كتب : عارف عادل
إن تقلد المسؤولية ليس مجرد منصب أو امتياز، بل هو اختبار حقيقي للنفس والقيم، ويتطلب رحابة صدر تتجاوز الأحقاد والضغائن. فالمسؤول الحقيقي هو من يعفو ويتسامح، ويضع مصلحة الناس فوق مشاعره الشخصية، ولا يجعل من منصبه وسيلة للانتقام أو ممارسة الظلم.
كل مواطن يكدّ ويجتهد بحثًا عن فرصة عمل تحقق له أبسط حقوقه في العيش الكريم. وبعد رحلة البحث المضنية، تبدأ الأحلام بالتحليق لتحقيق الاستقرار وتوفير الأساسيات وربما الكماليات. لكن تلك الأحلام قد تتحطم إذا صادف هذا المواطن مسؤولًا يحمل في قلبه حقدًا شخصيًا، ربما نتيجة انتقاد علني سابق أو كشف فساد ممارساته.
أن تكون مسؤولًا يعني أن يتسع صدرك للنقد، وتتعامل مع الإعلام كوسيلة تصحيحية لا كعدو يجب تحجيمه. الإعلام الحر هو عين المواطن، يكشف الفساد دون تحريض أو تشهير، ويعطي للمسؤول فرصة لمراجعة نفسه وتصحيح مساره. لكن المؤسف أن البعض ينظر للإعلام كتهديد، ويُمارس ضد منتقديه أقصى درجات القمع والانتقام، بدلًا من استيعاب النقد والعمل على تحسين أدائه.
إن المسؤول الذي يحتفظ في قلبه بضغائن أو يستغل منصبه لتصفية حسابات شخصية، لا يمكن أن يكون مؤتمنًا على مصالح الناس. فالحقد داء يهدم المجتمعات ويُفسد الأوطان، والمسؤولية لا تصلح إلا لمن يتمتع بالنزاهة والحكمة ورحابة الصدر.
لن تزدهر المجتمعات ولن يتحقق العدل إلا بوجود مسؤولين يجعلون من النقد وسيلة للتطوير، لا ذريعة للانتقام. فالعمل للمصلحة العامة يتطلب التسامح، والاستماع لصوت الإعلام الحر بكل شجاعة، بدلًا من محاربته أو تشويهه.
زر الذهاب إلى الأعلى