صوت الضالع / خاص
ما بين مشاورات الكويت عام 2016 ولقاءات الرياض في 2022، كان العنوان الأبرز في اليمن هو وأد مليشيات الحوثي لآمال شعب تشبث بسلام يخلصهم من أتون حرب أشعلتها مليشيات إيران.
ففي الكويت التي احتضنت لأول مرة مشاورات مباشرة بين وفدي الحكومة الشرعية والحوثي، قدَم المبعوث الأممي-حينها- إسماعيل ولد الشيخ أحمد، خطة عمل من أجل الوصول إلى حل سياسي في اليمن.
آنذاك، وافق وفد الحكومة الشرعية على الخطة الأممية، فيما أدار الحوثيون ظهورهم لها برفضهم التوقيع واتخاذهم خطوات أحادية نحو اختطاف السلطة، عبر تشكيل ما سُمي بـ”مجلس سياسي لإدارة البلاد”، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة.
واليوم في 2022, يتكرر مشهد الغدر الحوثي بأحلام ومستقبل اليمنيين، والشاهد هذه المرة، العاصمة السعودية الرياض.
فبينما كان المجتمعون في الرياض يرسمون خارطة تعبد الطريق نحو حل سياسي ينتشل اليمنيين إلى بر الأمن والاستقرار، خرج الحوثي بمعول الهدم، يهذي بانتهاء هدنة وهمية.
ومن الرياض في 2022 إلى مدينة جنيف السويسرية في 2018، التفت حبال الحوثي حول عنق السلام، حين تغيبوا عن جولة مشاورات دعت لها الأمم المتحدة.
تغيبٌ بررته مليشيات الحوثي، وقتها، بشروط مريبة وضعها الانقلابيون لقبول الذهاب إلى جنيف والمشاركة في المشاورات التي كانت تواكبها “العين الإخبارية” في المدينة السويسرية.
شروط مريبة تمثلت في طلب المليشيات الانقلابية تأمين طائرة خاصة تقل وفدها وعددا من الجرحى إلى مسقط بسلطنة عمان، ونقل جرحاها من عمان إلى صنعاء، ومنح الوفد ضمانات بالعودة إلى صنعاء.
ضمانات يبدو بالكاشف أن المليشيات لا تريد الحصول عليها في حد ذاتها، نظرا لأبعادها الملغومة، وما تستبطنه من نوايا غير سليمة، وإنما هي مجرد عصي تضعها في عجلة مسار لا تريده أن ينتهي إلى تحقيق السلام.
إفشال 70 اتفاقا
وكعادتها تتنصل مليشيات الحوثي من كل التزامات سلام وقعتها من أيام الحروب الستة في 2004 وحتى 2009 وحتى إتفاق السلم والشراكة في صنعاء 2014 وصولا الى إتفاق ستوكهولم 2018.
ولم تنفذ مليشيات الحوثي نحو 70 اتفاقا وقعتها طيلة مسيرة حروب التمرد والانقلاب التي تمتد لنحو 18 عاما.
وعمد الحوثيون بعد كل اتفاق إلى اختلاق مبررات واهية والقفز إلى مربعات جديدة بعد أن تكون قد استثمرت الهدن أو توقفت المعارك لصالح ترتيب صفوفها ونقل تعزيزاتها العسكرية إلى الجبهات.
وهذا ما حدث لدى هروبها من مشاورات الرياض إلى هدنة وهمية قبل أن تستبق إعلان التحالف العربي بوقف العمليات إلى الدفع بتعزيزات قتالية مكثفة إلى جبهات مأرب وحجة والضالع.
وبعد ساعات من سريان وقف العمليات العسكرية الذي أعلنه التحالف العربي، خرجت المليشيات الحوثية ببيان يكشف زيف ادعائها بالجنوح الى السلام تضمن ذات الاشتراطات التي تسوقها في كل جولة مفاوضات أو استحقاق سلام.
وبدأ الموقف الحوثي بنشر قيادات الصف الأول في المليشيات تغريدات تطالب التحالف بفتح المنافذ وإلغاء أي رقابة على تدفق حركة الملاحة والواردات إلى المدن والموانئ الواقعة تحت سيطرة الانقلاب .
وتحاول المليشيات الحوثية بهذا التصعيد والتراجع عن حديثها حول السلام التأثير على مشاورات الرياض التي اكتسبت زخما كبيرا نظرا لمشاركة قيادات كبيرة ذات تأثير فاعل في المشهد اليمني سياسيا وعسكريا.
هدنة رمضان على المحك
وينسف البيان الصادر عن ما يسمى “المجلس السياسي الأعلى” للمليشيات مزاعم موافقة الانقلابيين على هدنة رمضان التي تقدم بها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مؤخرا ويضع مصيرها على المحك.
وكان ناطق الحوثيين محمد عبدالسلام أبدى استعداد مليشياته قبول هدنة طوال شهر رمضان، لكن البيان الذي نشره على حسابه في تويتر للمجلس السياسي يذهب إلى إعلان صريح بإنتهاء وقف إطلاق النار من قبل المليشيات الحوثية والعودة إلى التصعيد العسكري ميدانيا.
وسابقا كانت مليشيات الحوثي تشترط وضع الملف السياسي وشكل السلطة وإعادة تشكيل مؤسسة الرئاسة قبل أي نقاش حول الملفين العسكري والأمني وإبقاء سيطرتها على سلاح الدولة ومؤسساتها في محافظات الشمال والغرب وهو ما يعني شرعنة انقلابها والاعتراف كسلطة أمر واقع.
أما في الموقف الأخير فطرحت المليشيات ما تضمنه حديث زعيمها ورئيس مجلس الحكم المدعو مهدي المشاط باعتبارها مبادرة سلام للهروب من استحقاقات السلام والتنصل من موافقتها بشأن هدنة رمضان.
وتضمن بيان مليشيات الحوثي 3 شروط سبق وطرحتها إيران على لسان قائد فيلق القدس قاسم سليماني قبل 6 أعوام وهي وقف العمليات العسكرية للتحالف ورفع الرقابة على حركة الملاحة إلى موانئ الحديدة وفتح مطار صنعاء وإيقاف دعم التحالف للحكومة المعترف بها دوليا.
وتسعى مليشيات الحوثي من التمسك بشروطها الحصول على اعتراف بالانقلاب وإضفاء عليه الشرعية في مناطق شمال اليمن غير المحررة بل وتقديمها كممثل .
زر الذهاب إلى الأعلى