اخبار محلية

الماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف للباحث ـ شايف محمد الحدي من كلية الدراسات العليا بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية بأم درمان… 

الماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف للباحث ـ شايف محمد الحدي من كلية الدراسات العليا بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية بأم درمان... 

صوت الضالع / خاص

منحت كلية الدراسات العليا ــ دائرة الاقتصاد والعلوم الاجتماعية «قسم التاريخ» بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية بأم درمان في دولة السودان الشقيقة، الباحث ـ شايف محمد قاسم الحدي، درجة الماجستير بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف والتوصية بطباعة الرسالة وتبادلها بين الجامعات المحلية والعربية نظير تميّز الدراسة وأهميَّتها، كونها شكّلت إضافة علمية ومعرفية جديدة في حقل البحوث التاريخيَّة لمقاربتها لأهم مرحلة من تاريخ منطفة خليج عدن وما حولها، وهي مرحلة صراع النفوذ الأنجلو ــ عثماني في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين بين أكبر قوتين استعماريتين في التاريخ السياسي في العصر الحديث، وهي الإمبراطوريتان البريطانية والعثمانية اللتان كانتا تقتسمان منطقة الشرق الأوسط آنذاك. 

وناقش الباحث رسالة الماجستير الموسومة بـ(صراع النفوذ البريطاني العثماني على الجنوب العربي 1839 ـ 1918م)، مقاربة وثائقية موضوعية وتاريخية، وقد تكوّنت لجنة المناقشة والحُكم من:

أ. مشارك د/ مهند فاروق محمد أحمد ــ رئيسًا ومشرفًا. 

أ. مشارك د/ فتح الرحمن محمد الأمين ــ ممتحنًا خارجيًا. 

أ. مشارك د/ عبدالمنعم يوسف الزبير ــ ممتحنًا داخليًا. 

وقد أثرت لجنة المناقشة الرسالة بالملاحظات العلمية القيمة، وحظيت الرسالة في موضوعها ومنهجها باستحسان أعضاء لجنة المناقشة لقيمتها العلمية والأكاديمية، وأشادت لجنة المناقشة بالرسالة العلمية وما بذله الباحث من جهود كبيرة في رسالته العلمية ومحتواها ومضمونها، وما يمكن أن تشكله من إضافة نوعيَّة في هذا المجال المهم، وقرّرت اللجنة بموجب تلك المناقشة منح الباحث شايف محمد قاسم الحدي، درجة الماجستير في التاريخ الحديث بامتياز مع مرتبة الشرف.

وكانت رسالة الباحث شايف محمد الحدي قد غطت صراع النفوذ بين بريطانيا والدولة العثمانية حول منطقة خليج عدن وما حولها بما يقارب الثمانية عقود من الفترة 1839 ــ 1918م، ورصدت الرسالة طبيعة الصراع الأنجلو ـ عثماني ودوافعه وكذا صراع العثمانيين مع رؤساء (القبائل التسع) بما كان يسمَّى بالمناطق الداخلية لعدن وعلى وجه الخصوص صراع أمراء الضالع مع العثمانيين منذ العام 1872م وبدايات تشكيل لجان ترسيم الحدود بين مناطق عدن البريطانية واليمن العثمانية منذ بعثة النقيب ـ فريدريك ميرسير هنتر (1877 ــ 1880م)، مرورًا ببعثة الكولونيل روبرت إلكساندر وهاب عام (91 ــ 1892م) من واقع الاتفاقيات والبروتوكولات المتضمنة في وثائق الأرشيف البريطاني، وصولاً إلى تشكيل لجنتي عدن البريطانية وولاية اليمن العثمانية (1902 ــ 1904م) وما رافقهما من ترسيم للحدود (اليمنية ــ العدنية) وتوقيع بروتوكولات ترسيم الحدود التي انطلقت من نقطة لكمة لشعوب شمالي الضالع للتتجه من تلك النقطة شرقًا باتجاه صحراء الربع الخالي حتى جنوب خليج العقير (شرق الجزيرة العربية)، ولتنطلق من نقطقة لكمة لشعوب أيضًا حتى باب المندب غربًا، لترتسم مع تلك الحدود ملامح الهوية الوطنية الجنوبية بموجب البروتوكولات والاتفاقيات الدولية التي أقرّتها عصبة الأمم إذ ذاك بعد توقيع الاتفاقية النهائية (الأنجلو ـ عثمانية) بخصوص ترسيم حدود عدن في 9 آذار مارس 1914م.

وكان لأمراء إمارة الضالع وملحقاتها الدور الكبير في مقارعة الغزو (العثماني ــ الزيدي) والذود عن حياض إمارة الضالع والجنوب عامة منذ عهد ولاية الأمير علي بن مقبل بن عبدالهادي الأميري، الذي تولى حكم إمارة الضالع منذُ (1872 ــ 1886م)، وحتى فترة حكم الأمير شايف بن سيف بن عبدالهادي الأميري، الذي تولى حكم الإمارة منذ (1886 ــ 1911م)، والذي خاض صراعًا تاريخيًا مع العثمانيين والزيود ودحرهم عن حددود إمارته.

ومن خلال ذلك وصلت مناقشة قضية الضالع وموقعها الاستراتيجي إلى أروقة البرلمان البريطاني عام 1888م، حيث عكست هذه الأحداث إدراك حكومة التاج البريطاني، بأن الضالع مثلما تحتل أهميَّة استراتيجية كموقع طبيعي، فإن بريطانيا عوّلت على العنصر البشري والبنية الاجتماعية لمنطقة الضالع بوصفها بنية متماسكة تحوي رجالاً أشداء وأقوياء ذوي بئس في الحرب وأنهم لم يقبلوا بالوصاية على أرضهم أو المرور منها لاحتلال عدن، وأنهم واجهوا الاحتلال العثماني ــ الزيدي بأنفسهم دون سند من الحكومة البريطانية نفسها. 

هذه المواقف أجبرت حكومة التاج البريطاني في عدن على التعاطي مع الأمير شايف بن سيف، ودعمه بعد هزيمة القوات العثمانية واليمنية في منطقة الدريجة جنوب غرب الضالع عام 1900م، وهذه الحادثة شجعت أمير الضالع على مواصلة خوض الصراع مع القوات العثمانية في المناطق التي تم احتلالها في أراضي إمارته، ما أفضى إلى حتمية تشكيل لجان ترسيم الحدود (اليمنية ــ العدنية) بين الإنجليز والعثمانيين. تلك الحدود التي في حقيقة الأمر كان قد فرضها الأمير شايف بن سيف، على واقع الأرض بموجب وثائق الأرض وتبعية القبائل منذ نشوء الإمارة قبل أكثر من ستمائة عام ونيِّف، ليغرس حربته في أول نقطة حدودية بين الشمال والجنوب لتنطلق شرقًا إلى خليج العقير وغربًا إلى باب المندب، إذ لم تكن في تلك الفترة أيّ نقاط حدودية بين الشمال والجنوب أو حدود سياسية حتى مطلع عام 1900م. 

هذا الدور التاريخي الكبير الذي سطره أمراء الضالع يعد لحظة مفصلية في تاريخ الهوية الوطنية الجنوبية ونقطة مضيئة في تاريخ نضالات شعب الجنوب منذ زمنٍ بعيد، فلولا إصرار أولئك الأمراء وثباتهم في وجه الأطماع العثمانية الزيدية ما كان الجنوب لينال شخصيته الاعتبارية سياسيًا وجغرافيًا وتاريخيًا، بموجب البروتوكولات والاتفاقيات الدولية.

وقد استقت الدراسة كل تلك المعلومات والمعطيات من واقع الوثائق والسجلات التاريخية والمعاهدات والاتفاقيات البريطانية والعثمانية، لتنهض هذه الدراسة بمهمة ترشيد الأجيال وتعريفهم بحدود وطنهم الجنوبي، الذي يدودون عن حياضه وتعريفهم بالدور الذي بذله أمراء الضالع في الحفاظ على الهوية الجنوبية، ليتمكنوا من إعادة قراءة تاريخ تلك التضحيات بصورةٍ سليمة.

وخرجت الرسالة بالكثير من النتائج والتوصيات ومما استنتجته الدراسة خلال هذه الرحلة البحثية هو أن منطقة خليج عدن وما حولها هي بؤرة صراع نفوذ للقوى العالمية للماضي والحاضر، وكان صراع النفوذ الأنجلو ــ عثماني هو من حدد التضاريس الجغرافية وفقًا لاتفاقيات الحدود بين الشمال والجنوب بموجب المعاهدات والاتفاقيات والبروتوكولات المبرمة بين حكومة التاج البريطاني والباب العالي العثماني، وأن صراع النفوذ الأنجلو ــ عثماني هو الذي حدد أفق السياسة والحرب بين الشمال والجنوب حتى اللحظة الراهنة. 

لقد سعت هذه الدراسة من خلال تلك المقاربات التاريخية أن تغدو أضافة نوعيَّة للبحث التاريخي، لأكثر المراحل حساسية من تاريخ منطقة خليج عدن وما حولها (الجنوب العربي) لتؤسس علميًا ومنهجيًا لأبجديات الهوية الجنوبية من خلال صراع النفوذ بين البريطانيين والعثمانيين على الجنوب العربي والأهميَّة التاريخيَّة الاقتصادية والسياسية لهذه المنطقة من العالم، آملة أن تحقق هذه الرسالة أكبر مقروئيه لبناء مداميك وعي جديد ومعاصر لمفهوم الوطن الجنوبي ومقتربات الهوية بكل حيادية وبعيدًا عن التحيز لتسهم في إنجاز الاستحقاق الوطني الجنوبي المتمثل بتقرير المصير واستعادة بناء الدولة الجنوبية الحديثة بحدودها المعترف بها دوليًا. @إشارة

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى