صوت الضالع /متابعات
منذ شهرين، تعيش جامعة كولومبيا في نيويورك على وقع تطورات الحرب في غزة، مع بيانات نارية وعرائض مضادة وعقوبات مفروضة على مجموعات طالبية مؤيدة للفلسطينيين، تشكّل موضع نقاش في أجواء يسودها التسييس إلى حدّ كبير لدرجة أن أساتذة باتوا يعربون عن قلقهم على حرية التعبير.
وبات مشهد طلاب يرفعون الأعلام الفلسطينية ويتشحون بالكوفيات في تظاهرات مطالبة بوقف إطلاق النار في القطاع، مألوفاً في حرم الجامعة في مانهاتن.
ويرفع الطلاب شعار «فلسطين حرة من البحر إلى النهر» الذي يرى فيه البعض دعوة لإزالة إسرائيل، بينما يراه آخرون نداء لتحرير الفلسطينيين.
وعلى هامش تظاهرة نظمت الاثنين، احتشدت مجموعة صغيرة مؤيدة لإسرائيل حاملة أعلام الدولة العبرية وحليفها الأمريكي وسط موسيقى صاخبة.
هذه الجامعة الخاصة العريقة في الولايات المتحدة معروفة بتظاهرات طلابها سنة 1968 ضدّ الحرب في فيتنام والتمييز العرقي.
ليس جديداً
والنقاشات بشأن النزاع في الشرق الأوسط ليست حديثة العهد في الحرم الجامعي، حيث قدّم المفكر الفلسطيني الأمريكي إدوارد سعيد محاضرات.
وباتت اليوم مجموعات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين تُتهم بتغذية الكراهية إزاء اليهود، وهي اتهامات تدحضها، وتوجّه في المقابل اللوم للجامعة على تحيّزها لإسرائيل، الأمر الذي تنفيه الإدارة بدورها.
ويقر جوزيف هولي الأستاذ «اليهودي الأمريكي» المحاضر في الأدب الكلاسيكي والذي يؤيّد الفلسطينيين بأن «حالة الانزعاج» في أوساط الكادر الجامعي «بلغت مستويات غير مسبوقة».
وبعد تظاهرات متشنجة تواجه فيها الطرفان، علقت أنشطة جمعيتين للطلاب المؤيدين للفلسطينيين في نوفمبر لانتهاكهما النظام العام، لا سيما خلال تجمع «تخلله خطاب مشحون بالتهديد والتخويف»، وفق إدارة الجامعة.
ويكشف جاك هالبرستام الأستاذ المحاضر في اللغة الإنجليزية والدراسات حول النوع الاجتماعي بأنه لم يشهد يوماً «جهوداً كهذه للمساس بحرية التعبير» في جامعة كولومبيا.
وهو يرى أن صرامة الإدارة مردّها خشيتها من اتهامها بتأجيج معاداة السامية، فضلاً عن ضغوط الجهات المانحة.
خطاب معادٍ
وفي أواخر أكتوبر، أعربت لورا روزنبري، رئيسة برنارد كولدج، وهي جامعة للنساء تابعة لمؤسسة كولومبيا الجامعية، عن «الاستياء والحزن إزاء انتشار معاداة السامية ومعاداة الصهيونية» في الحرم، منددة في الوقت عينه بـ «خطاب معادٍ للفلسطينيين وللمسلمين».
لكن جاك هالبرستام يرى أن الالتباس بين «معاداة الصهيونية ومعاداة السامية» يجعل «النقاش شبه مستحيل».
وتؤكد ريبيكا كوبرين، المديرة المشاركة لمعهد إسرائيل والدراسات اليهودية في جامعة كولومبيا، ضرورة مراعاة مشاعر الطلاب اليهود المنزعجين و«المنهكين» من الأحداث، والذين يرون في شعارات من قبيل «من النهر إلى البحر تحريضاً على العنف»، مدافعة في الوقت عينه عن حرية التعبير.
الكلمات المناسبة
ويؤكد جوزيف هولي أن «الخسائر في الأرواح وأعمال العنف في السابع من أكتوبر كانت مأساوية ولا بدّ من أن تكون موضع تنديد». لكن الأستاذ الذي ترعرع «وسط أجواء الحادي عشر من سبتمبر وما يعرف بحرب الولايات المتحدة على الإرهاب» لا يخفي قلقه من «الردّ السياسي الذي يستهدف مباشرة ويعيب نشطاء شباب لم يستخدموا الكلمات المناسبة».
وأحالت إدارة جامعة كولومبيا مراسلي وكالة فرانس برس الذين حاولوا التواصل معها إلى رابط على موقعها الإلكتروني، حيث تفسر أن «الأجواء في الحرم الجامعي مشحونة» منذ السابع من أكتوبر وأنه تمّ اتخاذ تدابير لتعزيز الأمن والإشراف على تنظيم الفعاليات بصورة أفضل
زر الذهاب إلى الأعلى