كتب : د. محمد صالح حويدر
غني عن البيان تأكيد ان لا علاقة بين الدول دون مصالح متبادلة وما جرى ويجري من صراعات شهدتها ولا تزال تشهدها الساحة الدولية ماهي الا تجسيدا وتعبيرا عما تسعى إليه كل دولة من مساع وجهود هدفها تحقيق مصالح ومنافع لبلدانها .
وهاهي صفقات تبادل المصالح والمنافع جلية وواضحة للعيان بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها والاتحاد الفيدرالي الروسي وتابعيه فالاولى تخلت عن اوكرانيا لصالح الثانيه وبالمقابل تتنازل روسيا عن سوريا لصالح أميركا في ضل اضمحلال ، بل وغياب جميع من كانت الدولتان أوكرانيا وسوريا تعتمدان على دعمهما فجأة ودون سابق إنذار .
ولا ريب ان هذا غدى واضحا زد على ذلك ومن المسلمات بأن بوصلة قوى النفوذ العالمية تتجه نحو توسيع نفوذ الهيمنة العالمية في المناطق الهامة من العالم من حيث مواقعها الاستراتيجية والثروات المؤمنة لاقتصادياتها وفي مقدمة تلك المناطق بلدان الشرق الأوسط ..
وانطلاقا من هذا تعتبر دول الخليج مصدرا رئيسيا للطاقة البترولية ومشتقاتها وللسيطرة الكاملة عليها ترى قوى الهيمنة أن ذلك يمر عبر القضاء على الدول العربية أو على أقل التقديرات والاحتمالات اضعافها اقتصاديا وعسكريا كما هوا حاصل لمصر العربية حاليا حتى لا تتمكن من الصمود والوقوف دفاعا عن مصالح ومنشآت الخليج العربي فكان لابد من توجيه الضربات المتوالية حصارا احيانا وعسكريا احيانا اخرى كل من تلك الدول كل على حده بدءا بالعراق ثم تونس ولبنان وليبيا واليمن والسودان وليس انتهاء بسوريا على أن باقي الدول تعتبرها والحال كذلك دويلات صغيرة لا ترتقي عسكريا إلى مستوى الإعاقة ناهيك عن المواجهة ولم يتبقى أمامها وفي طريقها سوى جمهوريتي الجزائر ومصر العربية ولا يزال الحبل على الجرار .
وهوا امر يدعو على الاستغراب والأسف في آن معا من مواقف الأنظمة العربية المتخاذلة ليس من اليوم فحسب ، بل ومنذ أمد بعيد ، عمدت الى الانطواء على نفسها وفضلت الاستمرار في القطيعة فيما بينها .. فاتحة ذراعيها للقوى الأجنبية ملبية جميع املاءاتها وعن قناعة دون تردد أو تلكؤ الأمر الذي ادى بالمنطقة العربية وشعوبها عموما إلى ما هي عليه من بؤس وتفكك وخضوع وخنوع يثير الشفقة والرحمة لدى المحللين والمدركين لعواقب وخواتم الفرقة والشتات والتمزق لأمة كانت في الزمن السحيق سيدة العالم مع الاسف الشديد !
لقد غدت منطقة الشرق الأوسط والبحر الاحمر وخليج عدن مسرحا للتحشدات والعمليات والبؤر المقلقة للأمن والسكينة العامة لدول وشعوب المنطقة ناهيك عن تعطيل الملاحة الدولية ومعرقلة لحركة التجارة العالمية تحت ذرائع وحجج غير منطقية ولا مبرره بسبب ما تمارسه مليشيات الحوثي من قرصنة واعتداءات على مختلف القطع البحرية والسفن مستقوية بالدولة الفارسية الإيرانية بذريعة الاسناد والانتصار لمضلومية الشعب الفلسطيني وغزة تحديدا اعتقادا منها بأن ذلك سيشفع لها عند المجتمع اليمني والرأي العام المحلي والإقليمي والدولي في الاستمرار بسلطتها وسيطرتها على اليمن وشعبه وغابت عنها حقيقة أن إيران تستخدمها لتنفيذ أجندات تخدم مصالح عودة الاكاسرة والفرس ومجدهم التليد وماهم الا وسيلة لتنفيذ تلك الغاية والهدف ، وقد اتضح مؤخرا صحة ما قلناه منذ زمن .. أن إيران اليوم تخلت عن اذرعها حماس وحزب الله وسوريا والدور المؤكد آت على باقي اذرعها ووكلائها في العراق واليمن وماهي الا مسألة وقت ليس إلا .
في ضل هذه المتغيرات لم يعد بإمكان إيران الوقوف إلى جانب من سموا أنفسهم بمحور المقاومة لعدة أسباب ومن أهمها انها تعتبر أن هؤلاء اصبحوا عبئا ثقيلا على كاهل اقتصادها ومصدر عدم ارتياح من غالبية مواطنيها بالإضافة إلى أنها تعاني من ارهاصات وانقسامات داخليه كانت عملية اغتيال قاسم سليماني ورئيس وزرائها واحدة من مؤشرات ذلك ناهيك عما تعانيه من استياء نظرة الرأي العام العالمي لسياستها الداعمة للإرهاب فهل يستوعب الدرس اولئك المفتونون بانتصارات وهمية لا تحدث أي تأثير أو ضرر أو خوف أو وجل في نفوس اعداء الامة وحتى دخول اليهود الى الملاجئ عند سماع صفارات الانذار ماهو الا من باب تحوطات الامان وطمانة لمواطنيها اليهود في اسرائيل .. وحتى ابسط الناس وعيا وفهما وإدراكا لا يعيرون ذلك الهيلمان والزوبعة الدعائية لتلك الضربات أدنى اهتمام ولم تعد تنطلي على أحد في الداخل ولا في الخارج تلك الهرجلات والته منويلات والجميع يدرك أنه لو وجدت الجدية والمصداقية لدى هؤلاء لوجهوا ضرباتهم للقواعد الأمريكية الموجودة بالقرب منهم على ضفاف البحر الاحمر لمسافات لا تزيد عن بضعة كيلومترات لا تتعدي ال 20_ 30 كيلومترا من حدود اليابسة اليمنيه بدلا عن التباهي بالهجوم بالصواريخ البالستية والطيران المسير الى الرشراش أو تل ابيب وما اليها حسب زعمهم الذي يبعد عنهم آلاف الكيلو مترات .
في ضل هذه المستجدات نستنتج بأن القاعدة التي تقول لا عدو دائم ولا صديق دائم صحيحة كل الصحة وأن المصالح هي الأساس في كافة العلاقات الدولية وكيفما تكون ، تكون المواقف .. وعلى ذلك نقول إن البيعة تمت والثمن معلوم !
فمتى يصحى القادة العرب ؟
زر الذهاب إلى الأعلى