كتب : اللواء الركن علي ناجي عبيد
أصدر السفير قاسم عسكر جبران الليثي أول جزء من مذكراته دون الإشارة إلى إتباعه بجزء ثان.
فقط استنتجت ذلك من خلال العنوان قصة حياة وتأريخ وطن فكلمة التأريخ بالهمز على الألف تشير إلى عملية إستمرار كتابة التاريخ على إعتبار ما سطره في هذا الكتاب هو البداية وهذا ما أتمناه رغم الغنى الكبير والواسع لمحتوى الكتاب إذ شمل على صفحاته الـ”459″ صفحة من القطع الكبير على ورق مصقول والطباعة بحرف الـ 14 ما ضغط من عدد الصفحات فلو طبعه بالحرف الـ 16 لجاوز الـ 600 صفحة.
المذكرات تبدأ من مرحلة المولد ، النشأة في أواسط خمسينيات القرن العشرين وتنتهي مع نهاية العام 2023 أي 68 عاما تخللتها أحداث جسام على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
وشهدت تطورات اجتماعية عديدة فمن القبلية والإستعمار والثورة ضد الإستعمار البريطاني إلى الدولة في الجنوب بمفهومها العصري الجديد متأثرة بسمة العصر سمة التحرر من العصور الإستعمارية وبناء الدول الوطنية ذات علاقة مباشرة بالإنقسام العالمي إلى معسكرين تحرري إشتراكي بقيادة الإتحاد السوفيتي ومعسكر رأسمالي بقيادة الولايات المتحدة بما عرف بالحرب الباردة إلى إنهيار الإتحاد السوفيتي وتبعاته بإنهيار المعسكر الإشتراكي وبالتالي سيادة القطبية الواحدة إلى إرهاصات التعددية القطبية الجديدة.
من الدولة الجنوبية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية /أعادها الله علينا بسلام/ إلى الوحدة وإنهيارها بحرب صيف ١٩٩٤م الظالمة وإلى إرهاصات ثورة مسلحة بُعيْد حرب ١٩٩٤م تخللتها انتفاضات سلمية تعرضت للقمع السلطوي ،إلى ثورة جنوبية سلمية عارمة بنشر الحراك الجنوبي وتطوره إلى قيام المجلس الإنتقالي الجنوبي.
وقبل ذلك قيام ما سميت بثورة الربيع العربي وبعدها أو على إثرها شنت المليشيات الحوثية حربا ضروس في العام ٢٠١٥ على الجنوب والتي لم تزل مشتعلة.
تعرض السفير قاسم عسكر جبران في كتابه لتلك المراحل و المنعطفات الحادة بأحداثها الداخلية وعلاقاتها الخارجية ..
من موقعة المشارك بفاعلية منذ إسهامه في تقديم المساعدة للأسرة من صغره إلى إشتراكه في ثورة الرابع عشر من أكتوبر ١٩٦٣م المتفجرة من ردفان ثم مع أول تشكيلة لجبهة حالمين بقيادة المناضل عبدالله مطلق صالح إلى إلتحاقه بالحرس الشعبي كمنظمة شعبية شبه عسكرية شهدت عديد من مراحل التطور بإنتقالها إلى قوات شعبية ثم إلى المليشيا الشعبية المستقلة واعتبارها إحدى القوى الرئيسة للقوات المسلحة.
فانتسابه إلى القوات المسلحة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وإشتراكه في عديد من المعارك ناهيكم عن تطرقه لأساليب وطرق بنائها على أسس علمية ، ثم إحالته إلى السلك الدبلوماسي وممارسة عمله في وزارة الخارجية وسفيرا في عدة بلدان عربية وإفريقية.
أيها القارئ الكريم ..
السفير قاسم عسكر بكتابه هذا يجعلك تعيش مع تلك المراحل بأحداثها المختلفة وكأنك تعيش حاضرها أمامك من خلال صفحات الكتاب الثقيل بوزن ورقه ، الرزين بمحتوياته الصادقة والنافعة والشيقة بنفس الوقت
يسطر ويُثبت من خلال مذكراته تجارب مراحل طويلة متعددة للأجيال الحاضرة والمستقبلية بكل أمانة وبنفس الوقت بأسلوب سلس وشائق ،قد تبدأ قراءته بإرادتك وبالتأكيد سيسيطر عليك لتنهيه متمنيا أن يطول لما فيه من فوائد تاريخية ومعرفية فهو يتنقل من مرحلة إلى أخرى بسلاسة ومن حدث إلى آخر بتشويق.
الكتاب مكون من ٥٥٩ صفحة من القطع الكبير..
تبدأ بالإهداء فالشكر والعرفان مرورا بالتقديم للدكتور أحمد صالح علوي الوطحي فالمقدمة ثم سبع محطات بومضاتها المتنوعة لمسافر متمكن ذو ذاكرة ذهبية ينهيها بملخص السيرة الذاتية للكاتب بطريقة رائعة وجذابة وأخيراً فهرس الموضوعات المرتبة بحنكة ودقة قل نظيرها.
أتركك أيها القارئ تبحث عن الكتاب وأدعوك لتتابع معنا هذه القراءة السريعة لمحتويات الكتاب (المذكرات) الذي يعتبر مخزون تاريخي منصف وعرض تجارب متنوعة كما تراها عبر الفهرست وهذه المساعدة مني للولوج إلى هذا السِّفر الذي شكل حصاد ٦٨ عاما من النشاط بما شهدته من متغيرات عظام والذي جاء بمناسبة الإحتفال بمناسبتي ذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر ١٩٦٣م والإستقلال المجيد في ٣٠ من نوفمبر ١٩٦٧م الخالد .
زر الذهاب إلى الأعلى