كتب: جسار فاروق مكاوي
تشكل الزيارات الميدانية التي تقوم بها رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي، وبرفقة وزراء المجلس في الحكومة المعترف بها دوليًا، خطوة نوعية تعكس تحولًا مهمًا في نهج العمل السياسي والاقتصادي والقانوني في الجنوب. هذه الجولات ليست مجرد زيارات بروتوكولية، بل إجراءات عملية تضع أسسًا لتصحيح الحسابات وإعادة الحقوق لأهلها، في سياق تعزيز المشروع الجنوبي وتمكين المحافظات من إدارة شؤونها الداخلية بما يتناسب مع خصوصياتها، دون الخروج عن الإجماع الوطني الجنوبي.
تصحيح المسار الاقتصادي واستعادة الحقوق
من أبرز مخرجات هذه الزيارات، الخطوات العملية التي تم اتخاذها في محافظة شبوة، وعلى رأسها إعادة وضع شركة “بترو مسيلة” لتصبح “بترو شبوة”، وهو ما يعكس إدراك المجلس الانتقالي لأهمية تمكين المحافظات الجنوبية من الاستفادة المباشرة من مواردها الاقتصادية، بعيدًا عن هيمنة القوى التي سعت لعقود إلى استلاب حقوق الجنوب والاستحواذ على ثرواته.
إن تعزيز دور شبوة في النسيج الجنوبي لا يقتصر على البعد الاقتصادي فحسب، بل يتعداه إلى تحقيق العدالة في توزيع الثروة، وتمكين أبناء المحافظة من التحكم في مقدراتهم وفق أسس تضمن حقوق الجميع، مع الحفاظ على وحدة الصف الجنوبي في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية.
إدارة الشأن الداخلي لكل محافظة في إطار الجنوب الموحد
يدرك المجلس الانتقالي الجنوبي أن لكل محافظة في الجنوب خصوصيتها، سواء من حيث تركيبتها الاجتماعية، أو احتياجاتها الاقتصادية، أو أوضاعها الأمنية والإدارية. ولذلك، فإن تمكين المحافظات من إدارة شؤونها الداخلية هو أمر ضروري لتحقيق الاستقرار والتنمية، شريطة أن يكون ذلك ضمن الإطار العام للمشروع الوطني الجنوبي، الذي يؤكد على وحدة المصير المشترك والتكامل بين المحافظات، دون السماح بأي محاولات لخلق تباينات قد تستغل لضرب وحدة الجنوب.
هذا التوجه يتماشى مع مبادئ وأهداف الميثاق الوطني الجنوبي، الذي خرج به المجلس الانتقالي كوثيقة مرجعية تعزز الهوية الجنوبية، وترسم ملامح دولة جنوبية حديثة قائمة على العدالة والمشاركة، بعيدًا عن المركزية المفرطة التي لطالما كانت سببًا في إضعاف المحافظات وإبقائها تحت سيطرة قوى لا تعكس إرادة أبنائها.
ملامح المرحلة القادمة: تعزيز الحكم المحلي وتمكين المحافظات
مع استمرار الزيارات الميدانية للمجلس الانتقالي، يبدو واضحًا أن المرحلة القادمة ستكون مختلفة، حيث سيتم التركيز على تعزيز الحكم المحلي في كل محافظة، مع إعطائها الصلاحيات اللازمة لإدارة مواردها، وتحقيق التنمية المستدامة وفق رؤية موحدة.
إن نجاح هذه السياسة يعتمد على مدى قدرة أبناء المحافظات على تحمل المسؤولية في إدارة شؤونهم، بعيدًا عن أي اعتبارات ضيقة، مع التأكيد على ضرورة التكامل بين المحافظات، لضمان تحقيق الهدف الأسمى وهو استعادة الدولة الجنوبية على أسس عادلة ومتينة.
تشكل الزيارات الميدانية التي يقوم بها المجلس الانتقالي الجنوبي رافدًا أساسيًا في إعادة تصحيح المسار السياسي والاقتصادي في الجنوب، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح لاستعادة الحقوق، وترسيخ مبادئ الحكم المحلي ضمن إطار جنوبي موحد. المرحلة القادمة ستكون حاسمة، وعلى الجميع إدراك أهمية العمل المشترك لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تلبي تطلعات أبناء الجنوب في استعادة دولتهم وبناء مستقبلهم على أسس راسخة من العدالة والتمكين
زر الذهاب إلى الأعلى