مقالات وتحليلات

(اليوبيل الذهبي )

كتب : حسين احمد الكلدي

العام الثاني والأربعون تماماً إلى نهاية 2023 م( كل عام وأنتم بخير) هذه اللحظات اعادتني إلى نهاية العام 82م، وبدايةالعام 83م عندما كانت نقطة الانطلاق الاولى إلى عالم الاغتراب ذلك العالم الجميل المجهول المليئء بالفرص والأحلام والطموحات الكبيرة الغير محدودة التي يحلم بها كل الشباب الطامحين لمستقبل افضل بسبب إنعدام ذلك في أوطانهم الأصلية وأثناء تفكيرهم بمرحلة الألف ميل كما قال المثل تبداء بخطوة وفي وضعنا انذاك بداءة رحلتنا بالمغامرة الأولى نحو اقتحام المجهول الذي لانعلمه وكانت تملأءه المفاجاءاة في منعطفات الطريق التي سلكناها عبر الجبال المرتفعة والوديان والارض الوعرة لقد تعرضنا في طريق الذهاب إلى كمين من قبل قطاعين طرق بعد منتصف الليل بمنطقة تحت جبل نصباء كساد كانوا مجموعة من المسلحين اخذوا مواقعهم على التله التي فوق السيلة التي نمر بها والاخر توجه إلينا بعد التحدث معهم حول التفاوض وكان يحمل السلاح وعند ما تم الاتفاق على مبلغ من المال والإنتهاء من ذلك أخذنا منهم عهد بعدم الغدر وبعد تلك المعضلة استمرينا بالمسير وصعدنا ذلك الجبل الذي كان عالي جداً وفيه من المخاطر الجمة التي واجهتنا طأثناء الصعود إلى راس قمة الجبل وكان البرد الغارس في ذلك الوقت يستنزف طاقاتنا والجوع والعطش اهلكنا واخذنا ناكل من أوراق الشجر لكن الأمل مع طموحاتنا في الوصول للهدف المخزون في أعماقنا كان وقوداً لتلك الرحلة وشمعة تتقد لتظيء لنا دروب كثيرة نبحث عنها في عالم مليء بالفرص الكثيرة فيها من العلم والمعرفة والعمل ورغم كل الصعوبات التي واجهتنا لم يثنينا عنها شيء وعندما توصلنا إلى قمة نصباء كساد كانت خيوط الفجر بداءت تمتد في الافق وهدوء الصباح يزيد من تسارع دقات قلوبنا خوفا من الوقوع في كمين اخر يعيدنا إلى نقطة الصفر فتسارعة اقدامنا باجتياز الطريق قبل طلوع الشمس وتحقق لنا ذلك بصعوبة وعندما توصلنا إلى منطقة البيضاء بداءت أشعر كما لو انني اخطو إلى عالم جديد بالكامل رغم الإرهاق الشديد والجوع وعدم النوم لليلتين متتاليتين إلا غفوات خفيفة جداً في نهار اليوم السابق بين بطون الجبال الكثيفة باللاشجار حينها شعرنا بالارتياح ومع سطوع اشعة الصباح الباكر مع استنشاق الهواء النقي عند قمة التفوق والنجاح في لحظات فارقة من حياتنا عندما كنا قبلها نشعر بالضعف والخوف على الرغم من اننا في الحقيقية فخورين بتحقيق الإنجاز الذي جعل رحلتنا في الحياة ذات قيمة ومغامرة العمر بالتاكيد ومستحقة للعناء دونما شك . وكانت المرأة القوية التي قابلتنا في ذي ناعم هي المرأة القوية التي تحمل الإنسانية بروحها وقلبها هي التي جلبت لنا السيارة وكانت من الأشخاص الافذاذ الذين يتميزون بالقوة والاقدام لعمل الخير فقد نادت أخوها بعد أن قدمت لنا القهوة واطعمتنا قرص الخبز الذي كان بحوزتها وبعد دقائق قليلة سرعان ماوصلت سيارة لاندكروزر بيضاء لتحملنا إلى قسم الشرطة لاستخراج أوراق المرور إلى صنعاء وكان أخوها رجلاً صادقاً رائعاً ودوداً عند قيامه بكل هذا العمل لأجلنا وعندما انطلقت السيارة بناء على الطريق أعطانا تعليماته الصارمة بعدم الكلام عند السؤال من قبل نقاط التفتيش التي تنتشر على طول الطريق فكان هو من يتولى الرد نيابةً عنا لمعرفته بما يتطلبه ذلك وعندما واستغرقنا وقتاً لاباس به حتى وصلنا إلى صنعاء ونزلنا في لوكنده تعيسة سيئة جداً ونتيجة الإرهاق كان نومنا عميقاً لم نشعر بأي شيء ولم نشم روائح الأوساخ الكريهه التي تنبعث من السراير التي لم تنظف اقمشتها قط أعتقد ذلك منذُ إن اشتراها صاحب اللوكنده والسراير تتكون من دورين فوق بعض وعند الصباح الباكر انطلقنا نمشي ببطء كالسلاحف نتيجة تعرضنا لقوة برد الشتاء الغارس ونحن غير متهيئين لذلك نرتدي الملابس الصيفية على أجسادنا النحيلة وعند خروجنا إلى الشارع وجدنا شاب من أبناء منطقتنا مقيم منذُ ثلاثة أشهر منتظر الحصول على جواز السفر وقد اصطحبنا معه للمطعم وبعد الفطور ذهبنا إلى الفندق الذي يقيم فيه وعند تبادلنا الحديث معه وجدنا بارقة أمل واتفقنا على إن نذهب اليوم التالي إلى مدير الجوازات وإعدادنا أنفسنا لذلك اللقاء الهام بالمدير وكيف يتم شرح له الظروف التي نعاني منها واثناء المقابلة وجدناه رجلاً مهذباً فذاً شهم متفهم للوضع الذي نعيشه حيث عمل برنامج على الفور لمساعدة كل الشباب الذين يريدون الحصول على جوازات سفر من أبناء الجنوب وأشرف بنفسه مع نائبه وكان ذلك بداية عام 83م وخلال أسبوع حصل الجميع على جوازات السفر وكان أعظم الدروس التي تعلمتها على مر السنين هو إن العطاء للآخرين نعمة تهبها لنفسك وأن العظماء هم من ارتقوا في خدمة الإنسانية ونحن بحاجة الى قادة حقيقيين وليس أشخاصاً نرجسيين مهووسين بمصالحهم الذاتية . 

 الخطوة التالية هي الاستعداد للسفر وحقيقة أردنا إن نكون متأكدين حيث وجدت ان كل ماقيل حقيقة أن التغيير صعب في بدايته وفوضوي في منتصفه ورائع في النهاية. وعند الإنتهاء من الحصول على تذاكر الطيران وتحدد الوقت لاقلاع الرحلة كان الثانية عشر ليلاً حيث كانت هذه الرحلة أول الطريق باتجاه الغربة وأول رحلة نسافر بها على خطوط الطيران العالمي وعند وصولنا الى المطار تمت إجراءات الدخول لمبنى المطار ومن ثم إلى صالة المغادرة وكان الجميع يشعر بالغلق وعند دخولنا إلى مقصورة الطائرة كنا متفاجئين من الترتيبات والاستعداد ماقبل الإقلاع من قبل طاقم الطائرة وعند الإنتهاء تم إعلان الإقلاع وتحركت الطائرة على المدرج وارتفعت عاليا في السماء وعندما وصلت إلى مستوى الارتفاع المطلوب قدمت المشروبات والوجبات الرئيسية شعرنا بالارتياح وتبادلنا الأحاديث وكانت هي أول رحلة لنا إلى عالم الاغتراب وقد انقضت الرحلة بيسر وأمان وكان الهبوط رائعاً وسلساً وبعد أن أعلن قائد الطائرة هبوطنا في مطار الظهران الدولي تحدث بنظام الإتصال نتمنى أنكم سعدتم معنا بهذه الرحلة وشكراً جزيلاً لكم ثم تابع لقد سعدنا بوجودكم معنا ونامل أن نراكم قريباً . 

وفتحت أبواب الطائرة وتم نقلنا إلى صالة القدوم ونحن نحمل جوازاتنا لأول مرة تختم عند الدخول من قبل جوازات مطار الظهران ومن ذلك التاريخ إلى يومنا هذا ونحن في ضيافتهم وقد وصلت انا إلى اليوبيل الذهبي للرحلة الجميلة المستمرة إلى ماشاء الله من عمري على طول في السفر إلى جميع أنحاء العالم ..اتمنى أن تنال إعجابكم ورضاكم.

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى