خلال الأيام الماضية كرر الحوثيون تهديداتهم للملاحة البحرية في المياه الدولية، ما دفع الأميركيين إلى أخذ تلك التهديدات والهجمات بكثير من الجدية.
الخطر الحوثي
فالحوثيون قادرون من خلال العتاد الذي يملكونه على عرقلة الملاحة الدولية وتهديد القوات الأميركية.
كما أنهم قادرون على استهداف إسرائيل وأراضي الدول المحيطة بهم حيث يعيش آلاف الأميركيين. وللولايات المتحدة مصالح حيوية وقواعد عسكرية وجنود أميركيون بالآلاف.
وفي السياق، تحدث أكثر من مسؤول أميركي عن هذه المسألة وعكس موظفو إدارة الرئيس جو بايدن في تصريحاتهم نية واضحة في عدم التصعيد ومعالجة الأمور بالتعاون مع الأطراف الدولية والإقليمية.
كل الاحتمالات
إذ من الواضح أن الأميركيين في ظل إدارة بايدن يضعون كل الاحتمالات على الطاولة “ولا يريدون القول إن هذا الخيار أو ذاك ليس مطروحاً”، وهذا مبدأ يتحكم بقرارات الحكومات الأميركية وتحتفظ به إدارة بايدن للقول للحوثيين إنها مستعدة لاستعمال الخيار العسكري لو كانت هناك ضرورة.
ولدى سؤالهم عن الأمر، أكد مسؤولون أميركيون في تصريحات لـ”العربية/الحدث” أن “إدارة بايدن لا تريد أن تتفرّد بمعالجة الوضع في البحر الأحمر ومضيق باب المندب”، مضيفين أن “واشنطن لا تريد أن تظهر وحيدة في مواجهة الخطر الحوثي”.
وتعود هذه المقاربة الأميركية إلى مبدأ متجذر لدى الإدارات الديمقراطية، يقوم على أن الولايات المتحدة ستكون في أفضل حال لو تمكنت من تشكيل تحالفات دولية لمواجهة المخاطر الأمنية والعسكرية وهم يتحاشون مبدأ “أميركا وحيدة” أو “أميركا منفردة في مواجهة طرف دولي أكان دولة أو تنظيماً”.
وكشف مدير مركز أمن الشرق الأوسط في مؤسسة الأمن الجديد لأميركا لـ”العربية/الحدث” أن “الهدف هو القول إن الأمن البحري في البحر الأحمر وباب المندب ومضيق هرمز مهم جداً للعالم أجمع”، موضحاً أنه لذلك “ترحّب الولايات المتحدة بمقاربة أوسع وشاملة يشارك فيها عدد من الدول لمواجهة الحوثيين وضبط عملياتهم الإرهابية”.
إعادة التصنيف
وعملت إدارة بايدن منذ الأسبوع الأول لولايته على إعادة النظر في التعامل مع الحوثيين، وسارعت إلى رفعهم عن قائمة الإرهاب، واعتبرت أن التحدث إليهم والوصول إلى وقف لإطلاق النار سيكون مدخلاً جيداً للوصول إلى اتفاق سلام يمني شامل.
غير أن هذه الإجراءات أغضبت الحكومة اليمنية لأن إدارة بايدن فعلت مع الحوثيين ما فعلته أيضاً مع إيران، حيث تخلّت عن سياسة الضغط الشاملة وأعطت متنفساً للحوثيين.
ولم يمض وقت طويل حتى اعتبرت واشنطن أنها حققت بعض أهدافها من خلال وقف إطلاق النار، لكنها شعرت بعد حين أن الحوثيين يماطلون وهم غير مستعدين لتقديم تنازلات ضرورية للوصول إلى اتفاق شامل مع الحكومة الشرعية.
هكذا يهدد الحوثيون حركة الملاحة العالمية
ثم مرّ الوقت واصطف الحوثيون إلى جانب إيران والميليشيات الموالية لها وسعوا إلى الاعتداء على الملاحة الدولية ووجهوا صواريخهم باتجاه البحر الأحمر وإسرائيل.
فيما ارتفعت أصوات في واشنطن مطالبة بإعادة تصنيف الحوثي، وكان آخرهم مساعد وزير الخارجية السابق للشؤون العسكرية والسياسية كلارك كوبر الذي قال إن “هناك خطوات يمكن اتخاذها لمنع العمليات الإرهابية مثل فرض العقوبات”. لكنه اعتبر أنها غير كافية وأشار في مقال له أنه من الممكن أيضاً زيادة الحملة الدبلوماسية الدولية وتوجيه العقوبات “وشن عمليات عسكرية دقيقة”.
مقاربة بايدن
وبحسب مسؤولين أميركيين، فإن توسيع التحالف البحري سيعطي الأسرة الدولية الفرصة لتنسيق العمل ضد الخطر الحوثي، ويأخذ الأميركيون غطاء أفضل للقيام بعمليات الحماية.
من وجهة نظر عسكرية صرفة، يمكن للولايات المتحدة مع الدول الحليفة الحالية القيام بالمهمة ومنع الحوثيين من استعمال القوارب للوصول إلى السفن.
كما يستطيعون مواجهة المسيرات البحرية والجوية والصواريخ التي يطلقها الحوثيون، حيث لديهم القوة الكافية والبنية التحتية الضرورية لضمان أمن وسلامة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب. ويرى الكثيرون أنه لا ضرورة لتوسيع القوة البحرية المشتركة الموجودة الآن.
إلا أن بعض الخبراء العسكريين يعتبرون عكس ذلك، ولا يرون أنه يمكن احتواء المخاطر الحوثية من دون توسيع القوة، وأنه يجب ضرب أهداف حوثية مثل مواقع الرادارات في منطقة سيطرة الحوثيين.
كما يعتبرون أن عملاً جدياً يجب أن يتم لضرب وسائل الاتصال بين الحرس الثوري الايراني والحوثيين، وأن يجري قطع قناة تبادل المعلومات بين الطرفين، خصوصاً أن الإيرانيين يوفرون المعلومات عن السفن المبحرة في البحر الأحمر وباب المندب، فيما يقوم الحوثيون بعد تسلم المعلومات الاستخباراتية بشن الهجمات.
فصل الحوثيين
لكن المخاطرة لا تكمن فقط في استفزاز الحوثيين الذين يملكون ترسانة من المسيرات والصواريخ، بل لأن الأميركيين، بحسب مسؤولين تحدثوا لـ”العربية/الحدث”، يريدون الإبقاء على فصل هذه المخاطر الحوثية عن مسار الحرب بين حماس وإسرائيل وكل ما يجري بين حزب الله والميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق وبين اسرائيل.
وقال جوناثان لورد أيضاً في تعليق لهذا المقال إن على دعاة الضربات العسكرية أن يفكروا ملياً واعتبر أن الضربات العسكرية ستخدم “مصالح إيران بتوسيع الصراع إلى الميليشيات الموالية لها”.