يصادف يوم غد الأربعاء (11 سبتمبر) الذكرى الستون لتأسيس تلفزيون عدن دون أي اهتمام يذكر من وزارة الإعلام أو الجهات المعنية، بهذه المناسبة، أو لإعادة الاعتبار لهذا الصرح المهم في تاريخ الإعلام الجنوبي والعربي عموما.
عام 1964م، تأسس تلفزيون عدن، بعد عشر سنوات فقط من تأسيس محطة عدن للإذاعة، (سميت لاحقا ٱذاعة عدن)، كما يأتي تأسيس تلفزيون عدن بعد 24 عاما على ظهور أول إذاعة ميدانية مباشرة للجمهور بمدينة عدن، عاصمة اتحاد إمارات الجنوب العربي.
ومما يجدر ذكره فقد كانت إذاعة عدن تصدح بصوت الجراش، وغابة،..الخ، وتميزت في بدايات ظهورها الميداني بمرحلتها الأولى 1940م بتجربة فريدة على مستوى العالم، حيث يقوم المذيع بقراءة الخبر مباشرة عبر الميكروفونات المنتشرة بالمكان ((من مبنى شرطة كريتر القديم بركن شارع الزعفران بكريتر، أو من مبنى شرطة الشيخ عثمان…إلخ)) وبعد أن ينتهي (المذيع/الفنان) يترك الأوراق – التي يقرأ منها الأخبار التي كانت تأتيه كل بضع ساعات من مكتب العلاقات العامة والنشر بالتواهي – يترك الأوراق ويحمل آلة العود ويقدم وصلات غنائية للجمهور المتابع بشغف كبير ممن كانوا يجلسون بساحة سوق البلدية بكريتر (ساحة سوق الفل حاليا) أو بالساحة المقابلة لشرطة الشيخ عثمان وبجوار مبنى محكمة التوثيق حاليا بالشيخ عثمان.
وعودة على بدء فقد دشن تلفزيون عدن في 11 سبتمبر عام 1964م بث المرئي (أبيض واسود)، من مقره القديم بجبل مديرية التواهي بعدن، واستقدمت أجهزة التلفزيون من محطة تابعة لبريطانية بجزيرة قبرص.
كان مدى الإرسال لتلفزيون عدن عند التأسيس يغطي الاحياء المأهولة بالسكان في مدينه عدن، وذلك باستخدام جهازي ارسال قوة كل منهما 100 وات، الأول في جبل مديرية التواهي، والثاني في جبل حديد المطل على مديرية كريتر، اضافه الى جهازين تقويه فئه 10 وات، في منطقه صلاح الدين بالبريقة وكريتر.
وفي شهر يناير من العام 1979م، انتقل مبنى التلفزيون الى المبنى الحالي بمديرية التواهي (مبنى البينو – مبنى كان يتبع شركة خدمات بحرية تابعه لرجل الأعمال انتوني بس)، وتم تجهيز مبنى الاذاعة والتلفزيون (مبنى البينو) للبث بنظام (أبيض واسود) وضم 3 استديوهات أكبرها مساحه 150 متر مربع ومجهز بالاجهزة الفنية.
وبعد ذلك وتحديدا في الثامن من مارس عام 1981م، تم الانتقال التدريجي إلى البث الملون، وتم اعادة نظم العمل لبث البرامج الملونة، وإعادة تجهيز الاستديوهات بالأجهزة والشاشات الملونة، واستخدام أجهزة فيديو حديثة (حينذاك) بمختلف أنواعها وأحجامها، وكذا استخدام أجهزة المونتاج والتسجيلات داخل الاستديوهات، وتمكن تلفزيون عدن -وقتذاك- من بث جميع برامجه المحلية أو المعلبة بالألوان وبثها للمشاهدين.
وتبع جهود التطوير للبث الملون، الانتقال للتعامل مع الاقمار الصناعية عبر المحطة الأرضية للاتصالات، وذلك في شهر يونيو عام 1981م، التى اتاحت الامكانية اليومية لإستلام الاخبار والمواد الاخبارية والبرامجية الخارجية ذات الطابع السريع واليومي، واستطاع تلفزيون عدن نقل الاحداث والفعاليات العالمية أولا بأول وبشكل يومي، ما مكن من ربط المشاهدين بالاحداث العالمية بصورة سريعة ويومية.
كما شهد تلفزيون عدن تطور تالي بعد تلك المرحلة تمثلت بإدخال واستخدام عربات النقل التلفزيوني الخارجي، مما وسع من العمل الميداني والتغطيات خارج الاستديوهات للتلفزيون، وشهد العام 1981م تدشين النقل الحي والمباشر للمباريات الرياضية وبقية الفعاليات داخل دولة الجنوب انذاك (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، وصدح صوت المعلق الرياضي الشهير محمد سعيد سالم وهو يعلق مباشرة من خارج استديوهات تلفزيون عدن، ومن الملعب مباشرة على المباريات الرياضية من ميدان البلدية الرياضي بكريتر (ملعب الحبيشي)، في حدث تاريخي مميز لكل من شهده من سكان عدن الذين شاهدوا المباريات الرياضية بنقل تلفزيوني مباشر على الهواء وهم يجلسون في منازلهم يحتسون الشاي.
وبعد الوحلة المشؤومة عام 1990م، وفي مسعى خائب لطمس تاريخ وهوية تلفزيون عدن، تم تحويل اسم تلفزيون عدن إلى مسمى القناة الثانية، ثم بعد حرب احتلال الجنوب في عام 1994م، واستمرارا لمساعي طمس التاريخ والهوية لتلفزيون عدن، تم تغيير اسم تلفزيون عدن مرة اخرى إلى مسمى قناة تلفزيون يمانية، ثم قناة تلفزيون 22 مايو، ثم وبفعل الضغط الشعبي والنخب الجنوبية المناضلة، تم إعادة التسمية لسابق عهدها.
ولأول مرة بتاريخ تلفزيون عدن يتوقف عن البث في عام 2015م، إثر اجتياح جحافل الغزو الحوثعفاشي للعاصمة الجنوبية عدن.
وحتى اليوم (2024م) ونحن نحتفل بالذكرى الستون لهذا الصرح الإعلامي الكبير (1964م – 2024م)، مازال تلفزيون عدن صامتا عن الكلام وشاشته لاترى، ومنتسبيه من المذيعين والمخرجين والصحفيين والإعلاميين والفنيين والعاملين..، بعيدين عنه جبرا، في حالة إقصاء ممنهج ضد تلفزيون عدن والعاملين فيه تمارسها وزارة الإعلام، التي اوجدت كيانا هلاميا يبث من خارج الحدود، اطلقت عليه افتراضيا اسم تلفزيون عدن، بينما الكيان الحقيقي والشرعي الأصيل مقيدا لايستطيع البث من موقعه ومنطلقه العاصمة عدن.
املنا أن تثمر كل الجهود الخيرة التي بذلت ومازالت تبذل حاليا، لإعادة الروح لتلفزيون عدن، وإعادة الاعتبار له، وعودة العاملين فيه إلى مكانهم الطبيعي داخل استوديوهاته وخلف كاميراته.
اتمنى أن نحتفل بالذكرى الواحدة والستين لتأسيس تلفزيون عدن داخل مبنى التلفزيون بالتواهي وليس من خارجه كما نفعل اليوم.