كتب: عارف عادل
“النأي عن الديار ومغادرة الأهل وتراب الوطن”، عبارة تحمل في طياتها وجعاً وألماً يعيشه شبابنا، خصوصاً حينما يكون الرحيل قسرياً لا اختيارياً. مشهد يختصر مأساة جيل يضع أحلامه وآماله في حقيبة مغادرة، ليبدأ رحلة مجهولة بحثاً عن مصدر رزق وفرصة عمل ليوفر قوت افرأد الاسرة.
ما أشد الحزن حينما تجد أحد أصدقاء الدراسة يودعك وهو يغالب دموعه، مودعاً أحلاماً نسجها على مقاعد الدراسة. تذكرك لحظة الرحيل بالأهداف الكبيرة التي كان يحملها كل طالب، ليصطدم بواقع مرير حيث تذهب الفرص لذوي القربى”، على اساس المحسوبية وليس للكفاءة أو الجدارة.
أصبح الشباب المؤهل علمياً وأخلاقياً يعيش ضيق الأفق في وطنه، فلا فرص عمل تتيح له بناء مستقبله، ولا دعم يعينه على الاستقرار. وبالتالي، يجد الرحيل حلاً قاسياً ولكنه ضروري، ليبدأ حياة مجهولة في بلدان أخرى، وسط وحشة الغربة وصعوبة الاندماج.
السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا تستثمر الدولة بمختلف مكوناتها السياسية في طاقات الشباب؟ لماذا لا يتم منحهم الفرصة ليكونوا محركاً حقيقياً للتنمية؟
رغم كثرة التصريحات عن أهمية الشباب ودورهم في بناء المستقبل، إلا أن هذه التصريحات تبقى حبراً على ورق، لا تتحول إلى سياسات ملموسة على أرض الواقع. والنتيجة إهدار طاقات الشباب وهجرتهم إلى الخارج.
هل الهجرة هي الحل؟
الهجرة ليست حلاً بقدر ما هي هروب من واقع مؤلم. لكنها ليست خياراً سهلاً، بل تحمل معها تحديات الغربة وصعوبة التأقلم في المجتمعات الجديدة. وفي النهاية، يبقى السؤال لماذا يُجبر الشباب على المغادرة؟
الشباب هم عماد الأمة وأمل المستقبل، ولا يمكن لأي وطن أن ينهض دونهم. إن توفير بيئة داعمة للشباب ليس رفاهية، بل ضرورة ملحة لضمان استقرار البلاد وتنميتها. ما لم تتخذ الدولة خطوات جادة لاستثمار طاقات الشباب، سيظل مشهد “حقائب المغادرة” يتكرر، وستفقد الأوطان أثمن ما تملك: عقولها النابضة وروحها المتجددة.
زر الذهاب إلى الأعلى