مقالات وتحليلات

من عهد العروض الأولى… مروراً بسنوات القمع… إلى عودة الجيش الجنوبي للميدان

من عهد العروض الأولى… مروراً بسنوات القمع… إلى عودة الجيش الجنوبي للميدان

 

كتب / طارق القحطاني 

حينما شاهدتُ العرضَ العسكري للقوات المسلحة الجنوبية بمناسبة الذكرى الثامنة والخمسين لعيد الثلاثين من نوفمبر في ساحة العروض بعدن اليوم، شعرتُ وكأن الزمن يشقّ صفحة جديدة من التاريخ ويعيد فتح أخرى كانت مطوية في الذاكرة. تلك اللحظة لم تكن مجرد استعراض قوة، بل كانت استعادة روح وهوية ومسار نضالي حملته أجيال وتعاقبت عليه أخرى دون أن تنطفئ جذوته.

عادت بي الذكريات إلى حقبتين متناقضتين في مسار الجنوب.

الأولى، أيام العروض العسكرية لجيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حين كان العرض العسكري رمزاً للدولة، ومرآةً لهيبتها، ودليلاً على حضورها وإرادتها.

والثانية، وهي أكثر الحقب ألماً ووجعاً، عندما كانت الجماهير الجنوبية تحتشد في مليونيات الثورة السلمية، تهتف للحرية وترفع راية الجنوب، فيما كان الاحتلال اليمني يحاصر الساحات ويقمع المسيرات ويطارد الحلم الجنوبي في الشوارع والبيوت والمعتقلات.

لكن اليوم، وفي اللحظة ذاتها التي تقدمت فيها الكتائب والفرق والتشكيلات العسكرية الجنوبية بثقة وثبات، بدا وكأن الجنوب يستعيد ما فُقد، ويُرمم ما كُسِر، ويعيد إلى الميدان صورته الأولى التي حاولت السنوات القاسية طمسها. إنه أول عرض تاريخي منذ الحقبة الأولى، لكنه هذه المرة جاء محمّلاً بمعاني أكبر من مجرد لباس عسكري أو خطوات منتظمة… جاء محمّلاً بانتصار الإرادة.

من هذه العودة نتعلم أنّ الحق لا يموت مهما طال غيابه، وأن المظلوم قد يضعف لكنه لا يستسلم، وأن الشعوب التي تسير خلف قضيتها بصدق لا يمكن أن يبتلعها التاريخ أو يطويها النسيان. فلكل ظلم نهاية، ولكل حق أصحاب، ولكل مرحلة رجال يصنعونها بأفعالهم قبل كلماتهم.

إن العرض العسكري الجنوبي اليوم ليس نهاية الطريق، بل بدايته… بداية فصل جديد يكتب بالثبات لا بالخطابات، وبالعمل لا بالشعارات، وبالإصرار الذي يؤمن بأن للجنوب أيامه، ولرجاله موعدٌ مع المستقبل الذي يستحقونه.

ختاما الى شعوب الجنوب العظيم: 

إن ما نشهده اليوم ليس مشهداً عابراً ولا لحظة احتفال عادية، بل هو ثمرة نضالكم الطويل وتضحياتكم العظيمة التي سطّرتموها في ميادين الكفاح السلمي والعسكري. هذا الإنجاز هو حصاد صبركم وإصراركم وتمسككم بقضيتكم العادلة مهما اشتدت العواصف وتعاقبت المحن.

وعليكم أن تثقوا بقيادتكم السياسية، ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة القائد البطل اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، التي أثبتت في كل المنعطفات أنها على العهد باقية، وعلى طريق التحرير ثابتة، وفي مواجهة التحديات أكثر قوة وصلابة. وما عليكم اليوم إلا الاصطفاف وتوحيد الصف والكلمة خلفها، فالوحدة هي أساس قوتنا، وهي الطريق الأوضح لانتزاع حقنا واستعادة دولتنا الجنوبية الفيدرالية على كامل أرض الجنوب من المهرة حتى باب المندب.

إننا اليوم نقترب من الحلم الذي عاش في قلوب أجيال… ولن يتحقق إلا بوحدتكم وثقتكم وإصراركم.

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى