الكاتب: د. هبة أبو عيادة
يعد الصمت المجتمعي ظاهرة معقدة تعكس حالة الفرد والمجتمع بشكل عام، إنه ليس مجرد غياب للكلمات؛ بل لغة ذات معانٍ عميقة وقوة تأثيرية كبيرة. إذ يعبر الصمت عن مجموعة واسعة من المشاعر والأفكار، ويشكل جزءاً لا يتجزأ من التواصل البشري. وتعتبر اللغة الصامتة وسيلة فعّالة للتعبير عن العديد من الأوجه المختلفة في المجتمع. قد يكون الصمت تعبيرًا عن الرفض أو الاحتجاج، حيث يتخذ الفرد قرارًا بعدم الرد أو التحدث كوسيلة للتعبير عن رفضه لفكرة معينة أو موقف. كما يمكن أن يكون الصمت وسيلة للتعبير عن الحزن أو الألم، حيث يجد الشخص في الكلمات صعوبة في التعبير عن مشاعره. أو يكون الصمت والاكتفاء بالمشاهدة هو الخذلان الأكبر.
إن الصمت المجتمعي: ظاهرة سلبية ذات آثار مدمرة على الصعيدين الفردي والاجتماعي يمكن أن يؤدي الصمت المستمر أو الانعزال إلى فهم سلبي أحيانًا. وقد يكون فقدان الاتصال اللفظي عائقًا في فهم المشاعر والأفكار بين الأفراد، وقد يؤدي إلى فقدان فهم أعمق للمجتمع وتباعد العلاقات الاجتماعية خصوصًا عند المحن والابتلاء، إذ أن الطبيعة البشرية الإنسانية تألف بالأنس والقرب والتضامن والإحساس بحجم المصاب والوجع والمساندة وليس الاكتفاء بالمشاهدة والصمت دون تحريك ساكن. إذن الصمت المجتمعي: ظاهرة اجتماعية تتمثل في عدم التعبير عن الرأي أو الموقف تجاه قضية أو مشكلة معينة، سواء كان ذلك بسبب الخوف أو التردد أو عدم الرغبة في المشاركة. ويُعد الصمت المجتمعي ظاهرة سلبية ذات آثار مدمرة على المجتمع، إذ أنه يساهم في انتشار الفساد والظلم ويمنع تحقيق العدالة الاجتماعية.
وهناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الصمت المجتمعي، منها: عدم الثقة في قدرة الفرد على إحداث التغيير: يشعر الكثير من الناس أن أصواتهم لن تكون مسموعة، وأن التعبير عن آرائهم لن يؤدي إلى أي تغيير إيجابي في المجتمع. الاعتقاد بأن الأمر لا يعنيهم: قد يعتقد البعض أن قضايا المجتمع لا تخصهم، وأن التعبير عن آرائهم فيها لن يكون له أي تأثير. والخوف: يخشى الكثير من الناس التعبير عن آرائهم أو مواقفهم، خشية تعرضهم للمضايقة.
وللصمت المجتمعي آثار سلبية عديدة على المجتمع، منها: انتشار الفساد والظلم: يساهم الصمت المجتمعي في انتشار الفساد والظلم، إذ أنه يمنح المفسدين والمظالمين فرصة للاستمرار في أفعالهم دون عقاب. ومنع تحقيق العدالة الاجتماعية: يمنع الصمت المجتمعي تحقيق العدالة الاجتماعية، إذ أنه يحول دون التصدي للظلم والاضطهاد الذي يتعرض له الأفراد والجماعات. وتراجع الحريات العامة: يساهم الصمت المجتمعي في تراجع الحريات العامة، إذ أنه يخلق جواً من الرقابة والقمع، يمنع فيه الأفراد من التعبير عن آرائهم بحرية. ويمكن مواجهة الصمت المجتمعي من خلال عدد من الطرق، منها: توعية المجتمع بأهمية التعبير عن الرأي: يجب توعية المجتمع بأهمية التعبير عن الرأي، وضرورة المشاركة في الحياة العامة. تعزيز الثقة في قدرة الفرد على إحداث التغيير: يجب تعزيز الثقة في قدرة الفرد على إحداث التغيير، وتشجيع الناس على التعبير عن آرائهم ومواقفهم. تشجيع الأفراد على المشاركة في الحياة العامة: يجب تشجيع الأفراد على المشاركة في الحياة العامة، ومنحهم الفرصة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم.
ختامًا إن الصمت المجتمعي ظاهرة سلبية ذات آثار مدمرة على المجتمع، و يظهر الصمت المجتمعي كلغة فريدة ومعقدة تنقل الكثير دون الحاجة إلى كلمة واحدة. إن فهم هذه اللغة واستيعاب مختلف أوجهها يساهم في تعزيز التواصل البشري وبناء جسور فهم أقوى بين الأفراد في المجتمع. و يجب مواجهتها من خلال توعية المجتمع بأهمية التعبير عن الرأي، وتعزيز الثقة في قدرة الفرد على إحداث التغيير، وتشجيع الأفراد على المشاركة في الحياة العامة.
زر الذهاب إلى الأعلى