مقالات وتحليلات

الرئيس عيدروس الزُبيدي لا يعني العودة إلى الحكم القبلي ولم يتجاهل الواقع الاجتماعي ويسعى لتأسيس دولة قوية حديثة

الرئيس عيدروس الزُبيدي لا يعني العودة إلى الحكم القبلي ولم يتجاهل الواقع الاجتماعي ويسعى لتأسيس دولة قوية حديثة

كتب : اصيل الحوشبي

مقدمة.. في ظل النقاشات السياسية الدائرة حول مستقبل الجنوب يثار الجدل حول توجهات الرئيس عيدروس الزُبيدي وإدارته للمجلس الانتقالي الجنوبي خصوصًا فيما يتعلق بدور القبائل والوجاهات الاجتماعية البعض يروج لفكرة أن توجهاته تعني العودة إلى الحكم القبلي بينما يتجاهل آخرون أنه يتعامل مع الواقع الاجتماعي كما هو وليس كما يجب أن يكون في نموذج مثالي بعيد عن الواقع فلحقيقة أن الرئيس عيدروس الزُبيدي يسعى إلى تحقيق توازن مرن بين الدولة الحديثة والتكوينات الاجتماعية التقليدية بهدف بناء دولة قوية تستوعب الجميع.

1-الدولة الحديثة ليست قطيعة مع المجتمع

الدولة الحديثة لا تعني إلغاء المكونات الاجتماعية بل استيعابها ضمن إطار قانوني ومؤسسي يحافظ على استقرار المجتمع دون أن يكون بديلاً عن الدولة الرئيس عيدروس الزُبيدي يفهم هذه المعادلة جيدا فهو لم يتجه إلى إحياء السلطنة أو المشيخة كأنظمة حكم لكنه في الوقت ذاته لا يمكنه تجاهل النفوذ الاجتماعي للقبائل والوجاهات التي لا تزال تلعب دورًا في التوازن السياسي والأمني 

لذلك نجد أن المجلس الانتقالي الجنوبي يعتمد على مزيج من القيادات السياسية والعسكرية إضافةً إلى رموز اجتماعية تمتلك نفوذًا في مناطقها لكنه لا يمنحها سلطة سياسية خارج إطار الدولة هذه ليست عودة للحكم القبلي بل هي إدارة ذكية للواقع الاجتماعي كما تفعل كثير من الدول التي تسعى إلى الانتقال نحو الحداثة دون صدامات اجتماعية تهدد استقرارها

2-إشراك القبائل في بناء الدولة وليس حكمها

هناك فرق جوهري بين تمكين القبيلة من حكم الدولة وبين إشراك القيادات الاجتماعية في بناء الدولة الرئيس الزُبيدي يدرك أن الجنوب يتكون من نسيج اجتماعي متداخل وأن إقصاء أي طرف سيؤدي إلى عدم الاستقرار لذلك فإن إشراك القيادات الاجتماعية في العملية السياسية والأمنية يهدف إلى دمجها في مشروع الدولة وليس إعادة إنتاج الحكم القبلي

على سبيل المثال فإن التعيينات في المجلس الانتقالي أو التشكيلات العسكرية لم تكن على أساس الولاء القبلي بل على أساس الكفاءة والقدرة على تحقيق الاستقرار مع مراعاة التركيبة الاجتماعية للجنوب حتى لا تكون هناك مناطق أو مكونات تشعر بالإقصاء

3- بناء مؤسسات الدولة القوية

على الرغم من التحديات فإن الرئيس عيدروس الزُبيدي يسعى إلى إرساء قواعد دولة قوية تستند إلى المؤسسات والقانون وليس إلى الولاءات القبلية أو الشخصية ولعل أبرز ملامح هذا التوجه:

تعزيز وجود مؤسسات الأمن والدفاع بحيث تصبح القوى الأمنية والعسكرية جزءًا من الدولة وليس امتدادا لأي ولاء قبلي أو مناطقي

تفعيل المؤسسات المدنية والإدارية لضمان إدارة شؤون المواطنين بشكل حديث ومنظم

ترسيخ مبدأ المواطنة المتساوية حيث يتم بناء الدولة على أساس الكفاءة والانتماء الوطني وليس على أساس المشيخة أو الانتماء القبلي

4-مواجهة التحديات بمرونة سياسية

الواقع الجنوبي مليئ بالتعقيدات وأي محاولة لبناء دولة حديثة دون التعامل مع هذه التعقيدات بواقعية ستؤدي إلى صراعات داخلية الرئيس عيدروس الزُبيدي يتعامل مع هذه التحديات بمرونة سياسية حيث يسعى إلى التوازن بين الاستقرار الاجتماعي ومتطلبات بناء الدولة

لم يلجأ إلى الصدام مع القبائل كما فعلا اعداء الجنوب ولم يهدف الى إقصائها بل عمل على احتوائها ضمن إطار الدولة

في الوقت ذاته لم يسمح بأن تكون القبائل بديلاً عن الدولة أو سلطة موازية لها

يحاول التدرج في بناء مؤسسات الدولة بحيث تتشكل تدريجيا دون أن تؤدي إلى تفكيك البنية الاجتماعية القائمة

خلاصة القول 

الرئيس عيدروس الزُبيدي لا يسعى إلى إعادة الحكم القبلي لكنه أيضا لا يتجاهل أن الجنوب له تركيبة اجتماعية معقدة تحتاج إلى إدارة حكيمة وليس إلى قرارات صدامية رؤيته ترتكز على إقامة دولة حديثة قوية تحترم الواقع الاجتماعي وتستوعب جميع المكونات ضمن إطار مؤسسي ووطني هذا التوجه هو النموذج المرن الذي يضمن بناء دولة مستقرة حيث لا يتم إقصاء أي طرف ولكن في الوقت نفسه لا يسمح بأن تكون القبائل أو أي مكونات أخرى بديلاً عن الدولة

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى