تقرير خاص / صوت الضالع
في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها الساحة اليمنية وتحديدًا بعد الاجتماع الأخير في العاصمة العمانية مسقط الذي جمع المبعوث الأممي والسفير السعودي والوفد الحوثي تبرز مؤشرات سياسية جديدة تدلل على أن المجتمعين الإقليمي والدولي وخصوصًا الولايات المتحدة والسعودية باتوا ينظرون إلى الحوثيين كقوة أمر واقع يصعب تجاوزها في أي تسوية سياسية قادمة
هذا التحول لم يكن مفاجئًا بقدر ما كان صادمًا لطرفي الشرعية التقليدية وتحديدًا مجلس القيادة الرئاسي ورئيسه رشاد العليمي إضافة إلى حزب الإصلاح الذين أدركوا أن موقفهم التفاوضي بات ضعيفًا للغاية في ظل افتقادهم لأي حضور فعلي أو قاعدة شعبية حقيقية على الأرض في الجنوب ما يعني عمليًا أنهم خارج معادلة التفاوض القادمة التي ستُبنى على أساس قوى الأمر الواقع لا الشرعية الورقية
أمام هذا المأزق لجأ حزب الإصلاح إلى تحريك أدواته الإعلامية والنسوية في عدن عبر تنظيم مظاهرة نسوية ظاهرها المطالبة بحقوق النساء وباطنها سياسي بامتياز يهدف إلى إيصال رسالة مضللة للمجتمع الدولي مفادها أن الجنوب لم يعد ملتفًا حول قضيته العادلة ولا حول قياداته السياسية الممثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي
ولعل المثير للانتباه في هذه الفعالية هو محاولة منع رفع العلم الجنوبي في سابقة تكشف حجم التوجيه السياسي الذي يقف خلف هذا الحراك والذي أراد أن يُظهِر عدن كمدينة بلا هوية أو على الأقل مدينة منقسمة على ذاتها في محاولة مكشوفة لضرب الإجماع الشعبي الجنوبي
إن ما جرى بالأمس في شوارع عدن ليس حراكًا عفويًا ولا حراكًا حقوقيًا خالصًا بل هو جزء من تكتيك سياسي ينتهجه الإصلاح ومن خلفه العليمي لتحسين شروط تفاوضهم عبر الإيحاء بأن الجنوب لم يعد بيئة حاضنة لمشروعه السياسي التحرري وهو ما يتقاطع مع سعيهم المحموم لإضعاف المجلس الانتقالي وتشويهه أمام المجتمع الدولي .
هذه المحاولات التي تعتمد على التضليل الإعلامي وتوظيف القضايا الحقوقية لأهداف سياسية سرعان ما تتكشف حقيقتها في وعي الشارع الجنوبي الذي بات أكثر إدراكًا للمخططات التي تستهدف قضيته وهويته الوطنية
المفارقة.
أن هذه المحاولات تأتي في وقت يحقق فيه المجلس الانتقالي تقدمًا واضحًا على المستوى السياسي والدبلوماسي ويكرّس حضوره كطرف جنوبي فاعل وهو ما يقلق خصومه الذين باتوا يبحثون عن أي ثغرة للنيل من هذا الحضور ومع ذلك فإن رفع علم الجنوب سيظل حاضرًا في كل ساحات الجنوب ليس لأنه قطعة قماش بل لأنه رمز لقضية لم تنكسر ورمز لشعب لم تنطفئ جذوة نضاله ولن تتمكن كل محاولات التزوير والتشويش من طمس حقيقته
زر الذهاب إلى الأعلى