صوت الضالع / حاروه الصحفي/ د. أمين العلياني
المقدمة:
في مستهل هذه المقابلة الصحفية، التي تأتي ضمن برنامج النزولات الميدانية الذي تغطي الساحات جماهيرنا الجنوبية وما تشهده من مستجدات كبيرة، وفعاليات وأنشطة سياسية سلمية متنوعة تقوم بها جماهير شعبنا الجنوبي العربي في هيئة اعتصامات مفتوحة؛ لِتُعَبِّرَ عن فرحة تلك الجماهير المحتشدة بتلك الانتصارات العسكرية التي حققتها قوات الجنوب العربي المسلحة في وادي حضرموت والمهرة، ولِتُبَارِكَ تلك الخطوات الإجرائية لقيادة جنوبنا الرشيدة ورئاسة مجلسنا الحكيمة بقيادة الرئيس الزعيم القائد الاستثنائي عيدروس بن قاسم الزبيدي، وقواته المسلحة العظيمة التي هدفت إلى إصلاح الخلل المؤسسي القائم في تلك المحافظات، وفضح الأدوات الداعمة له، والقضاء على براثن الإرهاب والتطرف واستئصاله، وقطع إمدادات التهريب والاتجار بالأسلحة المختلفة التي كانت تمثل شريانًا ماليًّا قويًّا للمليشيات الحوثية المدعومة من إيران.
ومن ضمن التغطيات الإعلامية الواسعة لإعلامنا الجنوبي، الذي ينطلق من مؤسسة مهنية يقودها الشاب المناضل الصلب الأستاذ عبد العزيز الشيخ، رئيس هيئة الإعلام والثقافة بالأمانة العامة للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي شهدت في عهده – وبالاستفادة من خبرة من سبقه – الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي تطورًا ملحوظًا في قطاعاتها كافة، ولا سيما قطاعا قناة عدن المستقلة والإذاعة من جهة، وقطاع الصحافة والإعلام الحديث من جهة أخرى. ففي قطاع التلفزيون والإذاعة، بقيادة عبد العزيز الشيخ نفسه وإلى جانبه الأخ محمد العمودي، وكذلك في مجال الصحافة والإعلام الحديث تحت قيادة الدكتور المستشار والسياسي المخضرم صدام عبد الله صاحب الرؤية العميقة والمتابعة المستمرة والجهود المبذولة والمحفزة، غير أن الأمر بمجله في رئاسة الهيئة والقطاعات في عهد الاستاذ العزيز والمخضرم شهد قطاعات الإعلام الجنوبي والثقافة تطورًا كبيرًا وتقدمًا ملحوظًا لا ينكرها الا جاحد حاقد.
وفي سياق المتغيرات السياسية والاعتصامات الشعبية لجماهير شعبنا الجنوبي بمختلف توجهاته وإيديولوجياته، التي ما زالت مُصِرَّةً على التعبير عن تأييدها للتفويض المطلق للرئيس الزعيم القائد عيدروس الزبيدي، ليكون ممثلًا شرعيًّا لتطلعاتها، وعن مشروعية نضالها حتى استعادة دولتهم الجنوبية العربية المستقلة بحدود ما قبل عام 1990م؛ هذا من جهة. ومن جهة أخرى، تبارك كل الخطوات الإجرائية لقواتنا الجنوبية الباسلة التي تقدمت إلى حضرموت تلبية لتلك الدعوات التي نادت بها جماهير شعبنا الجنوبي بمختلف توجهاته في سيئون حضرموت والمهرة، وفَوَّضَت القوات الجنوبية المسلحة في إصلاح الوضع المختل مؤسسيًّا في تلك المحافظات.
ووفقًا لتلك التغطيات الإعلامية الواسعة لاعتصامات شعبنا المفتوحة، كان لنا الشرف – اليوم الموافق 14 ديسمبر 2025م – في مقابلة القامة القيادية والسياسية الجنوبية، الأستاذ المناضل الصلب والصنديد القيادي محمد أحمد حيدرة الشقي، مساعد الأمين العام للمجلس الانتقالي الجنوبي لشؤون المحافظات ومنسقيات جامعات الجنوب، على وفق برامج سوف نسير فيه في تغطية مستجدات الساعة الجنوبية بمهنية ولقاءات إعلامية مميزة عن تلك الاعتصامات التي تشهدها ساحات محافظات الجنوب العربي.
(1) المحطة النضالية للمناضل الصلب محمد أحمد الشقي في ثورة الجنوبي العربي
في البداية، نضع القارئ الكريم في مجتمعنا الجنوبي العربي وخارجه في صورة لمحة تاريخية عن شخصية المناضل القيادي محمد أحمد حيدرة الشقي ومسيرته القيادية.
· القيادي المناضل محمد أحمد حيدرة الشقي من مواليد عام 1967م في محافظة أبين، وهو متزوج وله ثلاثة من الأولاد وأربع من البنات.
· القيادي محمد الشقي من أوائل المناضلين الذين عاشوا دولة الجنوب العظيمة السابقة، وهو من الشخصيات المخضرمة التي تعرضت للتنكيل والإقصاء والتهميش من قبل سلطة النظام اليمني الشمالي الغاشم؛ نظرًا لمواقفه المناهضة ضد الاحتلال اليمني اللعين.
· كان القيادي محمد الشقي من الشخصيات المخضرمة والسياسية الفاعلة التي طالتها أيادي البطش والترهيب، مثله مثل زملائه في رفاق النضال والكفاح في تلك الفترة؛ نظرًا لمواقفه السياسية والوطنية الصلبة تجاه قضية شعبه العادلة في الجنوبي العربي.
· ويُعَدُّ القيادي محمد الشقي من ضمن الشخصيات الفاعلة التي عملت على تأسيس دعامات المشروع الجنوبي السلمي من جهة، وأحد عناصر الكفاح المسلح الجنوبي المنضوين في حركة “حتم” الكفاحية.
· كان القيادي محمد الشقي أحد الأعضاء البارزين والفاعلين في مسيرة النضال الجنوبي بصورة عامة ومجلس الحراك الثوري الجنوبي في محافظة أبين ومديرياتها بصورة خاصة، حتى صار نائبًا لمجلس الحراك الثوري الجنوبي بمحافظة أبين آنذاك. وبعدها، تم ترقيته إلى منصب مستشار الأمين العام لمجلس الحراك الثوري الجنوبي؛ نظرًا لرصيده النضالي المشرق المؤمن بهدف الاستقلال الناجز.
ونظرًا لتدرجه في سلم العمل التنظيمي والقيادي، بفعل التأييد الجماهيري وأنصار مجلس الحراك الثوري الجنوبي، تم فيما بعد ترقيته إلى عضو رئاسة مجلس الحراك الثوري، نظير دوره النضالي وإخلاصه لمبادئه الوطنية، وشخصيته القيادية ونضاله الطويل.
(2) المحطة الكفاحية للمناضل محمد الشقي من قيام الحرب الحوثية والقوى المتخاذلة معه ضد الجنوب.
أستاذ محمد الشقي، كونك قياديًّا في مسيرة الحراك الجنوبي في قيادة مجلس الحراك الثوري الجنوبي، ولك كل ما سبق وأجبت عليه من تاريخ مشرق، فهل بالإمكان أن تُجيبَ على أسئلتنا في هذا المحور ليتعرف القارئ على دور المناضل محمد الشقي في هذه الحرب الغازية على جنوبنا الحبيب؟
· س: أين كان محمد الشقي في الحرب الأخيرة التي غزت الجنوب مرة أخرى، وما الدور الذي قمت به للدفاع عن تراب الجنوب العربي؟
· ج: بالإمانة، نحن كنا ضمن طلائع المقاومة، وكنت من القيادات التي تقدمت الصفوف الأولى؛ لأن هذا ما يمليه علينا ضميرنا وقداسة ديننا ونضالنا الذي تشربناه منذ الصغر، وسنظل أوفياء لتراب هذا الجنوب العربي، أوفياء حتى نفديه بالأرواح قبل الأجساد والماديات. ودعني أخبرك: في هذه الحرب التي شنتها المليشيات الحوثية ومَن تخدم معها، كنت في الصفوف الأولى، سواء في منطقة بئر فضل أم باتجاه جعولة، وكانت أيامًا لا تُنسى من ذاكرتنا. وبعد تطهير محافظة عدن، قمت بالتحرك إلى محافظة أبين وشاركت في تحريرها حتى وصلنا مديرية لودر. ولنا مقابلات تلفزيونية وثقت هذا مشاركاتنا التي كانت فيه بنادقنا وأرواحنا وأكفاننا محمولة على أكتافنا. ونحن من الشخصيات التي نحب أن نفخر بنضالنا ومشاركاتنا النضالية والكفاحية، بل الميدان هو من يشهد والتراب الجنوبي هو من ينطق.
(3) محطة تأسيس المشروع السياسي لشعب الجنوب وضرورة إشهاره كمصلحة وطنية في لحظة زمنية فاصلة؛ ليمثل الجنوب سياسيًّا وعسكريًّا وأمنيًّا وكيانًا عريضًا يعبر عن إرادة شعبه، وكيف انبثق عنه كيان المجلس الانتقالي الجنوبي السياسي.
س: كيف كانت القابلية الإيجابية لبداية تأسيس المشروع السياسي لشعب الجنوب، بعد أن حاولت القوى اليمنية الإخوانية المسيطرة على رئاسة الجمهورية والحكومة عزل المحافظين المعينين بقرارات جمهورية؟ وكيف تعاملت المكونات السياسية الجنوبية في ثورة الحراك الجنوبي السلمي ومنها مجلس الحراك الثوري الجنوبي مع هذا الإقصاء، وبالذات أنتم في قيادة مجلس الحراك الثوري الجنوبي؟
· ج: كان لنا تواصل مع قيادة رئاسة مجلس الحراك الثوري الجنوبي حول عملية عزل المحافظين الذين ينتمون إلى الجنوب من مواقعهم السيادية وهرم السلطة المركزية وإقصائهم في تاريخ 27 إبريل 2017م، ولما لهذا القرار من دلالة سلبية سياسية على شعب الجنوب في هذا التوقيت الحرج. وليس هذا فحسب، بل إن توقيت هذا القرار جاء بمثابة نَكَابةٍ استفزازية من دون مبرر، غير إرضاء القوى الإخوانية التي كانت تسيطر على مصدر القرار في العاصمة السعودية الرياض. ورغم أن هؤلاء المحافظين كانوا قيادات كفاحية ونضالية، وقدموا في فترة حكمهم إصلاحات على المستويين الأمني والإداري والمالي من جهة، وكانت لهم اليد الكبرى – بدعم من التحالف العربي – في كسر المد الحوثي والتنظيمات الإرهابية الإخوانية في محافظات الجنوب من جهة أخرى، فإننا في هيئة رئاسة المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي وصفنا تلك القرارات بالمستفزة، وتم إدانتها بصورة واضحة من جهة، ووصفناها بالإقصائية؛ لأنها تسعى بكل تأكيد إلى تكريس ثقافة الهيمنة والاحتلال من جديد من جهة ثانية، وتكريس سياسة سرقة الانتصار لصالح القوى الهاربة؛ بهدف إدخال محافظات الجنوب في أتون الفوضى من جهة ثالثة. وهو مثلما حصل لنائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء خالد بحاح من تفجير قصره وتعطيل مهامه ومن ثم عزله خير دليل. ويمكن تلخيص هذا التصرف في عزل المحافظين المنتمين إلى الجنوب العربي على أنه محاولة لإعادة الجنوب العربي إلى حاضنة الهيمنة اليمنية والاحتلال من جديد، أرضًا وإنسانًا. وبهذا، أصدرت هيئة رئاسة المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي بيانًا واضحًا أعلنت فيه رفضها الكامل لقرارات عزل محافظي محافظات الجنوب وإداناتها وليس هذا فحسب بل عدت تلك القرارات التي وصفتها بالمستفزة، ودعت إلى وجوب إيقافها والتصدي لها بكل السبل والوسائل. ونظرًا لتلك الأحداث التي بموجبها تم عزل المحافظين الجنوبيين، كانت النواة الأولى لتشكيل كيان سياسي يعبر عن تطلعات الشعب في الجنوب. ونظرًا للممارسات التي دأبت عليها قوى الإخوان التي سرقت الدولة والرئاسة ضد الجنوب وقيادته، كان التوجه المنطقي الذي جعل الجماهير تحتشد في مليونية لا ولم ولن يشهد التاريخ لها مثيلًا في ساحة العروض في 4 مايو 2017، لتعلن تفويضها بتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس العظيم عيدروس بن قاسم الزبيدي من ساحة العروض، وليكن هذا التفويض يومًا خالدًا في ذاكرة الشعب والأجيال القادمة في 11مايو2025م تم تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي مفوضًا شعبيًا لشعب الجنوب..
س: كيف شارك مجلس الحراك الثوري الجنوبي، الذي أنت أحد قيادته الفاعلة، في يوم التفويض في 4 و11 مايو 2017م
· ج: نعم، شاركنا بفاعلية كبيرة في ترتيب الحشود المنطلقة من محافظة أبين وتأمينها، حتى وصلت ساحة العروض في ذلك اليوم، الذي كانت نتيجته المهمة هي تفويض الرئيس عيدروس الزبيدي رئيسًا للمجلس الانتقالي الجنوبي. وهو مجلس انتقالي يضم جميع الأحزاب السياسية والمرأة والشباب والمستقلين ورجال الدين والشخصيات الاعتبارية والأمنية والعسكرية؛ لأنه يمثل دولة الجنوب وليس حزبًا أو منطقة، كما تروج لذلك قوى الإخوان الإرهابية والقوى المتخاذلة معها.
س: بعد تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي وهيئاته، في أول إعلان له، بدأ تشكيل الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي. أين كان موقع محمد الشقي في هذا العمل التنظيمي والقيادي والسياسي؟
· ج: كنت عضوًا في تشكيلة الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وعند أول انتخابات للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي، وفي أول دورة انعقاد الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي تم انتخابي رئيسًا لكتلة محافظة أبين.
س: كيف ترى، أستاذ محمد الشقي، وأنت صاحب الإرث النضالي والكفاحي الكبير، إمكانية أن تحدثنا عن كيف تم اختيارك للهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة أبين؟
· ج: هذا السؤال تجيب عنه القيادة العليا. لكن دعني أقول: نحن عملنا بكل إمكانياتنا، وجَسَّدنا أهداف المجلس الانتقالي الجنوبي وأسسه، وحاولنا أن نُتَرْجِمَ مضامين الميثاق الوطني الجنوبي بوصفه المرجعية القانونية التي ينبغي الاحتكام لها في تجسيد محددات الحوار الوطني الجنوبي كسمة حضارية، والقبول بالتنوع شريطة الحفاظ على الثوابت الوطنية للمجلس الانتقالي، حتى استطعنا بكل إمكانياتنا أن نرسي دعائم هذا المجلس الانتقالي في محافظة أبين، خاصرة الجنوب. ولما لمسه أبناء أبين من فخامة الرئيس عيدروس الزبيدي من صدق النوايا وحبه الكبير لمحافظتهم وقيادتها وكوادرهم، كان هذا الأمر عاملًا أساسيًّا في تطبيع الأوضاع ومحاولة إقناع الأطراف التي لا تؤمن بالمشروع الجنوبي. وأبين عظيمة بعظمة ابناءها من أبناءها ومواقفهم الثابتة مع مشروعهم الجنوبي العربي. وفي هذا الصدد، أبين حاضرة في قياداتها في هيئات المجلس الانتقالي الجنوبي ورئاسته، وفي الهيئات المساعدة التابعة للأمانة العامة، وفي رئاسة المجلس الاستشاري ونيابته، وفي الجيش والأمن. ومَن يحاول اليوم أن يُحَجِّمَ دور أبين في صنع مستقبل الجنوب الجديد، فنحن نعرف أن هذا الخطاب الإعلامي يصدر من مطابخ الإخوان المسلمين وممن لا يريد لأبين الخير.
· س: في مارس عام 2024م، تم تعيين الأستاذ محمد حيدرة الشقي رئيسًا للجنة مكافحة الفساد في الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي، وكان قد بدأ يعمل في إعداد البرامج والخطط لعمله المشهود له بالخبرة والكفاءة مع فريقه، غير أن قرارًا آخر جاء سريعًا في شهر يوليو 2024م، تم بموجبه تعيين الأستاذ محمد حيدرة الشقي مساعدًا للأمين العام للأمانة العامة للمجلس الانتقالي الجنوبي لشؤون المحافظات ومنسقيات جامعات الجنوب. ومن هنا ظل الاستاذ محمد الشقي صامدًا كالطَّوْد، ناجحًا في عمله ومشاركاته، حتى إن قرارًا جاء ينص على إعادة هيكلة الهيئات المساعدة لرئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي وإعادتها إلى بنية الأمانة العامة للمجلس الانتقالي الجنوبي، غير أن الأستاذ محمد حيدرة الشقي ظل ثابتًا في منصبه مساعدًا للأمين العام للأمانة العامة للمجلس الانتقالي الجنوبي، نظرًا لحكمته وهدوئه ومشاركته الفاعلة، والعمل بروح الفريق الواحد مع الأمين العام للمجلس الانتقالي الجنوبي، الشيخ الشاب المتميز الشيخ عبد الرحمن جلال شاهر الصبيحي.
(4) المستجدات السياسية والانتصارات التي حققتها قواتنا الجنوبية.
· س: أستاذ محمد الشقي، ما رأيك – وأنت قيادي تحمل منصب مساعد الأمين العام للأمانة العامة للمجلس الانتقالي الجنوبي – في النصر الذي حققته قواتنا المسلحة الجنوبية في وادي وصحراء حضرموت والمهرة، من منظوركم في قيادة المجلس الانتقالي؟
· ج: بدايةً، أترحم على أرواح الشهداء العظام الذين أَرْوَتْ دماؤهم الزكية تراب حضرموت والمهرة خاصة، والأراضي الجنوبية العربية كاملة. وفي المناسبة ذاتها، أبعث أجمل التهاني، باسم الأمانة العامة للمجلس الانتقالي الجنوبي وهيئاته، لشعبنا وقواتنا الجنوبية المسلحة والأمنية على تلك الانتصارات التي حققتها في هاتين المحافظتين، ممثلة بالقائد المناضل والزعيم العظيم والرئيس عيدروس بن قاسم الزبيدي حفظه الله، على ما عَهِدَ به من تحرير وتطهير لتلك المحافظات، وكان نعم الوعد الذي لا يخون. وفي المقام ذاته، يجب على المتابع – سواء في الجنوب العربي أو اليمن الشمالي أو الشقيق العربي أو التحالف العربي – أن يدرك أن تلك الأعمال الوطنية التي أقدمت عليها قواتنا كانت من صميم عملها الوطني في إصلاح الوضع المختل مؤسسيًّا في تلك المحافظات، المتمثل في القضاء على الإرهاب وتهريب الأسلحة والمخدرات، وهو المكفول بنصوص اتفاق الرياض الأول والثاني وقرار نقل السلطة. ويجب أن تقرأ قوى الشمال التفسيرات حول نقل القوات التابعة للمنطقة العسكرية الأولى من هذه الناحية، ومن دون اجتهادات. هذا من جهة. ومن جهة ثانية، أن قواتنا دخلت المحافظات التي تعبث فيها القاعدة وأدوات الإخوان والتهريب والمخدرات والأسلحة، كان بناءً على تفويض مليونية الجماهير التي فَوَّضَتْها بالدخول؛ لأن الشعب في تلك المحافظات هم أصحاب الشرعية، نظرًا لما عانوه من معاناة جراء التهريب والاتجار بالأسلحة. وبهذا، يجب أن يدرك شعب الجنوب، الذي هو أصل الشرعية في قرار نقل السلطة، وما يملك من قوة الوجود على الأرض التي هي شرعيته، وصاحب الشرعية الفعلية الواقعية والاستراتيجية، أن له الحق أن يتدخل في إصلاح الاختلالات المؤسسية التي تضر بكيان الشرعية برمتها. ولماذا تثير القوى الإخوانية والقوى المتماهية معها كل هذا الصياح حين تتدعي حرصها على الشرعية؟ وحين نوجه للقوى التي تصف قرارات دخول قواتنا إلى صحراء حضرموت والمهرة بهذا السؤال: لماذا كل هذا الصياح والعويل والضجيج من اجتثاث مصادر تمويل الحوثي من التهريب والاتجار بالأسلحة، ودخول الأموال المشبوهة التي تحاول وتعمل – بدعم من داخل مجلس القيادة الرئاسي نفسه – على تقويض السلطة المحلية في تلك المحافظات من قبل القوات المسلحة الجنوبية؟ وهم يعرفون يقينًا أن الدول الكبرى الدولية والإقليمية تعلم علم اليقين أن الحوثي لا يستمد مقومات بقائه ومصادر تمويله إلا من مصدرين أساسيين: هما مصدر البحر، والقوى الدولية هي من تقوم بالمهمة عبر الازدهار التجاري لبريطانيا وأمريكا ومَن معها. وما بقي هو كيف تؤمِّن المناطق والمحافظات التي تسيطر عليها الإخوان وأجندات تتبع الحوثي في محافظات جنوبية، مما يجعل الأمر يستهدف تشويه جهود وإنجازات القوات الجنوبية المسلحة، وهي التي يجب اجتثاثها. وهو ما قامت به القوات الجنوبية وقيادتها في الأيام القليلة الماضية.
(5) اعتصامات الجماهير بساحات الاعتصام المفتوح: بين دلالة الاستمرارية والأهداف الإنجازية المنتظرة
· س: أستاذ محمد الشقي، بوصفك أمينًا مساعدًا لشؤون المحافظات ومنسقيات جامعات الجنوب، ما دلالة استمرارية الاعتصامات المفتوحة التي تمثل مسارًا نضاليًّا سلميًّا، لكنها هذه المرة تقول: تلك الجماهير لا، ولن، ولن تبرح من الساحات حتى تتحقق أهداف الدولة الجنوبية الناجزة؟ كيف تقرأ هذا؟
· ج: بصراحة، الجنوب، على مراحل تاريخه النضالي والكفاحي، له تاريخ ثقافي وإرث حضاري في الوعي السلمي من جهة، والنضال الكفاحي من جهة أخرى. ومَن يملك إرثًا صلبًا من النضال السلمي والكفاحي، لا شك أنه يعرف كيف يسير بالخيارين المطلوبين منه في الواقع، والمتَّجَه المطلوب منه في التوجه المنطقي الآمن، الذي تحدده القيادة نحو الهدف الأسمى، وهو التحرير والاستقلال. القيادة تعلم علم اليقين أن الشعب يفهم مسارات النضال والكفاح معًا، وقد أثبتت الوقائع مسيرة نضالية وكفاحية ليست بالقليلة ولا مفروشة بالورود، وهو ما يدركه الشعب، وما يَثِقُ به في القيادة. وهو ما يجب أن يفهمه أولئك المتربصون بمحاولاتهم حين ينبرون للتشكيك في قدرة الجماهير على التعبير عن تطلعاتهم بصورة حضارية، ويحاولون أن يدفعوا باستغلالية حاقدة وخبيثة، وفيها غمطٌ للحسد والحقد، حين يسخرون من هذه الاعتصامات المفتوحة بنكهتها السلمية. وفي المقابل، وكأنهم لا يعرفون ما سطرته قواتنا الباسلة على الثغور والجبهات، وفي المدن، بحماية المنشآت الحيوية والمياه الإقليمية والدولية، ومكافحة التهريب والتنظيمات الإرهابية، وكيف تصدت ولقَّنت المليشيات الحوثية شر الهزائم. والغاية التي يجب أن يفهمها مَن يحاول أن يقلل من أهمية تلك الاعتصامات المفتوحة، نقول له: هو التفويض الشعبي الكامل والأبدي للرئيس عيدروس الزبيدي في السير بالمشروع الجنوبي العربي نحو الأهداف التي تنطلق من أهداف المجلس الانتقالي الجنوبي وأدبياته، ومضامين ميثاق الشرف الوطني الجنوبي، وتفويض القوات المسلحة الجنوبية والأمنية الجنوبية أن تكون في أُهْبَة الاستعداد لمواجهة مَن يحاول أن يعبث بأمن الجنوب العربي وحماية مكتسباته.
زر الذهاب إلى الأعلى