على بُعد أيام فقط من بدء تفعيل التصنيف الأمريكي للحوثي كجماعة إرهابية عالمية، تتحرك عُمان بكل ثقلها السياسي الدبلوماسي، لإنقاذ الحوثي من تبعات هذا التصنيف على صعيدي السياسة بالعزل والعقوبات بتجفيف الموارد.
عُمان تكاد تتحول إلى حاضنة لهذه الجماعة، أولاً بخلق منصات عمل لها في مسقط ، وتحويل أراضيها إلى ملتقيات لإضفاء الطابع الشرعي للحوثي، من خلال تسويقه للمجتمع الدولي جماعة سلام وطرف تسوية، وثانياً بتنسيق المواقف بينه وبين جماعات منضوية تحت سقف الشرعية، وتشبيك العلاقات بينهما عبر لجنة إستخبارات الديوان السلطاني ، وثالثاً بتقوية الحوثي عسكرياً بفتح موانئ التهريب الرسمي، عبر بحارها وأراضيها المتصلة بجنوب اليمن، وبتسهيلات شبكات محسوبة على مسقط، إضافة إلى المنطقة العسكرية الأولى في الجيش الوطني الممسك بالمنافذ . وساطة عُمان الأخيرة تقوم على مرتكزين: وقف هجمات الحوثي قبل إنقضاء المدة المحددة، لبدء تحريك التصنيف من على الورق إلى إجراءات عقابية ملموسة، المرتكز الثاني استخدام الدبلوماسية النشطة لإخراج الحوثي من خانة الإرهاب. الحوثي خفض كثيراً من التصعيد في البحر الأحمر ، كخطوة موازية للتحركات العمانية، ولتقديم رسالة مرنة للإمريكان أنه على إستعداد لوقف شامل لاستهدافاته للسفن التجارية، ومع ذلك يجد نفسه في حرج سياسي إخلاقي ، خاصة وأن راهن التطورات في غزة تمضي ليس نحو حلحلة الأزمة، بل نحو المزيد من التعقيد والدموية؛ بالإعداد لإرتكاب مذبحة مكتملة في رفح المكتضة بالنازحين، ما يجعل الحوثي في وضع إما تدمير مكاسبه الإعلامية السياسية، من خلال خضوعه لحسابات مصالحه، بتطبيع الوضع في البحر الأحمر في ذروة قتل الفلسطينيين، أو المضي بالتصعيد ودفع المزيد من الفواتير جراء عقوبات تصنيفه كجماعة إرهابية، ورفع وتيرة التدمير الأمريكي البريطاني لترسانته العسكرية . رفح ذروة الدموية الاسرائيلية ، وتزامنها مع إنقضاء فترة السماح الامريكي للحوثي ، تجعل الحوثي ومابقي من قدراته العسكرية بين مطرقة القصف المستمر وسندان الإفلاس الحقيقي لمصداقية خطابه، الموجه لقواعده الداخلية، كطرف مقاوم يواجه أمريكا ومن أجل فلسطين لا يستسلم.
ومع كل هذا الارتباك الحوثي، ورغم الوساطة العمانية ومحاولة الفرصة الأخيرة لإنقاذ الحوثي، يبقى لإيران رأي آخر وكلمة أُخرى.