مقالات وتحليلات

ملل قلم

ملل قلم

كتب: نادرة حنبلة

أجبرت قلمي على الكتابة، لكن حروفي رفضت أن تلوّن صفحاتي. احترت، لأن خواطري ملت من تكرار صوت الشجن والخوف والجوع، ومن خيانة المقربين واستغلال ضعف الفقراء. أصبح استغلال المشاعر وسيلة للحصول على جولة جديدة من سياسة الغباء التي تنتهجها حكوماتنا المتعاقبة. تلك الحكومات التي تسعى لإفقار شعب فقير أساسًا، ولملء جيوبها على حسابه.

كيف يمكن للغباء السياسي أن يجتمع في حكوماتنا المتعاقبة التي فرضت علينا غيابًا شبه كامل للخدمات الأساسية، سواء الغذائية أو الصحية؟! كيف يمكن أن تستمر ابتلاءاتنا بغياب المصلحة العامة، لتبقى مصلحة طبقة صغيرة من الأفراد الذين يتقاضون آلاف الدولارات كرواتب شهرية منتظمة، بينما يغيب الريال اليمني كراتب شهري للمواطن؟!

كيف تتحدث وزارة الصحة عن مشاريع واهتمامات، بينما تعج مشافينا بالمرضى وتغيب العقاقير اللازمة للعلاج؟! رغم التصريحات باستلام الأدوية، أين تذهب؟! المريض في المشفى يُجبر على إجراء التحاليل في مختبرات خاصة، لأن مختبرات المستشفى لا تعمل بكفاءة. كيف يمكن لمشفى حكومي أن تحيط به الصيدليات، وهو يفترض أن يكون متكاملاً؟!

تهالكت أبنية مشافينا بسبب قلة الاهتمام وعدم تطويرها، أو ربما بسبب أيادٍ تعمل على تغييب معداتها لمصلحة المستوصفات الخاصة التي انتشرت هنا وهناك، ومع ذلك تعاني المدينة من أمراض خطيرة مثل الملاريا، وحمى الضنك، والحصبة، والإسهالات، والسرطان. حتى أدوية السرطان تُباع في الصيدليات، متسربة من المستشفيات.

راتب المواطن بالريال اليمني لا يتعدى قيمة مائة ريال سعودي عند شراء مقتنياته، حيث يُجبر على الدفع بقيمة الريال السعودي لكل شيء. أما إيجار منزله، فيبلغ مائة وخمسين ريالًا سعوديًا.

إن الحكومة لم تهتم بمطالب المعلمين المضربين، وتركت الأمر دون أي محاولات لتجاوز الأزمة، لم تعمل على تصحيح ما يمكن تصحيحه، فتوقفت الدراسة وانتهى العام الدراسي. ومع ذلك، تطل علينا الحكومة الموقرة بضرورة عقد امتحانات النقل، وتصر عليها، رغم أن الطالب لم يدرس شيئًا، لمصلحة من تُنفذ هذه الامتحانات؟ هل هي لمدارس خارج الدولة تعتمد شهاداتها من عندنا؟ أم أنها لجيوب تستثمر الامتحانات للحصول على أرصدة مالية تخص مشرفي الامتحانات؟

إن بلادنا تتأرجح بين الاحتلال وشرعية فساد تتسلم المنح المتعاقبة دون حلول لأبسط المشاكل. التذرع بالبند السابع وكأننا جهلة لا نعرف أن أي دولة تحت البند السابع يتم الاهتمام بها وتنميتها حتى انتهاء الأزمة. لكننا نرى أن البند السابع عندنا يعمل عكسيًا؛ مواردنا تُسحب من أراضينا، ولا تنمية ولا كهرباء، ولا ضبط للأسعار. كأن البند السابع صدر ليبقي بلدنا كما هو، دون إعادة إعمار، أو رفع المستوى المعيشي والصحي، أو تثبيت العملة، أو تحسين التعليم.

بلادنا التي كانت معروفة بكرمها وصمودها، وكانت الأولى في مكانتها العلمية وتطورها ورقي شعبها، أصبحت اليوم تعاني من حكومة محسوبة علينا، لكنها لم تفِ بأقل القليل من واجبها.

لهذا، ملّ قلمي من الكتابة، وأغرقني التفكير من كثرة أزماتنا وتكالب المؤامرات من حولنا، وآخرها حضرموت الجنوبية الأصل والهوية

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى