صوت الضالع / د.جاكلين منصور البطاني
زرنا ضالع الصمود فوجدناها تقف بشموخ جبالها الراسية تدفع ثمن الحرية شلالات من دماء أبنائها، الذين لم تعد الحياة تعني لهم سوى الانتظار على محراب الشهادة لأجل الجنوب أرضا وانسانا.
كانت زيارتنا لمدينة الشهداء محفوفة بالحزن والدموع، اوجعتنا مشاهد أمهات الشهداء وزوجاتهم وهن يقاومن تقاسيم الحزن الجاثم على صدر تلك المدينة الشامخة التي لا تشبه الا أنفسها.
في الضالع كل شبر يقاوم بصمت، الحرب واهوالها ترتسم على وجه المدينة ووحدها دموع أمهات الشهداء تحكي للزائر قصة الحزن المتجدد في زوايا بيوتها البسيطة، التي لم يعد فيها متسعا للفرح، فنسائها وحدهن يتقاسمن الدموع ووجع الفراق، فان لم يكن أمهات الشهداء فهن زوجاتهم وبناتهم.
هناك في اقصاء المدينة وعلى تخوم خط النار الأول، تقف خنساء الجنوب ” ام الشهداء وزوجة الشهيد الخالد يحي الشوبجي” شامخة رغم الوجع، وألم وجدناها صامدة تقاسم الابطال اساطير الثبات رغم هول الفواجع المتلاحقة التي عصفت ببيتها الذي يبدو صامدا رغم هول الدمار الذي لحق به جراء قصف دبابات الغزاة.
الضالع التي سطرت باكورة الانتصار على جحافل الغزاة القادمون من كهوف ما قبل التاريخ تقف اليوم بكل كبرياء وشموخ تواصل حكاية النصر رغم ما بها من وجع.
وجدناها شبه مدينة تفتقر لأبسط مقومات الحياة، لا شيء فيها سوى صور الشهداء وتمثال بندقيتهم في أعالي قمة تتوسط المدينة لتحكي للأجيال قصة صمود الضالع وشموخها الذي يبرز جليا في وجوه أهلها الطيبين الذين طحنتهم الحرب واثقلتهم جراح التضحيات التي ما برحوا يقدمونها برضى حتى اليوم.
الضالع التي ملأت الدنيا ضجيجا لا زالت مدمرة، وتعيش حالة حرب مكتملة الأركان، فلا ماء ولا كهرباء وشارعها الوحيد هو الاخر يحكي واقع الدمار الذي تعيشه المدينة، فلا تظلموا الضالع ودعوها تداوي جراحها النازفة فقدرها ان تكون عرين الابطال وسور الجنوب وسياجه الحصين.
زر الذهاب إلى الأعلى