مقالات وتحليلات

لا تكن من أدوات الهدم والفتنة

لا تكن من أدوات الهدم والفتنة

كتب : موهوب النايب

في زمن تعصف فيه التحديات الاجتماعية والفكرية بالمجتمعات، تبرز الفتنة والكراهية كأخطر أدوات الهدم التي تهدد استقرار الأوطان وتماسكها. إنها لا تحتاج إلى سلاح، بل يكفيها همسة مغرضة أو كلمة مشوشة لتزرع الانقسام وتذكي نار التفرقة. في ظل الانتشار الواسع للمعلومات والآراء على منصات التواصل، باتت الفتنة أسرع انتشارًا وأعمق أثرًا، وهو ما يتطلب وعيًا جماعيًا بمخاطرها وسبل مواجهتها.

لقد أثبتت التجارب أن المجتمعات التي تُترك ساحة خطابها العام دون ضوابط أخلاقية وقانونية تصبح عرضة لخطاب الكراهية، الذي يغذي الشك ويقوّض الثقة بين الأفراد. أما الكلمة التي تُقال دون وعي، أو الصورة التي تُنشر دون تحقق، فقد تكون شرارة تؤجج فتنة لا تُبقي ولا تذر.

الوقاية من الفتنة ليست مسؤولية السلطات فحسب، بل هي واجب أخلاقي يقع على عاتق كل فرد. من هنا تنبع أهمية ترسيخ ثقافة الحوار البناء، وتعليم النشء قيم الاحترام والتسامح، وغرس روح الإخاء الإنساني. الاحترام لا يُقاس باتفاق الآراء، بل بالقدرة على التعايش رغم الاختلاف. والتقدير لا يُولد من فراغ، بل من إدراك عميق بأن لكل إنسان مكانته وقيمته.

إنّ تعزيز المبادرات المجتمعية التي تقوم على التلاقي والعمل المشترك يسهم في كسر حواجز الغربة والريبة، بينما يضطلع الإعلام بدور محوري في قيادة الرأي العام نحو خطاب عقلاني ينشر المحبة لا الكراهية، ويؤسس لوعي جمعي يرفض التحريض بكل أشكاله.

فالمجتمعات التي تبني جدرانها على الإخاء والتقدير لا تنفذ إليها الفتنة، وإن وُلدت فيها، فإن الوعي كفيل بإخمادها قبل أن تستفحل.

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى