظل قيمة انسانية ووسيلة راقية لتجاوز الخلافات القديمة والتوافق على خطوات قادمة ويعمل على تبديد الانطباعات والمواقف المسبقة المغلوطة عن الآخر عوضا عن الصراعات والخلافات. فالحوار الذي دعا له المجلس الانتقالي في أسوأ الأحوال إن لم يفيد أحد فهو بالضرورة لن يضره ونقول هذا للمتخوفين من هكذا دعوة وبالذات المقتنعين فعلا بالحق الجنوبي وبأهمية الحوار أفرادا وكيانات.

 ربما التوقيت لانطلاق موعد الحوار -في ٤ مايو- وهو يوم إعلان تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي لم يكن موفقا حيث سيتذرع البعض ممن يتثاقلون بتلبية هذه الدعوة وسيعتبرون ان اختيار هذا اليوم هو تسويقا من الانتقالي لنفسه ومحاولة منه لجلب الكل للانضواء تحت رايته وشخوصه. 

   

    ولكن برغم من ذلك تظل فكرة المقاطعة فكرة سيئة للغاية فالحوار الجنوبي هو مصلحة وضرورة للجنوب كله وليس للانتقالي وحسب كما يعتقد البعض وبالذات أولئك الذين يرفضون الدعوة من اصلها ولا ينقصهم لرفضها علنا سوى ذريعة التوقيت او غيرها من الذرائع.

 فلطالما كنا وما زلنا دُعاة حوار مع الجميع بما فيهم الاحزاب والقوى التي سامت الجنوب منذ غزوة ٩٤م عسفا وقهرا فما بالنا حين تكون الدعوة لحوار جنوبي جنوبي وإن شابتها شائبة؟.. فالحوار بمفهومه الشمولي لم يكن إلا ليتم بين الخصوم أصلا.

    

 

    حتى الحوار الذي جرى في صنعاء عام ٢٠١٣م لم نقف ضده كفكرة ووسيلة راقية بل ضد الطريقة التي تم الإعداد لها مسبقا بمعزل عن مشاركة جنوبية حقيقية لضوابطه ووثائقة وملفاته.. فقد تم طبخ النتائج مسبقا وتقييده بلوائح وشروط تستهدف القضية الجنوبية من خلال ما سُمي بالنظام الداخلي لجلسات الحوار جعل أية مشاركة جنوبية فيه بتلك الطريقة عبثية وشهادة زور صريحة وشراكة باعادة انتاج قوى ووضع ما بعد ٩٤م بثوب جديد ماكر .

 

      يتذكر كاتب هذه السطور انه تلقى حينها دعوة كريمة للحضور من مكون( مؤتمر شعب الجنوب) بقيادة المناضل محمد علي احمد ولم نعترض على المشاركة من ناحية المبدأ فالجنوبيون منذ غداة حرب ٩٤م وبرغم مرارة الوضع واختلال المعادلة وسيادة ثقافة هزمناكم هزمناكم إلا انه ظل مناديا للحوار من خلال مبادرتَيّ: الحوار الوطني وإصلاح مسار الوحدة الاي طرحهما عبر الحزب الاشتراكي حينها والتي جميعها تم ضربت بها تلك القوى عرض الحائط … نقول ان تحفظنا عل مشاركة في حور صنعاء عام ٢٠١٣م كان منطلقا فقط من طريقة الإعداد والآلية المفضوحة التي صُممت لمخرجاته مسبقا وقناعتنا بان اية مشاركة بتلك الصورة لن تكون إلا كما وصفناها آنفا وان تلك الاحزاب وتلك القوى لن تريد من مشاركة الجنوب على ذلك النحو إلا شرعنة لمخططاتها وانها لن تأخذ بأي صوت جنوبي من مشروع السياسي الذي سيتم تقديمه وستعتبر رفع العلم الجنوبي في قاعة الحوار ثمنا كافيا كافيا وزيادة للمشاركة.. وليس اعتراضا منا على الحوار من ناحية المبدا والقيمة. وبالفعل حصل ما توقعناه بالضبط ..وأدرك المشاركون في مكون مؤتمر شعب الجنوب الخديعة وانسحبوا قبل انتهاء الحوار .وبرغم ذلك تم تمرير ما تم التخطيط له- او هكذا اعتقدوا- قبل ان تنفرط حبات السبحة كلها بعد ذلك وسيطرة الحركة الحوثية والمؤتمر الشعبي عام ٢٠١٤م على مقاليد الامور والاطاحة بحوار موفنبيك وما قبله وما بعده. 

 اليوم حين نقول ان الدهشة تصعقنا فهي بسبب البعض ممن ذهب للحوار في صنعاء ويددومن أولئاك الذين يدعون ليل نهار للحوار مع الاحزاب ومع الحوثيين ويؤيدون الحوار السعودي الايراني- ونحن معهم في ذلك بالتأكيد- ولكنهم يرفضون مجرد الحديث عن الدعوة للحوار الجنوبي الجنوبي وأين ؟ في عدن.. ويتطيرون من كل دعوة يطلقها الانتقالي وغير الانتقالي للحوار .

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى