كتب: خَطَّاب ناصر
إنّ من يفهم لماذا مات أبو اليمامة، سيدرك لماذا لا يزال الجنوب اليوم بهذه الحالة الهشّة.
إنّ من يفهم لماذا اغتالوا هذا الصارم النحيل، سيدرك لماذا مازلنا في هذه الدوامة التي لا مخرج منها.
لم يقتلوه صدفة!! بل قتلوه لأنه كان عقبة في وجه أولئك الذين أرادوا الجنوب هشّاً، مطواعاً، بلا أعمدة. لأن وجوده كان النظام الذي يكشف الفوضى. ومن بعده صار كل شيء معلقاً: الحسم.. الهيبة.. البوصلة.
لم يقتلوه لأنه خطر، بل لأن وجوده كان ترتيباً مؤلماً للفوضى التي اعتادوها.
كان صارماً إلى الحد الذي لا يطاق في زمن التراخي.
أغلق باب التواطؤ، فحاصرهم الضوء، ولم يجدوا خلاصاً إلا بالظلام.
لم يكن موته خسارة، بل خلخلة، انكسرت من بعده الموزاين.
فهمنا متأخرين نحن هذه الحقيقة: أن اغتيال أبو اليمامة كان الجواب الوحيد الذي نطقته الخيانة بوضوح.
ثم حين استشهد هذا اليافعي المهيب، قالوا: إن مات أبو اليمامة فسيولد بدله ألف أبو اليمامة!!
لكن ها نحن اليوم لم نرَ سوى ألف فاسد..
ألف صعلوك..
ألف نذل ومنافق..
مات أبو اليمامة، لكن لم يُولد بعده شيء مما قالوه.
لا شجاعة، لا صمود، ولا حتى فكرة واحدة مكتملة.
بل وُلد فقط الرديء.
وُلد الفساد تحت شعار البقاء.
وُلد النفاق تحت شعار الزيف.
وُلد ألف صعلوك يرددون نفس الأوهام ويظنون أن الجنوب سيعترف بهم.
مات الأسد منير، وأسمع كل مرجف بأن الشجعان حين يموتون يظهر في مكانهم شيء واحد فقط: الفراغ الذي تركوه.
فراغ أصبح بعده آلاف الأقدام المسكونة بالخوف تبحث عن حقيقة لا مكان لها.
أبو اليمامة لم يكن ضحية الاغتيال!! بل ضحية التواطؤ العام.
حين اتفق الأغلبية -بلا اتفاق- على طي صفحته بسرعة، حتى لا يطالبهم أحد بالوقوف حيث وقف، والدفع كما دفع، والصدق كما صدق.
مات؟
بل نحن الذين مُتنا.
هو غادر تاركاً سؤالاً مفتوحاً:
هل تجرؤون؟
وحتى اليوم لا أحد منا امتلك الجرأة ليُجيب.
رحمك الله شهيدنا منير محمود اليافعي أبو اليمامة.. وأسكنك المولى فسيح جناته.. والصبر والعزاء والسلوان لنا والوطن والجنوب من بعدك يا خيرة الرجال الأوفياء.
كتب| #خطاب_ناصر
زر الذهاب إلى الأعلى