يُعدُّ التصالح والتسامح الجنوبي الذي انطلق من جمعية ردفان الخيرية في عدن إحدى أبرز المحطات التاريخية في مسيرة شعب الجنوب نحو استعادة حقوقه وهويته الوطنية. جاءت هذه المبادرة كتعبير صادق عن الإرادة الشعبية لتجاوز خلافات الماضي وبناء مستقبل مشترك يجمع أبناء الجنوب على أسس أهمية وحدة أبناء الجنوب والتكاتف، مما شكّل الأساس المتين لانطلاق الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية، ووصولًا إلى تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي.
دور جمعية ردفان الخيرية في مسيرة التصالح والتسامح الجنوبي
لعبت جمعية ردفان الخيرية دورًا محوريًا في تعزيز قيم التصالح والتسامح الجنوبي، حيث كانت منارة للعمل الوطني والاجتماعي الهادف إلى لمّ شمل أبناء الجنوب بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم. وكانت الجمعية المكان الذي احتضن أول لقاء للتصالح والتسامح الجنوبي، في خطوة تاريخية أسست لمرحلة جديدة من السعي نحو نبذ الخلافات وتجاوز الصراعات التي أنهكت النسيج الاجتماعي الجنوبي لعقود.
ومع ذلك، لم تسلم الجمعية من التداعيات السياسية والضغوط التي رافقت دورها الريادي، إذ تعرض مقرها في عدن للإغلاق على خلفية احتضانها لهذا اللقاء التاريخي. هذا الإجراء عكس مدى تعقيد المشهد السياسي في الجنوب آنذاك، حيث لم يكن الطريق نحو التصالح والتسامح سهلاً، بل كان محفوفًا بالتحديات والعراقيل.
ورغم الإغلاق، ظل دور الجمعية رمزًا للسلام والتضامن، وساهمت جهودها في إرساء أسس التسامح وتعزيز روح الوحدة الوطنية بين أبناء الجنوب، لتصبح شاهدة على إرادة الشعب الجنوبي في بناء مستقبل يقوم على التصالح والتعايش.
الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية: ثمرة التصالح والتسامح
بعد انطلاق مبادرة التصالح والتسامح، توحّدت الصفوف الجنوبية وبدأت مرحلة جديدة من النضال السلمي والشعبي، تمثّلت في الحراك الجنوبي. هذا الحراك جمع مختلف شرائح المجتمع الجنوبي تحت مظلة واحدة، وساهم في بناء وعي سياسي وشعبي واسع بأهمية القضية الجنوبية.
لاحقًا، ومع تزايد التحديات الأمنية والسياسية، ظهرت المقاومة الجنوبية كقوة فاعلة على الأرض. وقدمت تضحيات عظيمة دفاعًا عن الأرض والعرض، وساهمت في صدّ محاولات النيل من الجنوب وشعبه. كان لهذه المقاومة الدور الأساسي في تحقيق الأمن والاستقرار في المناطق الجنوبية، مما أرسى دعائم بناء كيان سياسي قوي.
الرئيس القائد عيدروس الزبيدي: رمز القيادة والشرعية
برز الرئيس القائد عيدروس الزبيدي كشخصية قيادية استثنائية، حيث حمل على عاتقه تطلعات شعب الجنوب وآماله. وقد جاء التفويض الشعبي له في مايو 2017 تعبيرًا عن ثقة الشعب في قدرته على تمثيل القضية الجنوبية وقيادة مسيرة التحرير والاستقلال.
تحت قيادته، تم تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أصبح الممثل الشرعي للقضية الجنوبية. قاد المجلس جهودًا دبلوماسية وسياسية أثمرت عن اعتراف إقليمي ودولي بالقضية الجنوبية كجزء لا يتجزأ من الحلول المستقبلية للسلام والاستقرار في المنطقة.
المجلس الانتقالي الجنوبي: ثمرة نضال شعب الجنوب
يمثل المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم تجسيدًا حقيقيًا لنضال شعب الجنوب الذي بدأ بروح التصالح والتسامح. يعمل المجلس على تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي في استعادة دولته وهويته، مستندًا إلى تضحيات الحراك والمقاومة الجنوبية.
كما أن المجلس، بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي، وضع القضية الجنوبية في صدارة المشهد السياسي، مع التأكيد على التمسك بخيار الاستقلال كهدف استراتيجي لا تنازل عنه.
الخاتمة
إن مبادرة التصالح والتسامح الجنوبي التي انطلقت من جمعية ردفان الخيرية مثّلت نقطة تحول تاريخية في مسيرة شعب الجنوب. كانت هذه المبادرة الأساس الذي بُنيت عليه مراحل النضال المختلفة، من الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية وصولًا إلى تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي. بفضل هذه الجهود، أثبت شعب الجنوب قدرته على تجاوز التحديات وتحقيق تطلعاته في بناء مستقبل مشرق يستند إلى إرث نضالي عظيم وروح تصالحية راسخة.
وضاح نصر عبيد الحالمي
رئيس الهيئة التنفيذية لانتقالي لحج وكيل المحافظة
زر الذهاب إلى الأعلى