مقالات وتحليلات

حنّب رأس الحفار ?

كتب: محمد بالحمان

تراودني أسئلة جمة منذ فترة طويلة وأنا أشاهد وأسمع شكاوى الناس وغضبهم اللامتناهي من تعثر حفر الآبار بمديرية الضليعة، أسمع بألم وغضب شديدين، مثلهم تماما، العبارة المتداولة بين أوساط الناس التي أصبحت مثالا للسخرية

”حنّب رأس الحفار “!

يتداولون الناس هذه العبارة بعد انقطاع أملهم، وضياع حقوقهم، وتعمُّد فشل حفر آبارهم كما يقولون!

من المسؤول عن فشل اكتشاف كميات المياه الكبيرة في الوقت الذي نجح آخرون بحفر بئرَين لا تزال إلى اليوم تسكب لبيوت الناس؟

ماذا عن الناس التي لا تستطيع شراء قوت يومها حتى تشتري شربة ماء بأسعار باهضة الثمن لتبقى على قيد الحياة؟!

لماذا يسحب المقاولون حفاراتهم قبل اكتمال العمل؟ ولمَ لا يحاسبهم أحد!

معاناة تلك المديرية التي عُرفت بكرم أهلها، وشهامة رجالها، ونباهة صغارها، وحياء نسائها لا تتوقف! من لهؤلاء؟ هل من ضمير حي يغيثهم؟

البدو المعرفون بالكرم، المشهورون بالوفاء، الملتزمون بالقيم؛ المعروفون هكذا عند كافة أبناء حضرموت والوطن، لمَ يحرمون من قيادة صادقة تلبي مطالبهم، وتحقق لهم ما يريدون!

تتجول في أرجاء المديرية التي تعتبر الأولى في ساحل حضرموت ذات المساحة الجغرافية الواسعة وأنت تتألم من مشاهدة حالة التعب واليأس الظاهرة في تقاسيم وجوه أهلها!

الناس تعبت من الوعود الكاذبة، وملّت من الانتظار، وتحيّرت في تسمية المتسبب في عذابها!

أربعة آبار اعتمدتها حكومة علي صالح البائدة لهذه المديرية لم ترى النور إلا في جيوب المتلاعبين والفاسدين فقط.

لا يمر عامين إلا وتتصدر عناوين الأخبار اعتماد آبار جديدة وكلها تذهب أدراج الرياح!

قبل خمس سنوات أو أقل، وجهت إحدى الجهات الدولة باعتماد بئرين لسكان الضليعة إلا أنها ذابت مثل الآبار السابقة أسرع من ذوبان فص ملح في كوب ماء..

أين فلوس هذه الآبار؟ أين ذهبت ولمن؟

لماذا تُحفر الآبار في المديريات الأخرى ويشرب من مياهها الناس، وفي الضليعة تتعثر ويحنّب رأس الحفار!

كيف تبررون هذا الفشل بدون تهرب، ومتى ستوقفون لعبة ضياع حقوق الناس المساكين بلا تأخير؟

الناس تعبت وهي تسأل:”من المسؤول الأول عن معاناتنا، هل هو مدير عام المديرية أم مسؤولو مياه المحافظة، أم لوبي الفساد المتخفي، أم المقاولون، أم جميعهم مشتركون“؟!

حقيقةً الناس لا تدري إلى من تلجأ وتشتكي، ولكنها تعي وتحفظ جيدا مقولة عمر بن الخطاب حينما قال:

“لو عثرت بغلة في العراق، لخفت أن يسألني الله عنها: لِمَ لَمْ تصلح لها الطريق يا عمر؟! في الوقت الذي ترتعد أجساد المسؤولين خجلاً عند سماعها لكثرة تقصيرهم وعظم فسادهم!

يا ترى ماذا سيقول مسؤولونا الحاليون وهم يعرفون أن خمسة وعشرون ألف نسمة مهددون بالجفاف إذا لم تهطل الأمطار؟

هل ستتحرك ضمائرهم ويدركون أن المسؤولية أمانة، وعدم تأديتها والقيام بها حق القيام خيانة، وهي يوم القيامة خزي وندامة؟

هل حان الوقت ليسأل كل مسؤول نفسه: هل أنا أهلا لها أو لست ممن يستحقون توليها؟

هل حان الوقت ليقف الناس صفا واحدا لإيقاف كل متنفذ سواء كان قريب أو بعيد ..

فربُ السماء والأرض لن تنتهي معاناة الناس في تلك المديرية حتى يوقفون العبث الحاصل بحقهم! ويترجمون على الواقع قول المولى: (وقفوهم إنهم مسؤولون) فعلا لا قولا ..

والسلام ختام ..

محمد بالحمان

24 ديسمبر 

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى