صوت الضالع | تقرير: فاطمة اليزيدي :
في 25 مايو 2015، سطّر أبناء الضالع بمؤازرة رجال الجنوب الأحرار صفحة خالدة من تاريخ النضال الجنوبي، حين تمكنوا من دحر المليشيات الحوثية واستعادة زمام المبادرة في لحظة مفصلية وضعت اللبنة الأولى لعهد جديد من الكفاح التحرري.
تحمل ذكرى تحرير الضالع هذا العام طابعاً استثنائياً، إذ تأتي بعد مرور عقدٍ كاملٍ على هذا النصر التاريخي الذي كسر أولى حلقات التمدد الحوثي المدعوم من القوات الشمالية المتحوثة. لقد مثلت معركة الضالع أول انتصار ميداني لقوى المقاومة الجنوبية، وأعادت رسم الخارطة السياسية والعسكرية في الجنوب، لتصبح نقطة انطلاق نحو مشروع استعادة الدولة الجنوبية.
الضالع.. منطلق التحول من السلم إلى السلاح
لم تكن الضالع مجرد جبهة عسكرية، بل كانت الشعلة الأولى لانتقال الثورة الجنوبية من النضال السلمي إلى الكفاح المسلح. أبناؤها واجهوا آلة الحرب الحوثية بإرادة لا تلين، مؤمنين بعدالة قضيتهم، ونجحوا في تحويل الحراك الشعبي إلى مقاومة مسلحة أثمرت نصراً عظيماً.
قُدّر لهذا النصر أن يكون بداية التحول الجوهري في مسار الثورة الجنوبية، وقد لعب القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، حينها، دوراً محورياً في قيادة المعركة، متقدماً الصفوف في الميدان، وممهداً بمسيرته النضالية للمرحلة السياسية التي تلت عبر تأسيس وقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي.
من صدى البنادق إلى صوت الدولة
في 25 مايو 2015، دوّى صوت النصر في أرجاء الضالع، معلناً تحررها كأول محافظة جنوبية من المليشيات الحوثية. لم يكن ذلك النصر حدثاً عابراً، بل علامة فارقة أعادت الأمل في مشروع استعادة الدولة، وأسست لمرحلة جديدة من العمل السياسي والعسكري المتكامل.
وأكد مراقبون أن ما تحقق في الضالع يفوق بكثير ما فُقد في صراعات سابقة، وأن هذه المعركة أعادت كتابة التاريخ، لتُفهم المحتل أن الجنوب ليس ساحة مستباحة، بل وطن له رجاله، وله تاريخه ومستقبله.
عيدروس الزُبيدي.. قائد المعركة وصانع التحول
برز في خضم المواجهات الدور المحوري للقائد عيدروس الزُبيدي، الذي أثبت حضوره العسكري والسياسي، وأكد في أكثر من مناسبة أن لا خيار أمام الجنوبيين سوى النصر أو الشهادة. وبحسب تصريح للصحفي الجنوبي علاء عادل حنش، فإن الزُبيدي رسّخ منذ البداية أن قرار الاستقلال لا تراجع عنه، مهما كانت التحديات.
نصر محفور في الوجدان الجنوبي
يرى كتّاب وسياسيون جنوبيون أن معركة الضالع شكلت مفتاحاً لانتصارات الجنوب المتتالية، ورسخت معادلة جديدة في مواجهة المشروع الحوثي. لقد خرج أبناء الضالع بإمكانيات بسيطة، لكن بإرادة صلبة، وواجهوا ترسانة عسكرية ضخمة، دافعين بأرواحهم ثمنًا للحرية.
ويجمع الجنوبيون على أن معركة تحرير الضالع لم تكن مجرد انتصار عسكري، بل ملحمة شارك فيها الجميع، رجالاً ونساءً، مدنيين وعسكريين، في وحدة هدف استثنائية.
محطة استراتيجية على طريق الدولة
تحرير الضالع لم يكن حدثاً منعزلاً، بل يُعد محطة استراتيجية ضمن المشروع الوطني الجنوبي الممتد من المهرة إلى باب المندب. فقد رسّخ هذا الانتصار رؤية متكاملة لاستعادة الدولة الجنوبية وبناء مؤسساتها على قاعدة التضحيات والنضال.
المجلس الانتقالي ودور القيادة في تثبيت المكتسبات
أشاد الناشطون الجنوبيون بدور المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس الزُبيدي، في تثبيت الأمن وحماية مكتسبات النصر في الضالع، مؤكدين أهمية الالتفاف الشعبي حول القيادة السياسية، وتجديد العهد لدماء الشهداء، والتمسك بخيار الاستقلال على حدود ما قبل العام 1990.
الضالع.. مفتاح النصر وخارطة المستقبل
لقد شكل انتصار الضالع منطلقاً لتحولات كبيرة في مسار التحرير، حيث استلهم المقاومون في مختلف الجبهات الدروس من صمودها، فتوحدت الصفوف، وتعززت الحاضنة الشعبية، وتكرّس الإيمان بعدالة القضية الجنوبية.
وحدة المصير وإرث الشهداء
يؤكد أبناء الضالع تمسكهم بإرث الشهداء ورفضهم لأي محاولات لطمس نضالهم أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. لقد شكل الالتفاف الشعبي، والتكافل الاجتماعي، والتضحية الجماعية، أساساً صلباً لهذا النصر الأسطوري.
ختاماً…
في الذكرى العاشرة لتحرير الضالع، يقف الجنوب إجلالاً لأرواح الشهداء، وتقديراً لتضحيات المقاومين، مؤمناً بأن طريق الحرية لا يُعبد إلا بالإصرار والتضحية، وأن الجنوب الموحد لا يُهزم. الضالع كانت البداية، لكنها لن تكون النهاية، فمشروع التحرير مستمر، وشعب الجنوب عازم على استعادة دولته كاملة السيادة، بإرادة لا تقهر
زر الذهاب إلى الأعلى