كتب / عارف عادل
في مجتمعنا اليوم، يشكِّل غلاء أسعار القات مأساة حقيقية تلقي بظلالها الثقيلة على العديد من الأسر. ففي الوقت الذي يختار فيه البعض تخصيص مبالغ طائلة لشراء القات، تتفاقم معاناة الأسرة نتيجة الحرمان من أبسط احتياجاتها الأساسية، وعلى رأسها الغذاء.
بات القات يحتل مكانة أشبه بـ”وجبة رابعة” في حياة بعض الأفراد، حيث أصبح جزءًا أساسيًا من مصروف الأسرة، حتى لو كان ذلك على حساب قوتهم اليومي. في كثير من الحالات، تجد أفراد الأسرة يعانون الجوع، بينما يستهلك رب الأسرة مدخراته أو دخله اليومي لتأمين القات ، متجاهلًا صرخات الجوع الصادرة من أطفاله وأفراد أسرته.
لا يتوقف الأمر عند الغذاء فقط، بل يتجاوز إلى أمور أخرى مثل توفير الملابس، خاصة في أوقات الشتاء القارس، حيث يُحرم الأطفال من الدفء والأمان بسبب إنفاق المال على القات بدلًا من احتياجاتهم الأساسية. هذا السلوك يعكس حالة من الأولويات المقلوبة التي تسود بعض البيوت، حيث يصبح القات محور اهتمام رب الأسرة بدلًا من توفير حياة كريمة لأفرادها.
إن تخصيص معظم موارد الأسرة لشراء القات لا يؤدي فقط إلى حرمانها من احتياجاتها الأساسية، بل يخلق جوا من التوتر والاحتقان داخل البيت. فالمشاكل الأسرية تبدأ عندما يدرك أفراد الأسرة أن الأب أهمل مسؤولياته لصالح رغباته الشخصية. ويؤدي هذا الإهمال إلى خلق بيئة مليئة بالمشاحنات والمشاكل اليومية، التي قد تتفاقم وتصل إلى الطلاق، مما يؤدي إلى تفكك الأسرة وضياع الأبناء.
في حالات كثيرة، يكون القات أحد الأسباب الخفية وراء الانفصال الأسري، حيث ينشغل الأب بمضغ القات ساعات طويلة، ليعود بعدها إلى منزله مرهقًا ومتجاهلًا أي تواصل إيجابي مع أفراد أسرته. وهكذا، يصبح المنزل ساحة للصراعات بدلاً من أن يكون ملاذًا للأمان والاستقرار.
إن غلاء أسعار القات وما يترتب عليه من حرمان الأسرة من احتياجاتها الأساسية يهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي. لذا، يجب التحرك بشكل جاد لمواجهة هذه الظاهرة والعمل على بناء مجتمع يُعلي من قيمة الأسرة ويضع رفاهيتها على رأس أولوياته. فلا يمكن أن يستمر القات في خطف أحلام الأسر وحرمانها من حقها في حياة كريمة.
ولحل هذه الأزمة المتفاقمة، يجب على المجتمع أن يتحرك نحو التوعية بأضرار القات الاقتصادية والاجتماعية. كما يجب على الجهات المسؤولة إطلاق برامج إصلاحية شاملة وعاجلة
زر الذهاب إلى الأعلى