مقالات وتحليلات

“الجمعيات الخيرية ” .. متى سنرى قرار إلغاء كاميرا التصوير عند صرف المساعدات ؟

"الجمعيات الخيرية " .. متى سنرى قرار إلغاء كاميرا التصوير عند صرف المساعدات ؟

كتب | حسن البهيشي

الدور الذي تقوم به الجمعيات الخيرية في كفالة ومساعدة الأيتام والفقراء والمساكين والأرامل ، دور  هام وضروري جدا ، ولا يستغني عنه أي مجتمع من المجتمعات ..  حيث أنه يرسخ في النفوس والأذهان مبدأ التعاضد والتكافل الإجتماعي ، و يلبي حاجة شريحة كبيرة من المجتمع ، هي في حاجة ماسة إلى هذا النوع من التكافل الذي يسد لها الحد الأدنى من سبل العيش الكريم بعد فقدانهم المعيل ، أو عجزه، أو ضعفه .

والجهود التي يبذلها القائمون على هذه الجمعيات – جهود مضنية  وليست  سهلة ..  وهي محل تقدير واحترام من قبل الجميع .. وهم دون أدنى شك يبتغون بذلك وجه الله سبحانه وتعالى – نحسبهم كذلك والله حسيبهم .. سواء المنفقون من المحسنين ، أو القائمين على هذا العمل الخيري .

لكن هذا لايعني أننا لا نبدي وجهات النظر .. أو مايتردد على ألسنة الناس ، أو على ألسنة المستفيدين أنفسهم –  من حالة إستياء وتذمر من بعض الإجراءات  والطرق التي يدار بها العمل الخيري أثناء توصيل وتسليم المساعدات والموعونات للمستفيدين .. ومن ضمنها ، تصوير الحالات المستفيدة من الدعم والمعونة بحجة أن ذلك يعد توثيقا وإثباتا – دعت إليه الضرورة القصوى لإقناع الجهات المانحة كي يكون ذلك أبلغ و أجدر لها في التصديق والإطمئنان ، ويسهم في تدفق المساعدات والمعونات  .

هذه الطريقة والإجراءت بكل أسف .. ليست منصفة ولا عادلة ، و فيها مافيها من الضيم والإجحاف .. كونها راعت حق الغني المتصدق ، وظمنت له الثقة ، ومنحته الطمأنينة على أمواله ونفقاته  .. ولكنها في الجانب الآخر لم تقم بنفس الدور الذي يجنب الطرف الآخر وهو المسكين – جرح المشاعر وخدش الكرامة من خلال وقوفه الضروري أمام الكاميرا ليتم تصويره وهو يستلم السلة الغذائية ، أو الحقيبة المدرسية ، أو كسوة أو لحم العيد .

ومن هنا يتساءل الجميع ، ألا يوجد أسلوبا أو طريقة أخرى تعفي المستفيدين المحتاجين الذين ألجأتهم الضرورة والحاجة إلى القبول بهذا الموقف المحرج .. تعفيهم من هذا الإجراء ، و  تحفظ لهم كرامتهم وتصون مشاعرهم من الجرح والإيذاء .. و وتمكنهم من إستلام ماكتبه الله لهم – وهم معززون ومكرمون .. وفي نفس الوقت تثبت للمانحين والمحسنين تسليم مساعداتهم ومعوناتهم إلى  مستحقيها .

يرى البعض إن الأوان قد آن للبحث والتنقيب وإبتكار طرقا وأساليب وإجراءات بديلة عن التصوير – تجنب اليتيم والأرملة والمسكين هذا العناء .. سيما إذا أخذنا في الإعتبار – أن بعض الأطفال المساكين يسارع إلى إزالة علامة الجمعية ، أو الجهة المانحة من على حقيبته المدرسية حتى لا يتعرض للتنمر والتعيير من بعض أقرانه من الطلاب ، وقس على ذلك حالات شبيهة مثل ذلك  .

لما لايؤخذ بالتوجيهات و التعاليم الإسلامية التي حرصت حرصا شديدا على السرية التامة في الصدقات، وأخذت في إعتبارها صون المشاعر والأحاسيس النفسية للمسكين والمحتاج من أن تتعرض للإيذا .. ومنها على سبيل المثال حديث الرسول عليه الصلاة والسلام (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لاتعلم شماله ما أنفقت يمينه) البخاري .

إننا لانحمل تبعات هذا الأمر – القائمين  والعاملين على هذه الجمعيات الخيرية .. أبدا – فهم على كل مايبذولنه من جهود وعلى كل مايقومون به من مساعي لتخفيف العبئ عن كاهل هذه الشريحة من الناس .. وهي جهود محل تقدير واحترام لدى كافة المجتمع –  ما هم إلا جهات مشرفة ، لسان حالهم يقول :

“يجود علينا المحسنون مالهم ونحن بمال المحسنين نجود”  وليس الأمر بأيديهم، وربما هذه الإجراءات –  تشترطها الجهات المانحة وتفرضها عليهم فرضا وهم يقبلون بها مضطرون لإستمرار تقديم الخدمة والنفع لهذه الشريحة  . 

ونأمل أن لا يتم إستغلال مثل هذه المنشورات التي طابعها النقد الهادف ، والنصح والإرشاد – ممن لديهم خلاف مذهبي ، أو سياسي أو حزبي مع هذه الجمعيات الخيرية – فيتم تشويه صورتها ، وبث الأراجيف حولها ، خدمة لأحزابهم ومذاهبهم .. إنهم بذلك لا يتجنون فقط على هذه الجمعيات ويلحقون بها الأذى والمضرة .. وإنما هم يلحقون الأذى ويجنون على هذه الشريحة من البسطاء والضعفاء والمساكين .. الذين تعد هذه الجمعيات الخيرية بالنسبة لديهم – مصدرا يعينهم بالحد الأدنى من سبل العيش ، بعد الله سبحانه وتعالى .

وإنما الهدف من مثل هذا المنشور هو توصيل رسالة إلى الجهات المانحة من أهل الخير والبر  والإحسان – الذين يعتمدون على إجراءات التصوير بالكاميرا – لتقديم المساعدات .. مفادها أن على هذه الجهات أن تعيد النظر في إجراءات تصوير المستفيدين ، وتبحث لها عن طرق وحلول وأساليب أخرى تصون مشاعر هذه الشريحة من البسطاء  عن الأذى ..  وكرامتهم عن الهدر .. لعل هذه الرسالة تجد لها قلوب واعية ، وآذان صاغية .. لاسيما  ونحن مقبلون على مواسم الخير والطاعات والبذل والعطاء والإحسان .

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى