مقالات وتحليلات

علي سعيد المرهبي .. الفدائي الذي كسر قيود الظلام و العتمة (سيرة شهيد)

صوت الضالع / محمد مقبل أبو شادي

علي سعيد المرهبي، فتى ثورة الجنوب الذي وصل بجدارته مراتبًا ستتكفل بحفظ هذا الإسم العظيم على تحنيطات و شوامخ الوطن.. 

كان الشهيد القائد ذو أخلاق عالية، يحب فعل الخير و التعاون مع الناس، مبتسمًا للجميع تحت تأثيرات كل الظروف و الأيام.. 

اتصف علي سعيد، بشجاعته النادرة، و أساليب القيادة التي جعلت منه نسخة استثنائية نادرة، لا يحب الكلام الكثير بقدر اكتفائه بالحلم، و الإتقان في أي عمل.

يقول رفاق دربه بان ما التمسه الناس من خصال و مواقف في شخصية بن سعيد، لا تمثل سوا قدرًا يسيرًا من ملامح و صفات و مواقف لا يعلم بها غير نفسه، و التي جعلت منه روحًا تبعث في نفوس الناس الأمل، و ابتسامة حوت ملامح الهيبة و التواضع لقائد عسكري لا يهزم، و سياسي أجاد فن الإقناع حتى امتلك قلوب الناس و سكن أرواحهم .

* ميلاده و نشأته

في قرية المصنعة بمديرية الشهداء الأزارق بالضالع، ولد الشهيد القائد البطل علي سعيد صالح مثنى المرهبي، بالعام 1987 للميلاد، لتشكل لحظات ميلاده ذكرى نشوء و تكون ثورة قائد فولاذي جديد.. 

نشأ و ترعرع الشهيد القائد البطل علي سعيد صالح المرهبي، في أسرة مكونة من 10 أفراد، مناصفة بين الذكور و الإناث، و كان صاحب الرقم 6 بين إخوانه. 

بالعام 1992 للميلاد، التحق الشبل علي سعيد المرهبي بالمدرسة الإبتدائية التي حملت على بوابتها اسم الشهيد البطل محمد عواس طاهر الأزرقي، مفجر ثورة الثامن عشر من إبريل 1948 ضد الإنجليز، و قاتل الضابط الإنجليزي ماكسويل هيكسل ديفيد في تورصة بالأزارق، و أكمل بالعام 2001 مرحلة دراسته الإبتدائية هناك حاصلًا على معدلًا علميًا بتمييز التفوق و النجاح أخلاقًا و علمًا. 

بعد أن اكمل مرحلة دراسته الإبتدائية التحق بالعام الدراسي 2001، و 2002 بثانوية الصديق الكبرى بالأزارق، و أكمل في العام 2004 دراسته الثانوية متحصلًا على معدل علمي بتقدير جيد جدًا.

بعد الثانوية انتقل الشهيد علي سعيد لدراسته الجامعية في كلية التربية بالضالع، و لكنه درس فصلًا دراسيًا واحدًا قبل ان يغادر بفعل إجبارية الظروف صروح العلم و يتوجه نحو ساحات الثورة و النضال. 

* حياته الإجتماعية

عاش الشهيد القائد علي سعيد صالح المرهبي، حياته الإجتماعية قريبًا من الناس، متعاونًا و شرطيًا يخدم الجميع، حيث يقول رفاق دربه بأنه كان من أبرز رجال الصلح و الخير بالضالع، و كان يقوم بحل الخلافات و النزاعات بين الناس نظرا لمكانته المرموقة في قلوب الجميع.

* مسيرته الثورية

الشهيد القائد البطل علي سعيد المرهبي، ثائر العشرينيات الأولى من عمره، الذي نشأ و ترعرع و تعلم قيم الثورة، و مبادى التحرر و أساليب الحرابة تحت ظل و كنف المدرسة الأم، مدرسة الشهيد القائد الملهم علي عبداللاه الخويل..

تخلى عن أهدافه التي رسمها مبكرًا في مواصلة الدراسة الجامعية و غيرها، لينخرط ضمن فصائل و سرايا المقاتلين الثوار، حاملًا بندقيته النارية التي كتب برصاصاتها الحارقة ميلاد فجر قائد عظيم، و مقاتل لا يهزم ..

