صوت الضالع| تقرير فهمي أحمد
▪️انفلات، خوف، هلع وإرهاب منظم يسود مناطق الانقلاب الحوثي، أدى إلى مستوى قياسي في معدل الجريمة، في بلدٍ يعاني من غياب النظام وانعدام الأمن.
غالبية السكان المحليون يواجهون صعوبات في العيش، ويشتكون من انتشار الجريمة بمختلف أنواعها، تنفذها عصابات إجرامية تابعة لمليشيا الحوثي بالشوارع والأسواق والأحياء ذات الكثافة السكانية، الأمر الذي يمثل تهديداً حقيقيا للحياة.
يؤكد السكان بأن غالبية مرتكبي الجرائم يوالون قيادات حوثية، في حين تلتزم الأجهزة الأمنية الصمت حيال ذلك، كما أن جهود الباحثين عن العدالة تنتهي بالتهديد والتصفية الجسدية! ما يفضي إلى إجبار الضحايا على التنازل عن قضاياهم ودمائهم.
يؤكد سكان العاصمة صنعاء أن جرائم القتل والاختطاف ومداهمات المنازل والاعتداءات، والسرقة ونهب الممتلكات الخاصة والنصب والاحتيال من أبرز الجرائم التي تشهدها المدينة، في ظل تكتم إعلامي من قبل المليشيات.
الشبكة اليمنية للحقوق والحريات وهي ائتلاف حقوقي غير رسمي، وثقت ارتكاب مليشيات الحوثي منذ مطلع عام 2022 وحتى نهاية يونيو/حزيران 2023، حيث أظهرت الوثائق (486) جريمة قتل خارج نطاق القانون، و(284) حالة إصابة متنوعة، قامت بها عناصر المليشيات دون حساب أو عقاب.
وبحسب إحصائية رسمية فإن مليشيات الحوثي الإرهابية قتلت منذ مطلع عام 2020 (44) من أقاربهم وذويهم، حيث قتل 11 أبا على يد أبنائهم الحوثيين، و9 أطفال بيد آبائهم، تلاها قتل الزوجات بواقع 5 حالات، و4 أشقاء وشقيقات، إضافة إلى إصابة 10 آخرين، ونجا أحد الآباء من موت محقق.
اعترافات حوثية بالجرائم
واعترفت المليشيات الحوثية الإرهابية بتسجيل أكثر من 1150 جريمة خلال سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين، فقط في محافظة إب وسط البلاد، الواقعة تحت سيطرتها.
وتمثلت هذه الجرائم بحسب وسائل إعلام مليشيات الحوثي بجرائم القتل، والاختطاف، والسرقة، وتجارة الحشيش والمخدرات، وتهريب الأدوية.
وتشهد إب وذمار المجاورة، انتشار جرائم القتل والاغتيالات والاختطاف والنهب والسرقات، في ظل غياب الأمن والعدل، والعبث بمؤسسات الدولة القضائية والتنفيذية، ونشر الفقر في أوساط المجتمعات.
وكان آخر هذه الجرائم مقتل مواطن يُدعى “أسامة علي ناجي” ورميه في إحدى العبّارات بمنطقة السحول شمالي إب، من قِبل مسلحين مجهولين قبل أن يلوذوا بالفرار.
كما أقدم عنصر من مليشيات الحوثي الإرهابية يدعى “رضون القفري” الأيام الماضية على قتل أحد أقاربه ويدعى “زيد القفري”، على خلفية انتقاده جرائم المليشيات في محافظة إب.
في محافظة ذمار المجاورة قالت مصادر محلية إن 5 عناصر حوثية أقدموا على قتل المواطن محمد سعيد مجاهد الجرادي، والذي ينحدر من منطقة الظهرة بعزلة بني رفيع في مديرية عتمة، حيث جرى التمثيل بجسده وتقطيع أوصاله بهدف سرق بندقيته.
وأشارت المصادر إلى أن الجناة استدرجوا الضحية إلى منطقة نائية وسددوا له طعنات بآلة حادة، قبل أن يقوموا بالتمثيل بجثته وقطع رجله من منطقة الركبة، وفصل اللحم عن العظم، وصبوا مادة “الأسيد” على وجهه، بهدف طمس معالم وجهه وإخفاء الجريمة، وإظهار الجريمة وكأنها حادثة افتراس من قبل حيوان.
ووفقا للمصادر فإن قيادات حوثية هربت مرتكبي الجريمة التابعين لها، وبينهم مشرفون، ولا تزال تخفيهم حتى اللحظة، وسط غضب شعبي كبير ومطالبات بالقبض عليهم ومحاكمتهم لينالوا الجزاء الرادع.
سياسة الإفلات من العقاب
يرى خبراء قانونيون ومحامون يمنيون أنّ انتشار الجرائم بمناطق مليشيات الحوثي سببها الإفلات من العقاب، إلى جانب ضعف الأمن والاستقرار وانهيار مؤسسات الدولة.
وقال الخبير القانوني اليمني مختار الوافي إن أسبابا كثيرة لانتشار الجريمة، منها الفقر والبطالة وعدم الإنصاف والإفلات من العقاب والتسرب من التعليم وكبت الحريات والقهر والظلم وانتشار الإدمان.
ويؤكد الوافي أنه وبمطابقة تلك الأسباب على المجتمع في مناطق الحوثي، نجد أن أغلبها أو جميعها، متوافرة في تلك المناطق بسبب الانقلاب الحوثي، والحرب وغياب السلطة العادلة التي تمثل دولة للجميع دون تمييز.
وللجريمة آثار كبيرة وخطيرة على الأسرة والمجتمع، حيث إن الأسرة التي يمارس على بعض أفرادها الإجرام والانتهاكات تعاني نفسياً ومادياً وتعيش أوضاعاً صعبة من القلق النفسي.
كما ينعكس ذلك على المجتمع باعتباره مجموعة أسر تتأثر وتؤثر على بعضها، فيصبح المجتمع يعيش حالة من التذمر وعدم الاستقرار النفسي والأمني ويدب الخوف بين أفراده، وتفقد الثقة ويتحول الأفراد إلى شبه وحوش وتغيب كثير من المبادئ السامية مثل التكافل والاحترام والتعاون، وفقا للوافي.
غياب الردع
من جهته، يرى رئيس مؤسسة مسار للتنمية وحقوق الإنسان باليمن المحامي ذي يزن السوائي أن السبب الرئيسي لانتشار الجريمة يعود لضعف الأمن والاستقرار وانهيار مؤسسات الدولة، خصوصاً المؤسسة العسكرية والأمنية، ما أدى إلى غياب الردع لمرتكبي هذه الجرائم.
ويضيف، إن مليشيات الحوثي تسيطر على مناطق معينة وتفتقد هذه المناطق الأمن والاستقرار وغياب القوانين والجهاز القضائي العادل والإنصاف، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن يحصل انتشار للجريمة بالشكل الهائل المرعب الذي نشاهده.
وأوضح أن ما يعزز من انتشار الجريمة هو استخدام الحوثيين التمويل الذي يحصلون عليه من مصادر مختلفة، بما في ذلك تهريب السلاح، لتمويل أنشطتهم والحفاظ على سيطرتهم.
ويوفر ذلك السلاح للمليشيات فرصة لارتكاب الجرائم وتهديد الأمن العام، وهذا ما يحصل في مناطق سيطرتها، من انتشار للجريمة مثل القتل غير القانوني وفرض الجبايات غير القانونية أو الإخفاء القسري والاعتقالات والاغتيالات، وكل هذه الجرائم تحدث بشكل يومي من قبل هذه المليشيات وأتباعها، بوسائل وطرق مختلفة، ولها أسباب مختلفة وآثار كبيرة على المواطن اليمني في المستقبل، وفقا للسوائي.
في السياق، أكد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني أن تفشي الجرائم بمناطق الحوثي يعود إلى عنف عناصر المليشيات المنخرطين في “دورات ثقافية” والعائدين من جبهات القتال.
وتكشف ظاهرة انتشار الجرائم بمناطق الحوثي خطورة الأفكار الإرهابية المتطرفة المستوردة من إيران، والخطر الذي يمثلونه على النسيج الاجتماعي، بما في ذلك إثارة العنف والتطرف الديني، والتأثير على القيم والمبادئ الأسرية، وتشويه الحقائق، وتهديد الحريات العامة وحقوق الإنسان، وفقا المسؤول اليمني.
ودعا الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية إلى إدانة هذه الجرائم المروعة التي تؤكد الخطر الداهم والمستمر الذي يمثله عناصر المليشيات الحوثية على الأمن والسلم الأهلي، وتوفير الحماية لملايين المدنيين، ومحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم.
زر الذهاب إلى الأعلى