صوت الضالع / رامي الردفاني
في تحوّل سياسي وإداري غير مسبوق، تتجه مؤسسات الدولة في العاصمة عدن بخطى ثابتة نحو حسم موقفها الوطني، معلنة اصطفافها العلني خلف المجلس الانتقالي الجنوبي، وتأييدها الصريح لمطلب استعادة دولة الجنوب العربي كاملة السيادة، استجابةً لإرادة شعبية جارفة فرضت نفسها في الميادين والساحات.
فقد أعلنت ست عشرة وزارة حكومية، إلى جانب وزراء ونواب وزراء ووكلاء وقيادات سلطات محلية في العاصمة عدن وعدد من محافظات الجنوب، في بيانات رسمية متزامنة، التزامها الكامل بالعمل تحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، ووقوفها إلى جانب القوات المسلحة الجنوبية باعتبارها الضامن لأمن الجنوب واستقراره، والحامل الميداني لإرادة شعبه.
كما يعكس هذا الإعلان انتقال قضية الجنوب العربي من مرحلة الضغط الشعبي وحده إلى مربع القرار المؤسسي، حيث أكدت القيادات الحكومية الجنوبية أن دعمها لقيادة المجلس الانتقالي، وعلى رأسها الرئيس عيدروس بن قاسم الزُبيدي، يأتي انسجاما مع المطالب الشعبية الواضحة التي عبّرت عنها الحشود المليونية في ساحات الاعتصام المفتوح بمختلف محافظات الجنوب.
وشدد المسؤولون الجنوبيين على أن إعلان دولة الجنوب العربي لم يعد خيارا سياسيا مؤجلًا، بل استحقاقًا وطنيا تفرضه الوقائع على الأرض، هو بالتفاف الشارع الجنوبي، وانسداد أفق الحلول التي تجاهلت إرادة الجنوبيين لعقود طويلة من الزمن.
وفي رسالة طمأنة داخلية وخارجية، أكدت الوزارات والهيئات الحكومية استمرار العمل الإداري بصورة طبيعية، وضمان الانضباط الوظيفي، واستمرار تقديم الخدمات للمواطنين دون انقطاع، رغم حساسية المرحلة، بما يعكس وعيا عاليا بمسؤولية الدولة، وحرصا على عدم تحميل المواطنين أي أعباء إضافية.
واعتبرت القيادات الجنوبية أن الحفاظ على استقرار المؤسسات يمثل جزءا أصيلا من معركة استعادة الدولة، وأن بناء دولة الجنوب يبدأ من انتظام مؤسساتها، لا من تعطيلها.
وفي سياق متصل، وجّه المسؤولون دعوة مباشرة إلى المجتمع الدولي والتحالف العربي لاحترام تطلعات شعب الجنوب، وتمكينه من ممارسة حقه السياسي المشروع، بعد أكثر من ثلاثة عقود من المعاناة، منذ حرب صيف 1994م، وما أعقبها من تهميش ممنهج، وإقصاء سياسي، وتدهور اقتصادي وخدمي وأمني.
وأكدوا أن ما سُمّي بـ«الوحدة اليمنية المشوؤمة» فشلت عمليا وسياسيا، وتحول إلى عبء على الجنوب وأهله، وأن تجاهل هذه الحقيقة لم يعد ممكنا في ظل التحولات الإقليمية والدولية.
كما شملت الوزارات التي أعلنت، اليوم العمل تحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي والمطالبة بإعلان دولة الجنوب العربي، وزارات سيادية وخدمية محورية، من بينها: النقل، الأشغال العامة والطرق، الاتصالات وتقنية المعلومات، التخطيط والتعاون الدولي، الكهرباء والطاقة، الصحة والسكان، الإدارة المحلية، الأوقاف والإرشاد، الشباب والرياضة، الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، العدل، إلى جانب وزير الدولة محافظ العاصمة عدن.
كما سبق ذلك يوم أمس إعلان خمس وزارات أخرى الموقف ذاته، في مؤشر واضح على اتساع رقعة التأييد داخل بنية الدولة الجنوبية، وتزايد القناعة بضرورة الاصطفاف خلف قيادة واحدة تمتلك مشروعًا وطنيًا واضح المعالم.
“السلطات المحلية تدخل على خط الحسم”
ولم يقتصر هذا التحول على الوزارات، إذ أعلنت السلطات المحلية في العاصمة عدن، ومحافظات الضالع، وسقطرى، وأبين، تأييدها الكامل للمجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المسلحة الجنوبية، فيما أكدت مصادر رسمية أن محافظات أخرى تستعد لإعلان مواقف مماثلة خلال الساعات المقبلة
ويعكس ذلك تشكّل إجماع جنوبي واسع، يتجاوز الأطر النخبوية، ليشمل البنية الإدارية والسياسية والمجتمعية.
وتأتي هذه المواقف السياسية والعسكرية في ظل تطورات سياسية وأمنية متسارعة، تزامنت مع استكمال القوات المسلحة الجنوبية سيطرتها وتأمينها لكافة محافظات الجنوب، ما عزز منسوب الثقة بقدرة المجلس الانتقالي على إدارة المرحلة، وحماية الأمن، وضبط الاستقرار.
وأشار المسؤولون إلى أن غياب عدد من الوزراء عن العاصمة عدن، وتفاقم الفساد، وتجاهل معاناة المواطنين، ساهم في تعميق القناعة بضرورة الاصطفاف خلف قيادة حاضرة على الأرض، تمتلك رؤية وإرادة سياسية صلبة.
وأكد الوزراء والمسؤولون أن موقفهم لا تحكمه اعتبارات حزبية أو مصالح ضيقة بل ينطلق من مسؤولية وطنية تجاه شعب الجنوب العربي، الذي عبّر بوضوح عن خياره في الساحات والميادين، مشددين على أن المرحلة تتطلب توحيد الصف الجنوبي، وتعزيز الشراكة الوطنية، لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، والمضي بثبات نحو استعادة دولة الجنوب العربي ومكافحة الإرهاب.
ويُعد هذا الإعلان تتويجا لحراك شعبي ونخبوي متصاعد تشهده العاصمة عدن وبقية محافظات الجنوب، ويعكس حجم الالتفاف والثقة بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وبقائده الرئيس عيدروس الزُبيدي، حامل المشروع الوطني الجنوبي، والمعبر السياسي عن إرادة شعبٍ حسم خياره نحو الحرية والاستقلال واستعادة دولته كاملة السيادة
زر الذهاب إلى الأعلى