القرار الذي اتخذه الصغير علي سعيد، بالإنخراط في حركة الكفاح كان تاريخيًا، و غير تقليدي، فهناك عوامل كثيرة ستعيقه في ذلك، صغر سنه و قلة خبرته، إلا إنه كان أصغر الرجال من حاملي السلاح بالضالع ضد قوات الإحتلال، و لكنه كان أشدهم، و أشجعهم، إذ كان الذراع الأيمن الذي يسند اليه الشهيد الخويل أصعب المهام.. 

في ملاحم التحرر الأولى و العمليات الإستشهادية الطويلة للخويل و رفاق ثورته كان علي سعيد أحداهم، و لا تخلو موقعة إلا و كان علي سعيد رقمًا محوريًا في إنجاحها.. 

لم يكن علي سعيد متميزًا و ناجحًا في الجانب الميداني فقط، بل إنه كان من رموز الحركة الشبابية التي شاركت في فعاليات الثورة السلمية منذ انطلاقتها في العام 2007 للميلاد، و لا تخلو مظاهرة أو مليونية أو فعالية إلا و علي سعيد في مقدمة صفوف من ساهموا بإنجاحها كما يقول رفاق دربه.

شارك الشهيد القائد البطل علي سعيد صالح المرهبي، في مسيرات الثورة الجنوبية التحررية بفعالياتها السلمية و تصعيداتها الثورية، و فعاليات تأبين رفاقه من الشهداء، و مضى بثباته قائدًا سياسيًا يحب الصمت لكنه يضع حلول كل التساؤلات حين يتكلم. 

يقول العميد عمار علي محسن “أبو علي” قائد اللواء الثاني عشر عمالقة، بأن الشهيد البطل علي سعيد صالح المرهبي، كان من أوائل الشباب الذين التحقوا بأول دورة تدريبية لأبطال المقاومة التي احتضنها معسكر المقاومة التدريبي في الأزارق، و هناك تعلم و تدرب علي فنون القتال، و مهارات الميدان، و صقل موهبته على أيادي رموز ثورته يتقدمهم الملهم علي عبداللاه الخويل، و العقيد أحمد هادي أبو جمال، و القائد الشهيد عبدالمجيد أبو حتم. 

عند اجتياح الضالع من قبل المليشيات الحوثية المدعومة من إيران في آذار 2015 للميلاد، كان الشهيد القائد علي سعيد المرهبي،ضمن قائمة الشرف و الصدارة لزعماء الثورة، و ميدان الكفاح، الذين تصدوا لطغيان الجحافل منذ أول وهلة. 

من الكمائن التي كانت تنصبها المقاومة في المنفذ الحدودي بسناح، وصولًا إلى الوبح و منطقة حياز حيث نفذت المقاومة أولى عملياتها الميدانية ضد الحوثيين آنذاك. 

في قلعة العرشي الأسطورية، و ذكريات ملحميات صمود الخويل، كان علي سعيد المرهبي، ذراع الملهم اليمنى حاضرًا منذ ساعات الصمود الأولى حتى أصبحت قلعة العرشي ضربًا أسطوريًا في الصمود و الإنتصار. 

بعد استشهاد “الخويل” في الثالث عشر من نيسان 2015 للميلاد، برز الدور الكبير و المحوري للشهيد علي سعيد صالح، في تنظيم و توزيع سرايا المقاتلين من كتائب الخويل الإستشهادية، صوب جبهات المدينة و الخزان بقيادة الشيخ يوسف السبعي أبو الحارث، و النقيب مازن الأزرقي، و القائد أنيس الملهوف، و القائد عمار علي محسن أبو علي، و القائد محمود البتول، و فرسان الأزرقي، و غيره من القيادات التي حملت راية النصر بعد استشهاد ملهم الثورة الخويل. 

في ملحمة آيار التحررية 2015 بالضالع، حين اقتحمت مجاميع المقاومة الجنوبية ثكنات المليشيات الحوثية في الخزان المطل على معسكر الجرباء بقيادة ميدانية من قبل الشهيد القائد العميد عمر ناجي الهدياني القائد الميداني لقوات المقاومة قائد معركة التحرير بالضالع، و بإشراف من قبل القائد الأعلى لقوات المقاومة الجنوبية اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، كان الشهيد علي سعيد، يقود مجموعة فدائية استشهادية أسقطت أخطر المواقع في الخزان الذي كانت تستخدمه المليشيات الحوثية و قبلها قوات الإحتلال اليمني في قصف مدينة الضالع بالمضادات الجوية و أسلحة المدفعية طيلة 25 عامًا. 

حينها أوكلت إلى الشهيد القائد علي سعيد، مهمة قيادة ذلك الموقع الإستراتيجي و الحفاظ على ما فيه من أسلحة و معدات و ظل فيه صامدًا حتى استشهاده.  

بعد ملحمة آيار التحررية بالضالع شارك الشهيد القائد علي سعيد، في معارك سناح الحدودية و المسيمير و النخيلة بلحج، و معارك إسقاط قاعدة العند الإستراتيجية و تعرض في التاسع من آب من العام نفسه لمحاولة اغتيال عبر عبوة ناسفة زرعتها المليشيات الحوثية بجانب بوابة معسكر لبوزة بالمسيمير بلحج، ليستشهد حينها قائد جبهة النخيلة النقيب مازن عبيد صالح ناجي الأزرقي، و يصاب الشهيد علي سعيد بجروح طفيفة. 

بعد التحرير الكبير للمحافظات الجنوبية عمل الشهيد القائد علي سعيد صالح المرهبي، على تنظيم سرايا المقاتلين الجنوبيين و تدريبهم و حمايتهم من شرور الإرهاب و التطرف، و ظل ثابتًا في موقعه منهمكًا في تادية واجبه الوطني، دون البحث عن أي منصب أو مكسب كغيره من الذين انتهجوا هذا الطريق. 

عند تأسيس و إشهار فرع المجلس الإنتقالي الجنوبي بمديرية الأزارق تم اختياره رئيسًا لدائرة الشهدا و الجرحى ليقدم استقالته بعدها باشهر نظرًا لانشغاله بالجانب العسكري و الميداني، إلا إنه ظل أحد أبرز رموز النجاح و الكفاح. 

مع بدى التصعيدات الحوثية في آذار 2019 على الحدود الشمالية و الغربية للضالع، كان الشهيد القائد علي سعيد صالح المرهبي، لا يزال ينهم كالأسد المتعطش الذي ينتظر بفارق الصبر وصول قطعان الغزاة حيث قاد مع رفاقه معارك الصمود الأسطورية في العبارى بحجر و قعطبة و غيرها من الملحميات و تم تعيينة بتكليف من اللواء عيدروس قاسم الزبيدي رئيسًا لعمليات الكتيبة الأولى باللواء الأول صاعقة.

* قصة استشهاده

في الوقت الذي لا يزال فيه القائد علي سعيد المرهبي، يتنهد الأسى و تجاعيد الأيام العصيبة بعد أن قطع مسافة كبيرة صعودًا من مدينة الضالع إلى موقعه ضهر الأربعاء 11 آذار، لم يكن يعلم حينها بأن قطرات العرق التي تصببت من جبينه و هو في الطريق، ستكون آخر ما يداعب ذرات التراب. 

بعد أن وصل القائد علي سعيد، إلى موقعه الذي يفتتح فيه مشروع بناء سكن جديد من ماله الخاص، إذ برصاصة غادرة، من بندقية كافرة، تخترق جسده النحيل المنهك، لتصعد روحه المحبية نحو السماء، و يذهب قاتله للتخفي قبل أن يتم كشف موقعه من قبل تلامذة مدرسة علي سعيد، و يأخذون بدم قائدهم، و تنفيذ الحكم الشرعي في القصاص.

* في موكب تشييعه

شيع المئات من أبناء الضالع و الجنوب صباح يوم الخميس 12 آذار 2020 للميلاد، جثمان القيادي البارز في المقاومة الجنوبية النقيب علي سعيد صالح المرهبي. 

و انطلق موكب التشييع الجنائزي من بوابة مستشفى النصر العام، وصولًا إلى مسقط رأسه منطقة المصنعة بالأزارق. 

و تقدم موكب التشييع الجنائزي للشهيد المرهبي، عددًا من القيادات العسكرية و السياسية، و عددًا من القيادات الميدانية في القوات الجنوبية، و المشائخ، و الشخصيات الإجتماعية، و محبي الشهيد و جموعًا غفيرة من المواطنين.

و أقيم في قرية المصنعة مسقط رأس الشهيد، مخيم للعزاء استمر لأيام، قدم فيه المعزون تعازيهم و تحدثوا عن مناقبه و بطولاته التي لا حصر لها.

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى